نفّذ الكيان المؤقت عصر الثلاثاء 31 تموز / يوليو 2024، عدواناً كبيراً ذو تداعيات خطيرة للغاية، عندما استهدف مبنىً في حارة حريك يالضاحية الجنوبية لبيروت بواسطة غارة جوية، لاغتيال قائد جهادي كبير في المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله كان فيه. ونفّذ كيان الاحتلال الإسرائيلي عدوانه بواسطة طائرات حربية – جرى التداول بأنها من طراز F-35- أطلقت 3 صواريخ على مبنى سكني بالقرب من مستشفى بهمن، بشكل أكّد لمن لم يقتنع بعد، مدى الانتهاك الاسرائيلي للقوانين الدولية الراعية لحقوق وسلامة الانسان، في لبنان أيضاً وليس في قطاع غزة فقط.
فقد استُشهد جراء الاعتداء الإسرائيلي - الذي شنته إسرائيل بذريعة الردّ على مجزرة مجدل شمس -، 3 مدنيين لبنانيين هم الطفلين الأخوين سارة (6 اعوام) وحسن فضل الله (10 اعوام) والسيدة وسيلة بيضون، وجُرح أكثر من 70 شخصا غالبيتهم خرجوا من المستشفيات بعد تلقي العلاج اللازم، فيما بقي عدة أشخاص ممن يحتاجون الى متابعات طبية.
وكان لافتاً حضور الناس الى المكان ورفعهم لشعارات التأييد للمقاومة والدعم لفلسطين، ليؤكدوا من خلال ذلك للعدو قبل الصديق، أنهم مع المقاومة في كل ما قررته وستقرره بشأن المواجهة مع إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية.
حزب الله: مصير ومسار
وقد أصدر الحزب بياناً أولياً عن الحادثة صباح اليوم الأربعاء جاء فيه: "كما بات معروفاً قام العدو الصهيوني بالاعتداء على الضاحية الجنوبية لبيروت أمس الثلاثاء بتاريخ 30- 07-2024 حيث استهدف مبنى سكنياً في أحد أحيائها مما أدى الى استشهاد عدد من المواطنين واصابة آخرين بجراح وحصول دمار كبير في عدد من طوابق المبنى، وكان القائد الجهادي الكبير الأخ السيد فؤاد شكر (الحاج محسن) حينها يتواجد في هذا المبنى". واضاف البيان: "تعمل فرق الدفاع المدني منذ وقوع الحادثة على رفع الأنقاض بشكل حثيث ولكن ببطء نظراً لوضعية الطبقات المدمرة وما زلنا حتى الآن بانتظار النتيجة التي سيصل إليها المعنيون في هذه العملية فيما يتعلق بمصير القائد الكبير والعزيز ومواطنين آخرين في هذا المكان، ليُبنى على الشيء مقتضاه".
وعليه فإن الحزب لن يتّخذ أي خطوة ميدانية قبل معرفة نتيجة أعمال رفع أنقاض المبنى المدمّر بالعدوان الإسرائيلي، لكي يكون ردّه متناسباً ومدروساً من كل الجوانب، في إطار المسار التصاعدي للمواجهة.
فماذا عن هذا المسار التصاعدي؟
لا شك بأن إسرائيل تهدف من خلال هذه العملية وغيرها من عمليات اغتيال قادة المقاومة في حزب الله، الى تحقيق "إنجاز معنوي" يرضي مستوطنيها، بعد ما حققته جبهة الإسناد اللبنانية للمقاومة الفلسطينية خلال الأشهر الماضية من إنجازات مهمة، ليس أقلها إعماء الرصد القتالي الإسرائيلي على المنطقة الحدودية واستنزاف قدرات جيش الاحتلال والكشف الجريء لأهداف مستقبلية وحسّاسة للكيان في منطقة شمالي فلسطين المحتلة. وربما تسعى حكومة نتنياهو من خلال هذه العملية التي استهدفت شخصية ذات مركز ثقل عسكري رئيسي لحزب الله، أن يكون له قيمة رادعة كبيرة وتحدّي لباقي قادة المقاومة، من أن الردّ على هذه العملية سيتبعه الحرب الواسعة الشاملة (التي لا يريدها حزب الله لكنه لا يخشاها والتي يريدها الإسرائيليون لكنهم يخشون غموضها ومفاجأتها).
لكنهم سيخيبون كما خابوا سابقاً، وكما أثبتت التجارب بالفعل لا بالقول، وفي لبنان وغيره من ساحات المقاومة. فقوى المقاومة وفي مقدمتهم حزب الله، يقوم أساس استقطابهم للأفراد، على ثقافة الاستعداد للتضحية وعدم الخشية من القتل على يد العدو، بل السعي إليه كـ"وسام إلهي" ووسام "وطني" يُنهي مسيرة الفرد لصالح المجموعة.
وفي سياق متصل، أثبتت التجارب الإسرائيلية أن قوى المقاومة لم تعان أبداً من نقص في القادة الأكفاء لخلافة من سبقهم من الشهداء، ولديهم من الدوافع قوية لمواصلة النضال مثل القائد الذي ارتقى، وبزخم أكبر وأخطر على الاحتلال.
وعليه فإن أغلب الظنّ، أن ردّ حزب الله على هذا العدوان، سيكون قوياً ورادعاً وخلّاقاً بكامل تفاصيله، بما يُعقّد الحسابات الإسرائيلية، وبما يضعها أمام خيارات أقلها هزيمة مرحلية وأسواؤها مواجهة حرب تحرير شاملة فزوال كيانهم.
الكاتب: غرفة التحرير