الخميس 12 حزيران , 2025 03:54

تفكيك المقاومة: مخططات العدو للبنان

كيان الاحتلال عبر أمريكا يسعى للضغط على الدولة اللبنانية لنزع سلاح المقاومة

تحت مسمى "إضعاف حزب الله لإعادة بناء الدولة اللبنانية" تُرسم خريطة للتدخل الغربي الأميركي والإسرائيلي تحديداً في الشأن اللبناني. في مقال حول هذا الموضوع يسعى لإحداث شرخ بين المكونات اللبنانية نشر موقع "ذا ناشيونال انترست" مقالاً ترجمه موقع الخنادق الإلكتروني، وظهر الكاتب أنه في محل الناصح للدولة اللبنانية لا سيما الرئيس جوزيف عون في كيفية التعامل مع حزب الله و"نزع سلاحه". إلى جانب نقاط أخرى أبرزها:

نزع سلاح حزب الله كشرط "لبناء لبنان جديد"

يدّعي الكاتب أن الرئيس اللبناني الحالي، جوزيف عون، يسعى لنزع سلاح الحزب، مستفيداً مما يسميه "الفرصة التاريخية" بعد تراجع إيران، وسقوط حلفائها في سوريا وغزة. ويقترح أن تدعم واشنطن هذا المسار بـ "حكمة" دون إثارة غضب شعبي يعرقل المشروع.

تحويل الجيش اللبناني إلى أداة مواجهة داخلية

يصف المقال عمل الجيش اللبناني بأنها "عمليات ضد مواقع لحزب الله"، ويشيد بما يعتبره توازناً جديداً للقوة يسمح بالمضي قدماً نحو تفكيك ما يسميه "الدولة داخل الدولة". ويرى أن واشنطن يمكن أن تقدم مساعدات مشروطة، تشمل التمويل والدعم اللوجستي والتقني للجيش اللبناني، مقابل تنفيذ عملية تفكيك الحزب.

التطبيع كهدف استراتيجي نهائي

لا يخفي الكاتب رغبته في تغيير القوانين اللبنانية التي تجرم العلاقات مع كيان الاحتلال، ويعتبرها عائقاً أمام "الازدهار"، ويقترح أن يتولى الرئيس اللبناني هذه المهمة، بعد استكمال مشروع نزع سلاح الحزب.

ولا بد من التنبه إلى أن هذا الطرح، يخفي مشروعاً واضحاً لتفكيك مصادر القوة الذاتية في لبنان، وعلى رأسها سلاح المقاومة، واستبدالها بنظام تابع أمنياً واقتصادياً لأميركا ونشر المقال هو من باب الاطلاع على المخطط الذي يُحاك ضد لبنان.

النص المترجم:

لا يزال هناك الكثير مما يمكن أن تفعله بيروت وواشنطن و"إسرائيل" معاً لإزالة هذه الميليشيا من لبنان.

بينما يتحرك الرئيس اللبناني جوزيف عون لتحييد حزب الله كقوة عسكرية، في إطار جهوده لإعادة بناء بلد دمرته الحروب، يجب على الولايات المتحدة و"إسرائيل" تقديم دعمهما له. لكن عليهما القيام بذلك بمهارة، لتجنّب إثارة ردود فعل عكسية قد تُضعف عون، وتقوّض بالتالي فرص التغيير المرتقب. تأتي الفرصة لتجريد حزب الله بالكامل من أنيابه – وهي فرصة قد لا تتكرر قريباً – في أعقاب قراره الكارثي بفتح جبهة ثانية ضد "إسرائيل" عقب "مجزرة" حماس في 7 تشرين الأول 2023، التي أسفرت عن مقتل 1,200 إسرائيلي. وقد أدى الهجوم المضاد الإسرائيلي على حزب الله في الخريف الماضي إلى تصفية قيادته، ما ترك التنظيم في حالة من التيه والضعف الواضح.

السؤال المطروح الآن هو ما إذا كانت حكومة عون ستتابع مهمتها حتى النهاية، أم أنها ستسمح لحزب الله بإعادة تشكيل نفسه كقوة خطرة وقاتلة. ولا يمكن التقليل من أهمية هذا الخيار، نظراً لحجم الرهانات التي يفرضها على لبنان والمنطقة.

يُعد حزب الله، منذ زمن طويل، أقوى فاعل غير دولتي في الشرق الأوسط، وهو في آنٍ معاً "ميليشيا" وحزب سياسي. وفي المناطق التي يسيطر عليها داخل لبنان، والتي تشكل "دولة داخل الدولة"، يدير حزب الله مدارس ومستشفيات ومؤسسات اجتماعية أخرى. حتى شهر أيلول الماضي، كان يُعتبر العضو الأقوى في محور المقاومة الإيراني، وهو شبكة من الجماعات التي تستخدمها طهران "لفرض نفوذها" في المنطقة وخارجها. لكن الأوضاع تغيّرت بشكل دراماتيكي لكل من إيران وحزب الله، ما يجعل تحرّك الرئيس عون ضد الأخير فرصة كبيرة لواشنطن و"إسرائيل" وللاستقرار الإقليمي عموماً.

عون، الضابط الصارم البالغ من العمر 61 عاماً، والذي شغل منصب قائد الجيش اللبناني سابقاً وانتُخب رئيساً للجمهورية عبر البرلمان في كانون الثاني، يحاول الآن استثمار هذه المستجدات. وقد تعهد بنزع سلاح حزب الله، وتأسيس احتكار الدولة للسلاح. وإذا نجح في ذلك، فسيكون قد وجّه "ضربة" قوية جديدة لإيران وشبكتها الإقليمية. ويبدو أن رئيس لبنان يحقق بعض التقدّم بالفعل. فبينما كان الجيش اللبناني أضعف بكثير من حزب الله في الماضي القريب، بدأ اليوم بتفكيك مئات من "مواقع حزب الله العسكرية ومستودعات أسلحته" قرب الحدود اللبنانية مع "إسرائيل".

لكن يبدو أن الرئيس عون متردد في المضي قدماً بقوة في هذا المسار. فمع استمرار حزب الله في رفض دعوات نزع السلاح، لم يمارس عون ضغوطاً مباشرة على قياداته، كما لم يربط تقديم المساعدات الحكومية للمناطق الخاضعة لسيطرة الحزب بتخلّيه عن سلاحه. إضافة إلى ذلك، يواصل تعيين شخصيات مقرّبة من حزب الله في مناصب رئيسية داخل الدولة.

وهنا يأتي دور كل من واشنطن و"إسرائيل" فكلاهما يريدان نزع سلاح حزب الله. "إسرائيل"، من جهتها، تصعّد عملياتها العسكرية ضد الحزب، وقد استهدفت مؤخراً عشرات من منشآت تصنيع الطائرات المسيّرة ومخازنها، ليس فقط في جنوب لبنان، بل أيضاً في ضواحي بيروت.

في إطار جهودها لمنع حزب الله من استعادة قوته، ينبغي على "إسرائيل" أن تتحرك بحذر، كي لا تثير مشاعر استياء كافية في أوساط الشعب اللبناني تُفضي إلى تعاطف جديد مع هذا التنظيم المحاصر. وتكتسب هذه النقطة أهمية خاصة لأن القادة اللبنانيين، على اختلاف توجهاتهم السياسية، يتفقون في دعوتهم ل "إسرائيل" إلى وقف عملياتها العسكرية داخل لبنان. من جهتها، تضغط واشنطن على بيروت لنزع سلاح حزب الله بالكامل، وتلوّح بحرمان لبنان من المساعدات الأميركية والدولية ما لم يتم ذلك. وهذا جيد، لكن المسؤولين الأميركيين يستطيعون الذهاب إلى أبعد من ذلك. يمكنهم، على سبيل المثال، الدفع نحو تحديد مهلة زمنية لنزع السلاح بالكامل، إلى جانب تقديم وعود بالمساعدات المالية، وتوفير معدات ودعم لوجستي لمساعدة الجيش اللبناني على تنفيذ المهمة. في المرحلة المقبلة، تبقى الكرة إلى حدّ كبير في ملعب الرئيس عون. فكلما تقدم في نزع سلاح حزب الله، قلّ دافع "إسرائيل" لتقويض قدرات الحزب بشكل منفرد.

كما يمكن لعون أن يتطلّع إلى ما هو أبعد. فإذا كان جاداً في فتح صفحة "حقبة جديدة" للبنان، يمكنه الدفع نحو تعديل القوانين القديمة التي تحظر التواصل المباشر بين الشعبين اللبناني والإسرائيلي ما يمهّد الطريق لتقليل التوتر وتحقيق ازدهار أكبر على جانبي "الحدود المشتركة".


المصدر: The National Interest

الكاتب: Lawrence J. Haas




روزنامة المحور