الثلاثاء 20 أيار , 2025 04:30

هدية الشرع الجولاني لإسرائيل: مقتنيات إيلي كوهين

الشرع وكوهين

بين الحين والأخر، ولكي يسجّل انتصارات إعلامية، عوضاً عن خيبات عسكرية أو سياسية. يعمد رئيس حكومة الكيان المؤقت الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الى الإعلان عن عمليات ذات طابع "سري واستخباراتي"، لكي يوهم مستوطني الكيان بأنه صاحب الإنجازات الأمنية والعسكرية الكبرى، ولكي يحول انتباههم عن قضايا أخرى غير المطروحة حالياً، مثل جدوى حربه على قطاع غزة، واستمرار الصمود الاسطوري والإعجازي لفصائل المقاومة الفلسطينية، وبقاء حوالي 59 أسير إسرائيلي بحوزة المقاومة.

لذلك، عمد مكتب نتنياهو الأحد الماضي، الى الإعلان عن استرجاع حوالي 2500 وثيقة وصورة ومقتنيات شخصية، كانت ضمن "الأرشيف السوري الرسمي"، تعود للعميل في جهاز الموساد الإسرائلي إيلي كوهين (الذي أعدمته السلطات السورية قبل 60 عاماً في 18 أيار / مايو 1965 في ساحة المرجة بالعاصمة دمشق). وقال البيان بأن استعادة الأرشيف الخاص بكوهي يعكس "التزام إسرائيل الثابت بإعادة جميع مفقودينا وأسرانا ورهائننا" في إشارة ضمنية إلى الأسرى الذين ما زالوا محتجزين في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023.

وزعمت إسرائيل أن جهاز الموساد هو من تمكن من الاستحواذ على الوثائق ونقلها إلى تل أبيب. فيما كشف مكتب نتانياهو أن هذه العملية تمت بالتعاون مع جهاز استخبارات "شريك إستراتيجي"، وهو ما فتح باب الجدل حول هوية الشريك الإستراتيجي لإسرائيل.

ووفقا لمصادر سورية فإن المواد كانت محفوظة في أرشيف مكتب الأمن الوطني السوري – وهو الجهاز الاستخباراتي الذي كان يرأسه سابقاً اللواء علي مملوك – ووفقاً لهذه المصادر فإن هذه المواد قد عُثر عليها على بُعد بضع مئات من الأمتار من منزل الرئيس السابق بشار الأسد.

هوية الشريك الإستراتيجي لإسرائيل

من المرجّح أن تكون المخابرات الإماراتية - أو التركية - هي المقصودة ببيان مكتب نتنياهو، حول هوية جهاز استخبارات "شريك إستراتيجي"، كونها هي التي ترعى وساطة سرية بين النظام السوري المؤقت وإسرائيل، وهو ما كشفته وكالة رويترز منذ أيام.

وقد أشارت بعض الصحف الإسرائيلية، الى احتمال أن تكون إعادة مقتنيات كوهين، هي في سياق صفقة بين نظام أحمد الشرع الجولاني وإسرائيل. خصوصا أن هذه الخطوة جاءت بعد استعادة الكيان لرفات جندي إسرائيلي من سوريا، كان قد قٌتل خلال اجتياح لبنان عام 1982، وبقيت جثته محتجزة لدى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة.

وكشفت صحيفة الأخبار، أن ممثلي الشرع الجولاني عرضوا على تل أبيب خلال المفاوضات أيضاً، موافقتهم على تسليم الكيان لرفات كوهين (وهو ما كان يرفضه الرؤساء حافظ وبشار الأسد)، وهو ما أصاب المسؤولين الإسرائيليين بالدهشة.

فمن هو إيلي كوهين؟

_يعد أحد أهم وأبرز جواسيس إسرائيل في العالم العربي منذ نشوء الكيان عام 1948، حيث استطاع نسج علاقات وثيقة مع شخصيات سياسية وعسكرية رفيعة المستوى في سوريا، والتأثير بهم والحصول على معلومات خطيرة لصالح الكيان، قبل اكتشاف أمره وإعدامه في ستينيات القرن الماضي.

_من مواليد الإسكندرية بمصر عام 1924، وعندما بلغ من العمر 20 سنة، انضم إلى "منظمة الشباب اليهودي الصهيوني" في مصر. وبعد النكبة سنة 1948، كان من الناشطين في الترويج لهجرة اليهود المصريين إلى فلسطين من أجل الاستيطان فيها.

_في سنة 1949‏ هاجرت عائلته إلى الكيان، بينما تخلّف هو عنهم وبقي في الإسكندرية، حيث عمل لصالح شبكةً للمخابرات الإسرائيلية بمصر، والتي نفذت سلسلة من التفجيرات ببعض المنشآت الأميركية في القاهرة والإسكندرية،‏ من أجل إفساد العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأميركية.

_في سنة 1954، تم إلقاء القبض على أفراد الشبكة في فضيحة كبرى عُرفت حينها بـ "فضيحة لافون"، لكن إيلي كوهين تمكن من إقناع المحققين معه ببراءته، إلا أن أصبح ضمن الشكوك لدى أجهزة الأمن المصرية، وهو ما دفعه لمغادرة مصر بعد سنة 1956.

_عمل مترجماً ومحللاً لدى شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وحاول الالتحاق بجهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي "الموساد" ثم فشل، ما دفعه للاستقالة من شعبة أمان والعمل كمحاسب لدى بعض الشركات الخاصة في تل أبيب. وفي تلك المرحلة تزوج من مستوطنة ذات أصول عراقية تدعى نادية.

_بعد رفض الموساد له، عاد للتواصل معه في بداية الستينيات حيث كان يبحث عن شخص لإرساله للتجسس في سوريا، تحت ستار رجل أعمال سوري يحمل اسم "كامل أمين ثابت"، يمتلك الكثير من الأموال ويعمل في الأرجنتين.

_في سوريا استطاع كوهين - ثابت طوال 4 سنوات، من إرسال الكثير من المعلومات المهمة للموساد (في جميع المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية)، بعد أن كوّن صداقات وعلاقات قوية مع شخصيات سياسية وعسكرية رفيعة المستوى في سوريا. وكان يرسل المعلومات إلى الكيان عن طريق الراديو والرسائل المشفرة. وفي سنة 1965، افتضح أمر كوهين، وألقي القبض عليه متلبساً وهو يُرسل إحدى البرقيات، فقامت السلطات السورية في حينها بالحكم عليه بالإعدام، ونفذ الحكم فجر يوم 18 أيار / مايو 1965.

_ ومنذ إعدامه، لم تتوقف إسرائيل عن محاولة استعادة جثمانه من سوريا، حيث ظل مكان دفنه سراً، ويعتقد أن جثمانه نقل عدة مرات لأماكن مختلفة. وفي العام 2018، تمكنت إسرائيل من الحصول على ساعته، بـ "عملية خاصة للموساد".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور