من الطبيعي أن يلجأ العدو الإسرائيلي ومن خلفه أميركا الشريك الداعم، إلى استراتيجيات التلاعب النفسي وإدارة التوقّعات كجزءٍ من الحرب النفسية، التي تقاد إلى جانب الحرب العسكرية، خصوصاً وأن أمد الحرب لم يتوقف عند الأسابيع أو الأشهر الأولى كما ظنّ وانتظر كثيرون.
وبالمناسبة، فإن التمدّد الزمني للحرب على غزة، مع انتهاء بنوك الأهداف، هو جزء أساسي من التلاعب النفسي، الذي يعوّل عليه العدو لانهيار الخصم، وتراجع قدراته على الصمود أو التحمّل أو المواجهة، ولكن من دفع الأثمان الباهظة وآلاف الشهداء والتضحيات الخيالية، لم تعد تهمّه المواعيد والمواقيت.
المقصود بتشريح عمليات التلاعب النفسيّ في هذه الورقة البحثية (يمكنكم تحميلها بشكل كامل أسفل الخاتمة أدناه)، هو محاولة رصد كل الأدوات التي استخدمها العدو، للتأثير على الحالة النفسية للبيئة المقاومة، سواء في لبنان أو غزة (مثل البيانات والتصريحات والخطابات والأفعال والخطط والممارسات القتالية والإعلامية والاجتماعية والفكرية).
أما تعريف إدارة التوقّعات، فهو تعريف يختلف من ورقة بحثية إلى أخرى، تبعاً لأي مرجعية يستند عليها، سياسية كانت أو إعلامية أو شعبية، وأي سلوكٍ ممارسٍ وفي أي بيئة وأي توقيت. هذه الورقة، ستتناول إدارة التوقّعات استناداً إلى المواقف السياسية والإعلامية التي أطلقها الإعلام الإسرائيلي والأميركي، تجاه لبنان وغزة، خلال حرب طوفان الأقصى وحتى نوفمبر 2024.
خاتمة وتوصيات
خاض الإعلام الإسرائيلي والأميركي منذ أكتوبر 2023 حرباً إعلامية موازية لحربِه العسكرية ضد فلسطين ولبنان، وما زال يستكملها مستخدماً تقنيات التلاعب النفسي، بهدف إدارة التوقعات حسب مصلحته في محاولة للهيمنة على الرأي العام، أو لصناعة رأيٍ عام يتبنّى طروحاته ويروّج لها. لذلك ينبغي الانتباه والالتفات إلى ضرورة:
- إهمال المواقف الإسرائيلية التي تمجّد قوة حزب الله أو قدراته، لأن المقاومة لا تحتاج شهادة حسن سلوك من عدوها، ولأنّ قراءة هذه المواقف انعكست بشكل سلبي على البعض، إذ ربما ساهمت في سوء تقدير بعض المواقف.
- الانتباه للنظريات السياسية التي يتم الترويج لها حالياً عبر الإعلام المعادي للمقاومة، مثل طروحات التمهيد للسلام القادم، واحتمالية العودة لاتفاق ما مع الكيان الإسرائيلي، وعودة لبنان إلى المحور الأميركي.
- ملاقاة السرديات الإسرائيلية الكاذبة بالوقائع الحقيقية، ونشرها وتعميمها عبر كل الوسائل المتاحة.
- تعزير فكرة ثمن الحرية والكرامة والنصر، أنه ثمن لا يقاس بالخسائر المادية والعمرانية ولا حتى البشرية كي يفهم العدو الإسرائيلي أن سياسات تدفيع الثمن غير مجدية مع المقاومة.
- العمل الجدي لملاقاة التوقّعات السلبية التي يسعى لها العدو وأعداؤه. أولاً كي لا يفعل عنصر المفاجأة فعله، وثانياً كي لا يتعرض المجتمع اللبناني لصدمة أخرى نتيجة التحوّل في السياسة، وثالثاً كي تستطيع البيئة المقاومة الحفاظ على حضورها قدر الإمكان.