إنها أزمة الكهرباء المتكررة في العراق، التي رغم الانفاق على هذا القطاع ما بين 60 إلى 80 مليار دولار طوال 18عاماً، لم تستطع الحكومات العراقية المتعاقبة من إيجاد حل لها حتى الآن. أما مسبب المشكلة، فهو أولاً وأخيراً الاحتلال الأمريكي لهذا البلد، الذي لعب دوراً طوال هذه السنوات ومازال، مباشرةً أو عبر دعمه لشبكة الفساد الإداري العام، ومن خلال استثماره في تنظيم داعش الإرهابي، على منع أي نهضة تنموية حقيقية في هذا القطاع، بالإضافة إلى جعل هذه المشكلة سبباً إضافياً يساعد واشنطن في تنفيذ مخططاتها للفوضى في العراق. وأكبر مثال ما حصل في تشرين الأول من العام 2019، حينما كانت أزمة الكهرباء أيضاً، هي شرارة المظاهرات حينها ضد حكومة الرئيس عادل عبد المهدي، والتي كانت تخفي ورائها، السخط الأمريكي على عبد المهدي لتوقيعه اتفاقية استراتيجية مع الصين، والسخط على فوز أغلبية نيابية معادية لها.
لذلك نستطيع أن نعتبر هذه المشكلة هي سيناريو مكرر، لرغبة أمريكية جديدة لكن هذه المرة بهدف تأجيل الانتخابات النيابية المبكرة، لاسيما بعدما باتت تشي التقديرات، بعدم تمكن الجمعيات الأهلية التابعة لها من تحقيق أي إنجاز انتخابي.
ماذا حصل مؤخراً
انقطع التيار الكهربائي على نطاق واسع نهار الجمعة الفائت، بعدما وصلت درجات الحرارة إلى مستويات عالية جداً تعدت ال 52 درجة مئوية. ترافق مع انخفاض كبير في الإنتاج الكهربائي، مما أثر على ملايين العراقيين في مختلف المناطق، ما عدا إقليم كردستان. فوفقًا لبيانات وزارة الكهرباء في صباح ذلك اليوم، كان إنتاج العراق وقتها حوالي 4 آلاف ميغاواط، أي أقل بكثير مما يحتاجه يومياً 22 ألف ميغاواط. وتأثرت بهذا الانخفاض على وجه الخصوص كل من بغداد والمحافظات الجنوبية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن خطوط نقل الكهرباء تعرضت للتخريب والعمليات التفجيرية هي أيضاً، من قبل تنظيم داعش في شمال العراق، خلال الأسابيع والأيام الأخيرة. بحيث أفادت وزارة الطاقة في بيان لها، أن خط 400 ك.ف.أ من كركوك إلى القيارة استهدف الخميس الفائت، بالإضافة إلى إصابة خط 132 ك.ف.أ في محافظة صلاح الدين في نفس اليوم.
أما أكبر عمليات الاستهداف، فكان للخط الكهربائي الذي ينقل 400 ميغاوات من الكهرباء الإيرانية إلى محافظة ديالى العراقية.
دور الولايات المتحدة الامريكية في الأزمة
أما دور الولايات المتحدة الأمريكية فقد اعتبره السيد مقتدى الصدر، أول أسباب المشكلة عبر وصفه في أول بنود بيانه ب "انه ملف استعماري ضاغط ضد الشعب العراقي لتركيعه". ويبرز هذا الدور من خلال:
_ منع العراق من تسديد ديون إيران، على صعيد الغاز والكهرباء تحديداً.
_ عرقلة تنفيذ الشركة الألمانية "سيمنز" لمشاريعها في تطوير قطاع الإنتاج الكهربائي، بعدما فشلت في أن تفرض الشركة الأمريكية "جنرال الكتريك" للقيام بذلك.
وقد اتهمها بذلك السفير الألماني "اوله ديل" بشكل ضمني، خلال لقاء تلفزيوني له العام الماضي، مؤكداً أن واشنطن لم تكن سعيدة بالمشاريع الضخمة التي ابرمتها شركة "سيمنز" مع العراق.
_ تغطيتها للفساد الإداري والحكومي في هذا القطاع خلال الأعوام الماضية، والتي تعيد هذه الأزمة الكشف عن مدى تجذر الفساد فيه.
التعاون الإيراني مع العراق في مجال الطاقة الكهربائية
تعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية العامل الأهم، في صمود هذا القطاع حالياً وخلال كل الأزمات التي مرت على العراق عبر:
_ تصدير ثلث إمدادات الغاز التي تحتاجها معامل توليد الكهرباء.
1.5 مليار الى 1.8 مليار قدم مكعب يومياً.
_ يصل الغاز الإيراني عبر 4 خطوط أنابيب:
1)البصرة 2) السماوة 3) الناصرية 4) ديالى
_ تصدير الطاقة وسد العجز خلال ذروة الطلب على الكهرباء.
_ استمرار التعاون رغم ديون العراق التي تجاوزت 4 مليار دولار على صعيد الغاز فقط.
_ ولأن إيران لم تترك العراق ولن تتركه يعاني من هذه الأزمات، ستعمد بدءاً من الغد الثلاثاء، إلى تزويد البصرة بـ200 ميغاواط قابلة للزيادة. وقد أعلنت محافظة البصرة عن ذلك، عقب تسلم القنصل الايراني الجديد في البصرة علي عابدي لمهامه في المحافظة اليوم، مضيفةً بأن هنالك ملفات كثيرة ساخنة، بانتظار القنصل لحلها من بينها ملف الكهرباء.
وبدوره أكد القنصل عابدي على ذلك حينما قال، بأن أول ملف سيتم مناقشته هو ملف الكهرباء وسيعمل عل حله خلال أيام، اضافة الى الملفات والمشاكل الاخرى والتي سيتم حلها بمساعدة محافظة البصرة.
الكاتب: غرفة التحرير