في لحظة من أكثر اللحظات حساسية وخطورة على الجبهة الشمالية للكيان المؤقت، تولى اللواء الركن رافي ميلو منصب قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال، في تعيين لم يكن مجرد ترقية عسكرية اعتيادية، بل كان بمثابة إعلان صريح عن تحول استراتيجي في الذهنية العملياتية والعقيدة الأمنية للكيان. فالقائد الجديد الذي تسلّم دفة القيادة عند خط التماس المباشر مع حزب الله وسوريا، لا يمثل فقط امتدادًا لتقليد القيادة العسكرية في المؤسسة الإسرائيلية، بل يُجسّد تحولاً نوعياً نحو نمط قيادي أكثر جرأةً، وأشد هجومية، وأكثر استعداداً لتحمّل الكلفة العالية مقابل بلوغ "نتائج حاسمة" على الأرض.
إن فلسفة ميلو القيادية تتجاوز المفهوم الكلاسيكي للتدرج العسكري والانضباط المؤسسي، نحو رؤية أكثر ديناميكية تنطلق من مبدأ "القيادة من الأمام"، وتعتمد على إلهام الفرقاء الميدانيين لا على السيطرة البيروقراطية عليهم. هو قائد يفضّل الاستباق على الرد، والمبادرة على الانتظار، ويؤمن بأن الحروب في الشرق الأوسط لا تُدار عن بُعد، بل تُحسم على الأرض عبر مناورة برية. وهو ما يتوافق مع تصريحاته المتكررة حول عدم جدوى الاقتصار على القصف الجوي، وضرورة الدخول في "عمل بري مكلف لكنه ضروري لتحقيق النصر"، ما يجعل من تعيينه في الجبهة الشمالية مؤشراً حقيقياً على نية إسرائيلية للانتقال من نمط الردع المحدود إلى نمط الحسم الكامل.
في هذه اللحظة الحرجة، يصبح رافي ميلو، أكثر من أي وقت مضى، رجل المرحلة بالنسبة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، لكنها أيضًا مرحلة قد تحوّله إلى عنوان لهزيمة ثقيلة إن هو بالغ في تقدير قدراته، أو أخطأ في حساب التوازنات الإقليمية المعقدة.
الهوية الشخصية
ولد رافائيل ديفيد "رافي" ميلو في 17 أبريل 1972، ونشأ في موشاف كفار يديديا على السهل الساحلي في وسط فلسطين. هو ابن أوري وإيفا ميلو. وقد سمي على اسم عمه، الرائد في الكوماندوس البحري رافي ميلو، الذي قُتل عام 1969 خلال عملية رافيف التي استهدفت أحد مواقع الدفاع الجوي المصري على الضفة الغربية لقناة السويس، ويبدو أن هذا الإرث العائلي الذي يتكون من الاسم ومن الخدمة العسكرية في سلاح البحرية الصهيوني هو الذي دفع "ميلو" إلى بداية خدمته العسكرية في البحرية الصهيونية.
الخدمة الأولية في شيطيت 13 وتجارب القتال التكوينية
التحق ميلو بجيش الاحتلال في أغسطس 1990، متطوعاً في وحدة العمليات الخاصة البحرية النخبوية، شيطيت 13. وقد وضعه هذا الاختيار على الفور في مسار خدمة عسكرية عالية المستوى ومتطلبة. بعد إتمامه التدريب القاسي لأفراد وحدة الشيطيت 13.
التحق بدورة ضباط المشاة، وعند الانتهاء من الدورة، عاد إلى شيطيت، وعُين قائداً لفصيلة وخدم هناك خلال مرحلة احتلال جنوب لبنان وشارك في عملية عناقيد الغضب عام 1996. كانت هذه التجارب المبكرة في مسرح عمليات متقلب شديدة الأهمية في تشكيل شخصيته العسكرية. ومن الجدير بالذكر أنه بعد ست سنوات من الخدمة الفعلية، تم تسريحه عام 1996، لكنه عاد إلى وحدة الشيطيت عام 1997 بعد كمين أنصارية.
تأثرت فلسفة ميلو خلال تدرجه كقائد بشكل دائم بخبرته العسكرية التأسيسية في شيطيت 13، وهي وحدة عمليات خاصة بحرية نخبوية. هذه البيئة عادة ما تعزز سمات مثل المبادرة، والقدرة على التكيف، واتخاذ القرارات المستقلة تحت الضغط، في ظروف عالية المخاطر. يشير مساره المهني اللاحق، بما في ذلك قيادة وحدات استطلاع جولاني وعودته لقيادة شيطيت 13، إلى تقارب ثابت وخبرة في هذا النوع من العمليات.
أدوار القيادة في الوحدات والألوية النخبوية
بعد خدمته الأولية في شيطيت 13، انتقل ميلو إلى لواء جولاني، حيث شغل منصب نائب قائد وحدة إيغوز، وهي وحدة استطلاع مشاة نخبوية أخرى. ثم قاد وحدة استطلاع جولاني (سييريت جولاني) خلال الانتفاضة الثانية، وهي فترة اتسمت بعمليات حضرية ومكثفة.
في عام 2003، رُقي إلى رتبة مقدم وقاد الكتيبة 13 من لواء جولاني حتى نوفمبر 2005. من عام 2005 إلى 2007، عاد إلى شيطيت 13 كقائد لسرب مقاتل.
رُقي إلى رتبة عقيد في عام 2008، ثم قاد لواء إتزيوني حتى عام 2010. ثم قاد لواء برعام الإقليمي من أغسطس 2010 إلى يونيو 2012، وكان مسؤولاً عن جزء من الحدود الإسرائيلية اللبنانية. في تعيين مهم، قاد شيطيت 13 للمرة الثانية من يونيو 2012 إلى يوليو 2014.
قيادة الفرق الإقليمية وكلية الأركان
في 29 يوليو 2015، رُقي ميلو إلى رتبة عميد وعُين قائداً للفرقة الإقليمية 80 "إيدوم" حتى مايو 2017. تعمل هذه الفرقة على طول الحدود المصرية والأردنية، مما منحه خبرة في مسرح عمليات مختلف.
من يوليو 2017 إلى أغسطس 2019، قاد الفرقة الإقليمية 91 "الجليل"، المسؤولة مباشرة عن جزء مهم من الحدود اللبنانية – الفلسطينية. ثم شغل عام 2019 وحتى العام 2022 منصب قائد كلية الأركان والقيادة في جيش العدو، وهو دور أكاديمي وقيادي رفيع داخل الجيش الإسرائيلي.
بين عامي 2022 و 2025 عين قائداً للجبهة الداخلية في فترة حصلت فيها عملية طوفان الاقصى وعمليات الاسناد لغزة ومعركتي أولي البأس وبشائر الفتح حيث تعرضت الجبهة الداخلية بشكل متكرر لتهديدات واستهدافات الصواريخ البالستية والفرط صوتية والمجنحة والمسيرات الانقضاضية من جميع الاتجاهات وكانت أقسى هذه العمليات وأكثرها تأثيراً على الجبهة الداخلية للاحتلال هي الحرب الاخيرة بين ايران من جهة وبين الولايات المتحدة من جهة ثانية والتي حصلت بين تاريخي ( 12-6 -2025 و 24-6-2025 ) وتلقى فيها العدو صفعات بالستية وفرط صوتية تسببت بدمار كبير وبتعطيل للحياة في مدن غوش دام وتل أبيب وحيفا وبئر السبع ووقع عبئ استيعاب هذا الوضع على قيادة الجبهة الداخلية تحت امرة الجنرال رافي ميلو .
في تموز/ يوليو 2025 عين ميلو قائداً للجبهة الشمالية.
العمليات والمواجهات الرئيسية
شملت مسيرة ميلو المهنية مشاركته في عدد من العمليات والمواجهات العسكرية الهامة:
- الاحتلال الإسرائيلي للبنان وعملية عناقيد الغضب: اكتسب ميلو خلالها خبرة قتالية مبكرة كقائد فصيلة في شيطيت 13.
- الانتفاضة الثانية 2001: قاد وحدة استطلاع جولاني (سييريت جولاني) خلال فترة العمليات المكثفة خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية داخل مدن وقرى الضفة الغربية المحتلة.
- عملية الغجر تشرين ثاني عام 2005: قاد الكتيبة 13 من لواء جولاني، وشارك في التصدي لعملية الغجر.
- عملية إنقاذ "منارة كليف" (2005): قاد عملية إنقاذ لمنع اختطاف مستوطن انجرف خلال تدريب بالمظلة فوق مستعمرة مسكاف عام نحو الأراضي اللبنانية. وقد نال ميلو جزاء هذا العمل وسام "ألوف" من قائد القيادة الشمالية، أودي آدم.
- حرب لبنان الثانية (2006): بصفته قائد سرب مقاتل في شيطيت 13، قاد القوة الرئيسية في عملية الإغارة البحرية على مجمع الرز شمال مدينة صور. وقد نال نتيجة خدمته في هذه الحرب، بما في ذلك هذه العملية، وسام "ألوف" ثانياً من قائد البحرية، ديفيد بن-بعشات.
- عملية درع الشمال (2018-2019): بصفته قائد الفرقة الإقليمية 91 "الجليل"، أشرف على هذه العملية لتحديد وتدمير ستة أنفاق هجومية عابرة للحدود حفرها حزب الله من جنوب لبنان إلى إسرائيل. كانت هذه الأنفاق جزءاً من خطة حزب الله الهجومية لاختطاف/قتل المدنيين/الجنود والاستيلاء على جزء من الأراضي الإسرائيلية في حال نشوب أي أعمال عدائية.
تُظهر مسيرة ميلو المهنية استعداداً للمشاركة شخصياً في المواقف عالية المخاطر واتخاذ إجراءات تقترب من المبالغة في المجازفة والتهور. وتشمل الأمثلة قيادة عملية إنقاذ تحت النيران، وقيادة القوة الرئيسية في غارة صور، والأهم من ذلك، استكشافه غير المصرح به لنفق حزب الله. على الرغم من تعرضه للتوبيخ بسبب بعض هذه الإجراءات.
وصفه لنفسه بأنه "قائد قتالي" يشير إلى قائد يشارك بعمق في التفاصيل العملياتية. وهذا ما يترجم خلال قيادته للمنطقة الشمالية إلى موقف عدواني واستباقي للغاية ضد لبنان وربما سوريا، يشمل عمليات مباشرة وغير تقليدية وعالية المخاطر لتفكيك التهديدات. بينما يحمل هذا النهج مخاطر متأصلة، فإنه يشير أيضاً إلى التزام ميلو بالنتائج الحاسمة.
تحليل أسلوب قيادته وفلسفته العملياتية
يُظهر الجنرال رافي ميلو أسلوب قيادة يجمع بين "الإلهام والتعاون"، مع تفضيل واضح للعمل المباشر في الميدان. وقد وصف رئيس أركان جيش العدو الاسبق أفيف كوخافي ميلو بأنه "قائد يتبعه الناس، قادر على حشد الجماهير من خلال قيادة عظيمة وتواضع". ويشدد ميلو نفسه على أن "التعاون" يمثل "محور المحاور من خلال قوة القيادة بدلاً من قوة الأمر، ومن خلال قوة الالتزام". هذا يشير إلى تفضيله إلهام وتمكين مرؤوسيه بدلاً من مجرد إصدار الأوامر إليهم.
يتسق نهجه كـ "قائد قتالي" مع أفعاله، مثل استكشاف النفق غير المصرح به: "أنا قائد قتالي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال ألا أدخل لأرى النفق بأكمله". هذا يدل على نهج عملي ومباشر وفطري لفهم ساحة المعركة.
كما يتميز بقدرته على التكيف والابتكار، حيث يؤمن بتطوير "أساليب جديدة للحرب" وتكييف الأسلحة بسرعة لتحقيق نتائج دقيقة، مشيراً إلى أن "التحدي العملياتي يضعك في موقف يتطلب منك تطوير سلاح مناسب في غضون أيام أو أسابيع قليلة، وتحديده بدقة والتأكد من أنه يحقق النتيجة بدقة المليمتر".
على الرغم من أن ميلو لم يذكر ذلك صراحة في المصادر، فإن عقيدة الجيش الإسرائيلي الأوسع، كما عبر عنها الجنرال تامير ياداي، تؤكد أن "إسرائيل لا تستطيع هزيمة العدو بدون مناورات برية" وأن "النصر على الأرض" يأتي بتكلفة. نظراً لخلفية ميلو الواسعة في القوات الخاصة ووحدات القتال البري، فمن المرجح جداً أنه يتبنى هذه الفلسفة العملياتية.
الثغرات والأخطاء التي ارتكبها ميلو:
شهدت مسيرة اللواء ميلو المهنية عدة حوادث بارزة، بعضها أدى إلى توبيخات، مما يعكس طبيعة القيادة عالية المخاطر التي يتبناها:
توبيخ عام 2004 (قطاع غزة): تعرض للتوبيخ من قبل رئيس الأركان آنذاك موشيه يعالون بعد مقتل ثلاثة من رجال الشرطة المصرية عن طريق الخطأ خلال نشاط عملياتي لفرقته في قطاع غزة. يسلط هذا الحادث المبكر الضوء على المخاطر المتأصلة والبيئة عالية المخاطر لأدواره القيادية.
فقدان جهاز كمبيوتر سري (2008-2010): خلال قيادته للواء إتزيوني، فقد جهاز كمبيوتر شخصي يحتوي على ملفات ومعلومات سرية. كان هذا خرقاً أمنياً خطيراً، مما يشير إلى إهمال في البروتوكول.
استكشاف النفق غير المصرح به (2019): بصفته قائد الفرقة الإقليمية 91 "الجليل"، قاد ميلو قوة صغيرة إلى نفق لحزب الله يمتد داخل الأراضي اللبنانية، دون تنسيق أو إبلاغ رؤسائه، بعد عملية الدرع الشمالي. وقد أفادت التقارير أن رئيس الأركان أفيف كوخافي كان "غاضباً" ووبخه، مما أخر ترقيته إلى رتبة لواء حتى عام 2022. تحمل ميلو المسؤولية لكنه دافع عن تصرفه ووصف تفسه "قائد قتالي" يحتاج إلى رؤية النفق بأكمله. وتدخل قائد القيادة الشمالية أمير برعام نيابة عن ميلو، مشيداً بـ "سجله العسكري المتميز".
"توبيخ شديد" لتصريحات خارج النص: تلقى "توبيخاً شديداً" من رئيس الأركان السابق الفريق هرتسي هاليفي بسبب "تصريحات خارج النص موجهة إلى القادة السياسيين لإسرائيل خلال مؤتمر صحفي". هذا يشير إلى استعداده للتعبير عن آرائه علناً، حتى لو كان ذلك يتحدى المستوى السياسي.
الموافقة على إجازات وقت الحرب (ديسمبر 2024): تعرض لانتقادات من كبار ضباط الجيش الإسرائيلي بسبب بدء فترة إجازة جماعية لأفراد قيادة الجبهة الداخلية خلال وقت الحرب النشط، دون موافقة صريحة من رئيس الأركان. وقد دافعت مصادر من قيادة الجبهة الداخلية عن هذا القرار، الذي اتخذ وسط تصعيد في إطلاق الصواريخ، باعتباره مبادرة لتوفير استراحة للأفراد المهنيين الذين لم يتمكنوا من استخدام إجازاتهم السنوية بسبب أعباء العمل الثقيلة، مع بقاء الوحدات العملياتية الحيوية غير متأثرة.
نظرة عامة على فترة ولايته كقائد للجبهة الداخلية
وتولى ميلو رسمياً قيادة الجبهة الداخلية في 18 يوليو 2022. تميزت فترة ولايته بتحديات كبيرة، بما في ذلك "قتال كبير ضد حزب الله ". وقاد قيادة الجبهة الداخلية خلال "حرب الكيان المؤقت التي استمرت 12 يوماً مع إيران"، والتي تطلبت استدعاء جميع أفراد الاحتياط في الوحدة لإدارة تأثيرات الصواريخ الباليستية في جميع أنحاء الكيان.
وقد أكد باستمرار على الأهمية الحاسمة لـ "المسؤولية الشخصية" للمدنيين والالتزام الصارم بتعليمات قيادة الجبهة الداخلية أثناء الهجمات. وشدد على ضرورة الدخول إلى المساحات المحمية أثناء التنبيهات، مستشهداً بتأثير صاروخ باليستي مباشر في حولون حيث لم يصب المدنيون الذين دخلوا ملجأ بأذى، واصفاً إياها بـ "مثال استثنائي على سلوك المدنيين".
تحت قيادته، شاركت قيادة الجبهة الداخلية بنشاط مع المجتمعات الشمالية والمرافق الطبية مثل مستشفى رامبام لتعزيز الاستعداد للطوارئ والتواصل مع القطاع المدني. وقد بذلت وحدته جهوداً كبيرة لتعزيز البنية التحتية في شمال فلسطين المحتلة، بما في ذلك تركيب حوالي 1300 ملجأ واقٍ و20 نقطة حراسة محصنة، وتوزيع 3700 خزنة على فرق الطوارئ.
تركيزه على المرونة المدنية والاستعداد
أقر ميلو صراحة بالتأثير العميق لأحداث 7 أكتوبر، مشيراً إلى أنها "كسرت ثقة المدنيين الإسرائيليين بالجيش الإسرائيلي" وأن استعادة هذه الثقة والشعور بالأمان ستكون عملية صعبة وتستغرق وقتاً طويلاً. وقد أكد أن "حتى عندما يتغير نوع التهديد، تظل طريقة الحماية كما هي"، مشدداً على الاستعداد المستمر. وشمل تركيزه الحوار المستمر مع السلطات المحلية والمجتمعات على طول خط المواجهة لتعزيز الاستعداد للطوارئ.
تصريحات وملاحظات بخصوص التهديد الشمالي خلال هذه الفترة
أجرى ميلو تقييمات صارمة للوضع الشمالي، مشيراً إلى أن "الوضع في الشمال أسوأ منه في الجنوب" وأن الكيان المؤقت "لم يتعامل جدياً بعد مع الشمال". واعترف بأنه على الرغم من "الإنجازات الكبيرة" ضد البنية التحتية لحزب الله، فإن "التهديد لم يتم إزالته بعد". وكانت إحدى الأولويات الرئيسية التي ذكرها ميلو هي أن السكان في الشمال لا يمكنهم العودة إلى ديارهم "طالما لا يزال هناك خطر أمني". وأشار إلى أن الكيان المؤقت "حدد موعداً مستهدفاً لحرب مع حزب الله" ويخطط له بنشاط، واصفاً إياه بأنه "وضع مختلف تماماً" يتطلب استعدادات مكثفة. وقد صرح بهدفه الشامل للجبهة الشمالية بشكل لا لبس فيه: "نريد تغيير الواقع الأمني في الشمال بشكل جذري، حتى نتمكن من إعادة السكان إلى ديارهم بأمان، وبشعور الأمان". وذكر أيضاً "جهداً هجومياً كبيراً جداً" مستمراً يتضمن ضربات لاستنزاف قدرات وموارد حزب الله. وأقر ميلو بأن أي صراع شمالي مستقبلي سيؤثر حتماً على الجبهة الداخلية، لكنه سلط الضوء على تقدم جيشه التكنولوجي في قدرات النيران وأنظمة الدفاع.
من المرجح أن تعطي استراتيجيته الأولوية للعمل العسكري الحاسم الذي يهدف إلى تحييد التهديدات من مصدرها، حتى لو استلزم ذلك عمليات كبيرة، لأن الهدف النهائي هو سلامة المستوطنين وعودتهم. إن منظوره الفريد الذي يربط الأبعاد العملياتية والمدنية للأمن القومي يضعه في موقع يمكنه من قيادة نهج أكثر شمولية وعدوانية للقضاء على التهديدات التي تؤثر بشكل مباشر على الجبهة الداخلية.
تظهر تصريحات ميلو العامة كقائد للجبهة الداخلية تقييماً مدروساً ومتصاعداً للتهديد الشمالي. فقد صرح بأن الوضع في الشمال "أسوأ منه في الجنوب" وأن تهديد حزب الله "لم يتم إزالته بعد" على الرغم من الجهود المستمرة. إن الإشارة إلى "موعد مستهدف لحرب مع حزب الله" والحاجة إلى الاستعداد لـ "وضع مختلف تماماً" يشير إلى إدراكه للطبيعة الخطيرة والمتصاعدة للتحدي، والتي تتجاوز المواجهات السابقة. هذا يشير إلى أن ميلو يتولى قيادة القيادة الشمالية بتقييم واضح لحجم التحدي. وقد منحه دوره السابق نقطة مراقبة فريدة حول عواقب هذا التهديد على الجبهة الداخلية. يشير هذا الفهم إلى أنه سيدعو إلى استراتيجيات تتناسب مع هذا التهديد الخطير وينفذها، وربما تتضمن عمليات أكبر حجماً وأكثر استباقية، من السابق.
أولويات ميلو الاستراتيجية المعلنة ونهجه العملياتي للجبهة الشمالية
تتضح أولويات اللواء ميلو الاستراتيجية ونهجه العملياتي من تصريحاته وسجلّه.
- التغيير الجذري: هدفه الأساسي المعلن هو "تغيير الواقع الأمني في الشمال بشكل جذري، حتى نتمكن من إعادة السكان إلى ديارهم بأمان، وبشعور بالأمان". هذا يشير إلى تجاوز مجرد الردع إلى نهج أكثر حسمًا.
- الإقرار بالتهديد المستمر: يقر صراحة بأنه على الرغم من الإنجازات السابقة، فإن تهديد حزب الله "لم يتم إزالته بعد"، وأن السكان لا يمكنهم العودة "طالما لا يزال هناك خطر أمني".
- توقع الحرب: أشار ميلو إلى أن الكيان المؤقت لديه "موعد مستهدف لحرب مع حزب الله" مخطط له بنشاط، واصفاً إياه بأنه: "وضع مختلف تماماً" يتطلب استعدادات مكثفة. هذا يشير إلى موقف استراتيجي استباقي، وليس مجرد رد فعل.
- التركيز على "حرية العمليات": يعتبر "حرية العمليات" أمراً بالغ الأهمية لجيش العدو، هذا يعني الاستعداد لإجراء توغلات برية وضربات استباقية ضد البنية التحتية والأفراد المعادين.
- الاستعداد للتصعيد: يعتقد ميلو أن "هناك أموراً يجب أن تتغير فيما يتعلق بالقوة والمخاطر التي نتحملها، وأيضاً الضرر الذي نلحقه بالجانب الآخر". هذا يشير إلى احتمال وجود نهج عملياتي أكثر عدوانية وأقل تقييداً، يتماشى مع جانب "القوة غير المتناسبة" في عقيدة الضاحية.
- أسلوب العمليات المباشر: تشير أفعاله السابقة، مثل استكشاف النفق غير المصرح به، ووصفه لنفسه بأنه "قائد قتالي"، إلى تفضيله للمشاركة المباشرة والشخصية في فهم ومعالجة التحديات العملياتية.
- تدابير دفاعية متكاملة: خلال فترة ولايته في قيادة الجبهة الداخلية، تم استثمار كبير في تحصين المجتمعات الشمالية بالملاجئ ونقاط الحراسة والأسوار المحيطة. هذا يدل على نهج شامل للأمن يجمع بين القدرات الهجومية والبنية التحتية الدفاعية القوية والاستعداد المدني.
القيادة الشمالية تحت قيادة اللواء ميلو مهيأة لمواجهة عسكرية كبرى وحاسمة. إن تصريحات ميلو الصريحة حول "موعد مستهدف لحرب مع حزب الله" وضرورة "تغيير الواقع الأمني في الشمال بشكل جذري" إنها تعبر عن ضرورة استراتيجية. إن تقييمه بأن الوضع الشمالي "أسوأ منه في الجنوب" وأن التهديد "لم يتم إزالته بعد" يؤكد الإلحاح. بالاقتران مع فلسفته العملياتية التي تؤكد على "حرية العمليات" والاستعداد لزيادة "الضرر الذي نلحقه بالجانب الآخر"، يشير هذا إلى تحول من إدارة صراع منخفض الشدة إلى السعي بنشاط لتحقيق نتيجة عسكرية حاسمة. توفر عقيدة الضاحية كذلك إطاراً محتملاً لحجم وكثافة هذه العمليات، مستهدفة قاعدة دعم العدو.
تحت قيادة ميلو، من المرجح أن تتبع القيادة الشمالية استراتيجية استباقية وهجومية للغاية، وربما تتضمن مناورات برية واسعة النطاق في لبنان أو سوريا. يهدف هذا النهج إلى حل حاسم، بدلاً من الاستنزاف المطول أو الاحتواء. هذا التحول الاستراتيجي يزيد بشكل كبير من احتمالية تصعيد كبير للصراع في المنطقة، مع عواقب جيوسياسية عميقة على الكيان المؤقت.
يشير تاريخ ميلو القتالي ونواياه المعلنة إلى موقف هجومي عدواني، ومن المرجح أن تتضمن قيادة ميلو استراتيجية متعددة الطبقات تجمع بين العمليات العسكرية الهجومية لتحييد التهديدات من مصدرها مع تعزيز مستمر للتدابير الدفاعية والاستعداد المدني. يهدف هذا النهج المتكامل إلى تحقيق الهيمنة العسكرية واستعادة الحياة الطبيعية والآمنة لسكان الشمال. وسيكون التحدي هو تنفيذ عمل عسكري عدواني مع ضمان حماية المستوطنين في نفس الوقت، وربما الاستفادة من التأثير المدني على جانب الخصم (وفقاً لعقيدة الضاحية) لتحقيق الأهداف الاستراتيجية. إن خبرته التي تربط بين القيادة القتالية وقيادة الجبهة الداخلية تضعه في موقع يمكنه من قيادة مثل هذا الجهد الشامل والطويل الأجل لتحقيق أمن مستدام في الشمال.
الخلاصة: قائد لمرحلة حرجة
- تُعد مسيرة الجنرال رافي ميلو المهنية شهادة على مزيج من الخبرة في القوات الخاصة النخبوية، والخبرة القيادية الواسعة عبر مختلف المستويات العسكرية (من الكوماندوز البحري إلى ألوية المشاة والفرق الإقليمية)، والقيادة الاستراتيجية الأخيرة في حماية المدنيين. إن سجله المهني، على الرغم من أنه اتسم بحالات من المبادرة المتسرعة والتوبيخات التأديبية، يُظهر باستمرار أسلوب قيادة موجهاً نحو النتائج. إن فهمه العميق للتهديد الشمالي، الذي صُقل خلال فترة ولايته في قيادة الجبهة الداخلية، يضعه في موقع فريد لمعالجة التحديات المعقدة والمتصاعدة التي يفرضها حزب الله.
- يشير تعيين ميلو إلى تحول محتمل ومرجح نحو موقف أكثر عدوانية واستباقية وحسماً على الجبهة الشمالية. إن هدفه المعلن "لتغيير الواقع الأمني" والاعتراف بـ "موعد مستهدف للحرب" يشيران إلى نية استراتيجية لحل الصراع الشمالي، بدلاً من مجرد إدارته. من المرجح أن تزداد احتمالية المواجهة العسكرية الكبرى مع حزب الله تحت قيادته، مدفوعة بفلسفته العملياتية التي تعطي الأولوية للعمل الحاسم، حتى لو استلزم ذلك مخاطر كبيرة واستعداداً لإلحاق ضرر جسيم بالخصم. من المرجح أن تتسم قيادته بالاستعداد لتحمل المخاطر واستخدام أساليب عملياتية مبتكرة، وربما برية، لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، مستفيداً من خلفيته القتالية الواسعة.
- ستكون السمة المميزة لاستراتيجيته هي دمج العمل العسكري الهجومي القوي مع تعزيز الاستعداد للجبهة الداخلية، بهدف تحقيق أمن مستدام يسمح بالعودة الآمنة لسكان الشمال.
- سيعتمد نجاح فترة ولايته على قدرته على الموازنة بين دافعه المتأصل للعمل الحاسم والحاجة الملحة للتنسيق الاستراتيجي مع المستوى السياسي والاعتبارات الدولية، لا سيما بالنظر إلى الحساسيات الجيوسياسية واحتمال التصعيد الواسع النطاق على الحدود الشمالية.