الإثنين 28 تشرين أول , 2024 04:15

جبهة لبنان.. الاحتلال أمام خيارين كارثيين: المراوحة على القشرة الخارجية أو التوسّع عمقاً

الجبهة اللبنانية في الجنوب وعمليات المقاومة الإسلامية

يبدو أن أمل نجاح المناورة الهجومية الإسرائيلية على الحافة الأمامية بعمق 3 كيلومترات قد تبخرت، وبات العدو أمام خيارين كارثيين، إما الاستمرار بالمراوحة على القشرة الخارجية لنسق الدفاع الأول في الجبهة اللبنانية وتلقي الإصابات المتصاعدة (15 قتيلاً و80 جريحاً و6 دبابات في الساعات الـ 48 الماضية)، إما توسيع المناورة البرية إلى مسافات أعمق، والمغامرة بتلقي خسائر مضاعفة بخمس أو ست مرات، وهو ما سيدفع الألوية المشاركة وخصوصاً ألوية المدرعات الخمس إلى الاصطدام بدفاع يوازي أكثر من 20 ضعفاً عن الدفاع الذي يشاغله منذ بداية عمليته البرية قبل أكثر من ثلاثة أسابيع.

فالارتفاع المطرد في نسبة العمليات القتالية الدفاعية التي ينفذها حزب الله، والتمكن الكبير من الميدان، جعل العدو الذي استطلع بالقوة لثلاثة أسابيع ونصف في المحاور الخمسة الممتدة على 120 كيلومتراً دون طائل، للاضطرار مرغماً إلى إعادة فحص ودراسة كافة التكتيكات التي نفذتها الجهود الرئيسية التي زج بها في مرحلة الاستطلاع بالقوة، التي خلصت بعد تقييم استمر لعدة أيام إلى اعادة تنظيم ونشر شامل لكافة استعداداته. وكان العدو قد أجرى في الساعات الـ 72 الماضية تعديلاً جوهرياً في ترتيب واستعداد وانتشار قواته على جميع الجبهات وذلك حسب:

الجبهة الخامسة التابعة للفرقة 210: مقابل منطقة العرقوب، حيث قدم اللواء 174 المدرع غرب الجبهة واللواء التاسع في وسط الجبهة ليصبح في تماس مع مناطق الاشتباكات في شبعا والهبارية والخيام ومنطقتي الغجر والعباسية.

الجبهة الرابعة التابعة للفرقة 98: سحب وحدة إيغوز 621 التابعة للواء عوز 89، وسحب اللواء 35 المظلي وقدم اللواء 55 كوماندوس احتياط ووحدة ماغلان ودفع بكتيبة من اللواء السابع المدرع ليحتلا مكان وحدة إيغوز كجهد رئيس في وسط وشرق وغرب الجبهة، حيث نفذ استعداد كبير من الترتيب الجديد عملية كبيرة باتجاه مثلث عديسة – رب ثلاثين – الطيبة.

الجبهة الثالثة التابعة للفرقة 91: تم تحريك لواء ألون 228 الاحتياطي إلى الوسط وزج بكامل طاقة اللواء الثامن وأبقى اللواء الثالث عند الحدود الشرقية لبليدا ليستكمل عمليات الفرقة في شرق مركبا وفي حولا وميس الجبل وبليدا.

الجبهة الثانية التابعة للفرقة 36: نقل لواء غولاني بكامل استعداداته ليصبح على ميسرة الجبهة ونقل معظم استعداد اللواء 188 إلى الوسط مبقياً على الكتيبة 74 فقط في الميسرة، كما تم تحريك ونشر اللواء السادس لينتشر على تماس مع عيترون في ميمنة الفرقة.

الجبهة الأولى التابعة للفرقة 146: نشر كامل اللواء 205 المدرع واللواء 646 الكوماندوس في ميمنة الفرقة مقابل الظهيرة يارين أم التوت والزلوطية، وأبقى اللواء الثاني واللواء الرابع المدرع الذي وضع كاحتياط للواء الثاني على تماس مع عارض اللبونة وصولاً إلى الناقورة.

يمكن قراءة ذلك التعديل على مستوى الجبهة الشمالية باحتمالية بداية تورط الجيش الإسرائيلي في المناورة الهجومية باستعدادات أكبر تفوق الكتيبة ودخوله في مغامرة برية غير محسوبة، أي ضمن إطار تحضيرات القيادة الشمالية لتوسيع العملية البرية. بالإضافة إلى زج باستعدادات لم تتورط كثيراً بعد بالمناورة البرية.

في المقابل طورت المقاومة من تكتيكاتها لتصبح الرمايات التي تستهدف بها قوات العدو في المستوطنات وقرب الحافة الأمامية أكثر دقة وإيلاماً. وكما تظهر الوقائع العسكرية، بأن الميدان يخضع لإطباق استخباري تكتيكي شامل من المقاومة الإسلامية لاسيما المعلومات القتالية الفورية.

والملفت، هو سرعة استثمار تلك المعلومات، وهذا ما جعل أسلوب قتال مجموعات المشاة العاملة في النسق الأول أكثر مرونة وأهلية على إلحاق الأضرار بجيش الاحتلال، من ناحية الأفراد أو من ناحية العتاد. وكما يبدو، فإن مقاتلي حزب الله يظهرون من خلال سلاسة مناوراتهم أنهم يسبقون مجموعات وفصائل وسرايا العدو دائماً بخطوة أو خطوتين، وهذا ما يمنحهم ميزة عدم الاستعجال في إعداد الكمائن بل نصبها بشكل متقن ومحترف. وهذا ما يظهر على مسارعة العدو في معظم اشتباكاته المباشرة في اليومين الماضيين إلى قطع الاشتباك فوراً.

ومن أساليب التغيير في طرائق القتال التي بات يستخدمها حزب الله في الساعات الـ 92 الماضية:

- زيادة اعتماد المقاتلين على القناصة الثقيلة.

- زيادة عدد قبضات الصواريخ المباشرة بيد قوات المشاة.

- زيادة الاعتماد على ضرب التحشيدات القريبة بالمسيرات الانقضاضية التي تشغلها قوات المشاة بكفاءة كبيرة

- اعتماد البقع القريبة على المناورة المتناغمة بالنار.

- تنفيذ تكتيكات التشويش القتالي التي يمارسها عناصر نخبة المشاة في المقاومة (رمايات من خلف الخطوط - تنفيذ أعمال لإعاقة حركة العدو - الاشتباك القريب جداً داخل الغابات والمحميات الطبيعية كثيفة الأشجار بغرض أسر جنود صهاينة).

- استهداف وتشويش معظم استعدادات العدو العاملة في مجال الدعم اللوجستي (استهداف بوابة فاطمة – استهداف خلة وردة ... الخ).

- وضع التجمعات البعيدة تحت مرمى النيران المدفعية والصاروخية على مدار الساعة.

- منع أي مسيرة إسرائيلية من التحليق بهدف جمع المعلومات الاستطلاعية التكتيكية في الجبهة وخلفيتها.

بالنسبة إلى التحديات والمخاطر قد يدفع استهداف العمق الإسرائيلي جيش الاحتلال للتصعيد بشكل أكبر واتخاذ إجراءات انتقامية أوسع. لكن تُظهر عمليات العمق التي نفّذتها المقاومة الإسلامية تطوّراً نوعياً في إدارتها للمعركة، مما يُجبر إسرائيل على إعادة حساباتها وتقدير الموقف بدقة أكبر.

تدخل المواجهة يوماً بعد يوم إلى مراحل أكثر حرجاً ومن المتوقّع تصعيد العمليات العسكرية من قِبَل الطرفين بالتوازي مع الحراك الدبلوماسي للتفاوض غير المباشر بوساطة دولية لوقف إطلاق النار. مع أنّ الحركة الديبلوماسية النشطة التي شهدتها المنطقة، في الأيام الأخيرة، قد توحي لكثيرين باحتمال تحقيق خرق ما يؤدي الى هدنة في لبنان وغزة قبيل موعد الانتخابات الأميركية في الخامس من الشهر المقبل، إلا أن الأجواء سواء من تل ابيب التي يفترض أن يكون قد وصلها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين أو من قطر حيث بدأت يوم أمس الأحد جولة جديدة من مباحثات وقف إطلاق النار وصفقة تبادل للأسرى في قطاع غزة، تبدو سلبية ولا يمكن البناء عليها.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور