أنجزت إيران الثورة وهي محاصرة بسياسة الإحتواء الأمريكية ما لم تستطع غيرها من الدول "المتقدمة" انجازه، ما صعب على الولايات المتحدة مهمة أن تمنعها من دك قاعدة عين الأسد في العراق بأنواع متطورة من الصواريخ البالستية المحليّة الصنع كما لم تمنعها من تكبيد حليف أميركا الأول في المنطقة خسائر طائلة طالت عمقه المادي والمعنوي ووضعتها في خطوات متسارعة نحو تفعيل خطه الإنحداري نحو الزوال لذلك لا بد من السؤال في ظل ما يحدث في فيينا من محادثات يعلو فيها السقف الإيراني وبعد معركة سيف القدس وتراكم القوة الردعية لحلفاء إيران في المنطقة هل أصبح بالإمكان القول بأن " الإحتواء " أصبح ورقة إستنزاف لواشنطن ومصدر قوة لطهران ؟
الاحتواء بين نشأة المفهوم والتطبيق:
الإحتواء مفهوم تم تطويره ليدخل على وعي الإدارة الأمريكية عام 1946، في برقية أرسلها سفير الولايات المتحدة في روسيا حينها جورج كينان إلى مكتب وزارة الخارجية في واشنطن عُرفت حينها بالبرقية الطويلة عرض فيها كينان لرؤية جديدة تقضي بتحويل شكل الصراع بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي من الصدام المباشر إلى " الإحتواء".
في هذه البرقية وصف كينان أهداف القوة في السياسة الخارجية السوفياتية، "المستوحاة من النظرية الثورية كما من التقاليد القيصرية، واقترح احتواء هذا الضغط بـ "قوة مضادة". وكذلك قال أن "العنصر الأساسي في كل سياسة الولايات المتحدة حيال الاتحاد السوفياتي، يجب أن يكون السد الطويل والصبور، لكنه الحازم والحذر من الاتجاهات الروسية التوسعية". لذا إنطلق كينان في شرحه لسياسة الاحتواء من ضرورة وجودها لضمان القوة الأمريكية في الشؤون الدولية وللجم التوسع السوفياتي.
كذلك قد تمّ الربط بين هذه السياسة ومهمة الولايات المتحدة الأمريكية في حفظ النظام الأمني العالمي، حيث نادى كلارك كليفورد إلى "مهمة أمنية أمريكية عالمية تحضن كل الأقطار الديمقراطية التي يخطرها الاتحاد السوفياتي." وفي هذا السياق يعرفها عبد القادر فهمي على أنها "أولى الاستراتيجيات التي اتبعتها الولايات المتحدة في مواجهة الاتحاد السوفيتي. وكان الدافع من ورائها القلق الأمني المتزايد من تنامي الخطر الشيوعي الزاحف الذي سيطر على وسط وشرق أوروبا، مع إمكانية انتشاره إلى مناطق أخرى من العالم."
تلقّف الرئيس هاري ترومان نظرية كينان لتصبح مبدأ له سياسات وادوات وبهذا صار كينان مهندس الحرب الباردة ومضت الولايات المتحدة بسياسة إحتواء الإتحاد السوفياتي من دون تعيين ساعة صفر تنتهي بها المواجهة الباردة ففي الأشهر الأخيرة قبل تفكك الإتحاد السوفياتي أشارت أغلب التقديرات الإستخبارية الأمريكية التي كشف عنها لاحقاً بأن الإتحاد قد يستمر لعقدين جديدين وعلى الإدارة الأمريكية أن تحافظ على ستاتيكو الإحتواء القائم منذ الأربعينيات إلا أن المفجأة كانت ان الإتحاد تفكك بعد أشهر قليلة من هذه التقارير وهذا إن دل على شيء فهو يشير إلى أن الإحتواء الأمريكي له نقطة بداية تحددها الإدارة الأمريكية وليس له نقطة نهاية محددة يمكن حصرها وتشخيصها وبالتالي هي سياسة مفتوحة من سلبياتها أنها تستنزف الخصم وتستنزف معتمدها أيضاً.
إلى جانب الإتحاد السوفياتي ولد عدو جديد للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط بعد إنتصار الثورة الإسلامية في إيران، عداوة إشتعلت في أواخر السبعينات وتمتد إلى يومنا هذا إستخدمت فيها الولايات المتحدة الكثير من أوراقها من الصدام العسكري بالوكالة إلى تفعيل الإحتواء بأقسى أدواته.
تجليّات الإحتواء بين حرب الوكالة والعقوبات الاقتصادية:
قطعت واشنطن علاقاتها الدبلوماسية مع إيران عام 1980، وقررت فرض حظر عليها في أعقاب الثورة الإسلامية الإيرانية واحتجاز الرهائن في السفارة الأميركية بطهران.
ومنعت العقوبات الأميركية دخول الصادرات الإيرانية إلى أميركا، باستثناء الهدايا الصغيرة ومواد المعلومات والأغذية وبعض أنواع السجاد.
وفي أيلول عام 1980 فعّلت واشنطن خيار حرب الوكالة يومها كان الوكيل صدام حسين الذي شنّ حرباً على إيران إمتدّت لثماني سنوات تلقّى خلالها كل أشكال الدعم من الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة
إنتهت الحرب العراقية الإيرانية بإتفاق تم توقيعه في أوائل التسعينات وبرزحينها مفهوم الإحتواء المزدوج.
عهد كلينتون
الذي إستمر مع تعزيز واشنطن عام 1995 في عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون العقوبات المفروضة على إيران، حيث اتهمتها بدعم ما تصفه بالإرهاب الدولي، ومعارضة جهود السلام في الشرق الأوسط، والسعي للحصول على أسلحة للدمار الشامل. وتضمنت الأوامر التنفيذية التي أصدرها كلينتون منع الشركات الأميركية من الاستثمار في النفط والغاز الإيرانيين والاتجار مع إيران. وفي العام نفسه أقر الكونغرس قانونا يجعل الحكومة الأميركية تفرض عقوبات على الشركات الأجنبية التي تستثمر في قطاع الطاقة الإيراني بأكثر من 20 مليون دولار في السنة.
بوش الابن
بعد مجيء الرئيس جورج بوش الابن إلى البيت الأبيض، أصدر قرارا في حزيران 2006 يجمد الحسابات المصرفية لشخصيات مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني.
ووافق الكونغرس الأميركي لاحقا على تمديد العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران، التي هدفت إلى وقف الدعم المالي الذي يمكن أن يساعد طهران في صنع أسلحة نووية. كما فرضت واشنطن في تشرين الأول 2007 عقوبات على ثلاثة بنوك إيرانية، وأطلقت عبارة "ناشر أسلحة الدمار الشامل" على الحرس الثوري الإيراني. ومنذ ذلك الوقت أضافت وزارة الخزانة المالية العديد من المصارف الإيرانية الأخرى إلى قائمتها السوداء.
وحددت وزارة الخزانة الأميركية نحو 20 شركة بترولية وبتروكيميائية على أنها واقعة تحت سيطرة الحكومة الإيرانية، مما يجعلها غير مؤهلة للتعامل مع قطاع الأعمال الأميركي.
وفي عام 2008، فرضت الولايات المتحدة عقوبات مالية على مسؤولين إيرانيين وشركات تتهمها واشنطن بمساعدة إيران على تطوير برنامجها النووي.
وشملت العقوبات ستة شخصيات، أبرزهم قائد الحرس الثوري حينها يحيى رحيم صفوي، والمسؤول الكبير في وزارة الدفاع محسن فخر زاده مهابادي، إضافة إلى مسؤول في البرنامج النووي وأحد مسؤولي برنامج الصواريخ البالستية ومسؤولين في الصناعات الحربية الإيرانية.
كما تتضمن العقوبات خمس شركات يعتقد أن لها صلة بالمؤسسة العسكرية الإيرانية. وبموجب العقوبات تجمد أرصدة الشخصيات والشركات في البنوك الأميركية إن وجدت ويمنع الأميركيون من التعامل معهم.
عهد أوباما
واستمرت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بعد وصولها إلى البيت الأبيض في هذه السياسة إزاء طهران، ففي كانون الثاني 2010 أقر أوباما قانون عقوبات شاملة على إيران ومنع الاستثمار فيها.
وفي حزيران 2011 أعلنت واشنطن عقوبات جديدة ضد قوات الحرس الثوري الإيراني وقوات الباسيج للمقاومة وقوات إعمال القانون الإيراني وقائدها إسماعيل أحمدي مقدم. وتم بموجب هذه العقوبات تجميد أي أصول تؤول للمستهدفين وتحظر تعامل كل الأميركيين أفرادا أو شركات من التعامل مع الجهات المذكورة.
ووصفت واشنطن يوم 21 تشرين الثاني 2011 إيران بأنها "منطقة رئيسية لغسل الأموال"، وهي خطوة كان الهدف منها إقناع البنوك غير الأميركية بالامتناع عن التعامل مع إيران.
كما وضعت الولايات المتحدة 11 جهة متهمة بمساعدة إيران فيما يتصل ببرنامجها النووي على قائمتها السوداء، ووسعت عقوباتها لتستهدف شركات تساعد إيران في صناعتها النفطية والبتروكيميائية.
وأقر أوباما أيضا يوم 31 كانون الأول 2011 قانون تمويل الدفاع الذي يفرض عقوبات على المؤسسات المالية التي تتعامل مع البنك المركزي الإيراني الذي يُعد القناة الرئيسية لعوائد النفط. وبموجب هذا القانون ستستبعد المؤسسات التي تطولها العقوبات من الأسواق المالية الأميركية.
ولممارسة مزيد من الضغوط على السلطات الإيرانية، قررت الولايات المتحدة في حزيران 2013، فرض مزيد من العقوبات على إيران عبر استهداف العملة الإيرانية وقطاع السيارات، وعزت ذلك إلى عدم تعاون طهران في ملفها النووي.
وعرفت العلاقات الأميركية الإيرانية انفراجا بعد إبرام طهران ومجموعة "5+1" يوم 14 تموز 2015 اتفاقا بشأن البرنامج النووي الإيراني، حيث ألغت واشنطن عقوباتها المتصلة بالبرنامج النووي بحق إيران، دون أن يشمل ذلك الإجراءات العقابية التي اتخذتها واشنطن ضد إيران المتهمة باعتبارها "دولة داعمة للإرهاب" وبإدارة برنامج صاروخي بالستي.
وضمن سياق رفع العقوبات، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية في أيلول 2016 رخصتين تسمحان بتصدير بعض الطائرات من إنتاج إيرباص لإيران.
ووافقت طهران بمقتضى الاتفاق على أخذ سلسلة من الخطوات، من بينها تقليص عدد أجهزة الطرد المركزي، وتعطيل جانب رئيسي من جوانب مفاعل آراك النووي، مقابل تخفيف العقوبات التي تفرضها عليها الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بدرجة ملموسة.
وغداة رفع العقوبات المتعلقة بالبرنامج النووي عن طهران وبدء تطبيق الاتفاق النووي، أعلنت واشنطن في كانون الأول 2016 فرض عقوبات جديدة على إيران تتعلق ببرنامجها للصواريخ الباليستية، وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان إنها أدرجت خمسة مواطنين إيرانيين وشبكة من الشركات العاملة في الإمارات والصين على القائمة المالية الأميركية السوداء.
عهد ترامب
وبعد وصول إدارة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض يوم 20 كانون الثاني 2017، عادت الإدارة الأميركية إلى سلاح العقوبات ضد طهران، وأعلنت واشنطن في شباط 2017 فرض عقوبات جديدة على 13 فردا و12 كيانا إيرانيا يعتقد ارتباطهم بالبرنامج الصاروخي، وبدعم ما تصفه بالأنشطة الإرهابية.
وجاء ذلك بعد أن كشف وزير الدفاع الإيراني العميد حسين دهقان أن بلاده أجرت تجربة صاروخية، معتبرا أنها لا تنتهك الاتفاق النووي الموقع مع الدول الست الكبرى في 2015، ولا القرار الأممي 2231 الذي صادق على الاتفاق.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية -في بيان على موقعها بالإنترنت- إن العقوبات تتضمن تجميد مصالح وممتلكات هذه الكيانات وحظر التعامل معها على المواطنين الأميركيين، وأشارت إلى أنه بالإضافة إلى إيران يتخذ عدد من هذه الكيانات من لبنان والصين والإمارات مقرات لها.
واعتبرت الوزارة أن ما وصفته بدعم إيران المستمر للإرهاب وتطوير برنامجها الصاروخي، يشكلان تهديدا للمنطقة ولحلفاء الولايات المتحدة حول العالم.
النتيجة مزيد من توسع النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط
وبالرغم من كل ما تقدّم لم تنجح واشنطن في تقويض النفوذ الإيراني او حتى إحتواءه في مرحلة ما فقد إستمرت إيران في دعمها لحركات مقاومة حليف الولايات المتحدة الأول "إسرائيل"، وقد شمل الدعم مختلف الأصعدة المالية والعسكرية وحتى البشرية التي إستهدفت تنمية الكاد المقاوم عبر نقل الخبرة إليه ليصبح حالة مستقلّة تحتاج إلى إحتواء أمريكي وبالفعل برز التحرر الإيراني من قيود الإحتواء الأمريكي بشكل واضح في معركة سيف القدس التي وقعت بين المقاومة الفلسطينية وجيش الإحتلال الصهيوني والتي إستخدمت فيها المقاومة الفلسطينية صواريخ إيرانية دقيقة إستهدفت فيها مدن ومستوطنات العدو
أما على مستوى النمو فقد أرادت واشنطن من خلال سياسة الإحتواء إيقاع إيران في هوة عميقة من العجز الإقتصادي والتأخر في النمو بكافة المجالات إلا أن الأرقام الإيرانية سجلت خلاف ذلك فقد إستطاعت طهران تطوير مفهوم له هوية وهو الإقتصاد المقاوم أي اقتصاد الناس.
هذه الهوية تخدم الاقتصاد الوطني وتحمي مقدرات الدولة للإستفادة منها لمصلحة الوطن لا الخارج. الاقتصاد الإيراني صُنّف عام 2010 كثالث أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، والـ 29 في العالم حيث بلغ ناتجه المحلي حينها ما يقارب الـ 337 مليار دولار. صحيح أن النفط كان يُشكّل القسم الأكبر من هذا الناتج المحلي، ولكن يجب ألا نغفل أنّ الولايات المتحدة الأميركية بدأت الحصار على إيران عام 1979 واتخذت قضية العقوبات وسياسة الحصار الاقتصادي كخيار استراتيجي بصراعها مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية ما بعد انتصار الثورة الإسلامية.
الناتج المحلي الإيراني وصل إلى 400 مليار دولار عام 2015
وسط هذه الظروف، سارعت إيران إلى التخطيط الصحيح لمواجهة هذا الحصار فالناتج المحلي الإيراني وصل إلى 400 مليار دولار عام 2015، وبالتالي عندما تمّ إبرام الإتفاق النووي تم إبرامه على أساس أن هذا البلد يتطوّر بشكل كبير جدا حيث كان تصنيف الاقتصاد الإيراني في المرتبة العشرين في العالم.
ولو أردنا جمع الناتج المحلي للدول المحيطة بإيران من أفغانستان إلى باكستان، تركمنستان، أذربيجان، أرمينيا، إذا أردنا جمع الناتج المحلي لهذه الدول أقل من الناتج المحلي لإيران المحاصر والمعاقب.
حتى أنّ هذه الدول لا تملك اكتفاء ذاتياً، بينما إيران تمتلك اكتفاء ذاتياَ زراعيا، صناعياً، اقتصادياً، تجارياً، صحياً، مالياً، خدماتياً، تقنيات نانو، وصولاً إلى الملف النووي. فضلاً عن ذلك، تمتلك إيران 10 بالمئة من احتياطي النفط الخام في العالم، و15 بالمئة من احتياطي الغاز في العالم، أضف إلى أنّ إيران دولة شابة بامتياز حيث تمتلك طاقة شبابية تتجاوز الـ 40 مليون مواطن.
نمو الانتاج الزراعي وصل إلى 21 بالمئة
عملت إيران بشكل أساسي على تحقيق الإكتفاء الذاتي. وبالدرجة الأولى عبر زيادة الناتج المحلي خاصة في قطاعي الزراعة والصناعة.
في القطاع الزراعي وعام 1990 كانت المياه تصل إلى 20 بالمئة من الأراضي الزراعية، وبعد أن جرى وضع خطة في تلك الفترة أصبحت المياه على مشارف عام 2005 تصل إلى 90 بالمئة من الأراضي الصالحة للزراعة. إزاء هذه الخطوة ارتفع الإنتاج بشكل كبير جداَ فالناتج الزراعي اليوم يصل إلى حدود العشرين بالمئة من الناتج المحلي. وعليه، لم تكتف إيران بتأمين الإكتفاء الذاتي بل باتت دولة مصدّرة.
نسبة نمو الإنتاج الزراعي وصلت بين عامي 2019-2020 -ووسط أقصى حصار- وصلت إلى 21 بالمئة، والتصدير إلى 13 بالمئة.
بالرغم من الإحتواء الأمريكي وسياسات العقوبات القصوى تقدمّت سبقت إيران الثورة بأشواط إيران الشاه
حيث كانت حينها دولة تمتلك النفط والغاز فقط الذي تحصل عليه بريطانيا بشكل كامل، مقابل أن تكون إيران سوقا استهلاكيا في أوروبا، إذ كل المنتجات في إيران كانت مستوردة من الخارج. وبهذا المعنى، كان السوق الإيراني استهلاكي غير إنتاجي. أما إيران الثورة فأصبحت تنتج كل شيء في الداخل ولا تستورد أي شيء من الخارج، ما يشكّل نموذجاً مهما جداً.
اكتفاء ذاتي على صعيد المنتجات الزراعية والمواد الأولية المهمة للصناعة
وعلى صعيد المنتجات الزراعية، ثمّة اكتفاء ذاتياً في القمح، الأرز، الفستق الحلبي، الزعفران، التبغ والتنباك، الشعير، الذرة، القطن، الشاي، الفواكه، البطاطا، التوابل، الحمضيات، الفول، الكمون، الزبيب والجوز. وعلى صعيد الإنتاج الصناعي، تبين بحسب الدراسات أنّ الإقتصاد الإيراني يمتلك جميع المواد الأولية التي تحتاجها الصناعة، وبالتالي فهذا الأمر مهم للإقتصاد المقاوم للحد من التضخم وزيادة النمو من خلال الإنتاج الصناعي وخلق فرص عمل متعددة لمجموعة كبيرة من القطاعات.
صناعات متعدّدة ومتنوعة
وعلى الصعيد الصناعي فصناعة المواد الغذائية والمشروبات والتي تشكّل 16 بالمئة من الناتج المحلي. هذه الصناعات تمكّنت عام 2015 -عندما لم يكن هناك حصار- من جني 9 مليار دولار كإيرادات للدولة. وصناعة النسيج والملابس الجاهزة والتي تشكل 11 بالمئة من الناتج المحلّي، تمكنت في عام 2016 من تصدير منتجات بحوالي المليار دولار إلى الخارج، أضف إلى أنّ هناك صناعات عدة مهمة كصناعة الآلات والمعدات الصناعية، الصناعات التحويلية، صناعات النفط والغاز، الخام، الحديد، النحاس، الزنك، الكبريت، والمنغنيز. صناعة مواد البناء، وصناعة الزجاج، إذ تنتج إيران 1.2 مليون طن سنوياً من الزجاج، وهذه الصناعة تعتبر الثالثة عالمياً رغم الحصار. وعندما منعت الدول من التعامل مع إيران كان هناك 14 دولة في العالم تحصل على هذه الصناعة من إيران بشكل أساسي كالهند، البرازيل، دول آسيا الوسطى والشرق الأوسط.
إنتاج الحديد وصل عام 2015 إلى 10 مليون طن
وفيما يتعلق بصناعة الحديد، فتشير البيانات إلى أنّه وفي عام 2015 وصل إنتاج الحديد إلى 10 مليون طن، وكانت إيران تتجه من خلال خطتها لعام 2025 أن تنتج ما يقارب الـ 55 مليون طن لتصبح الدولة الثالثة عالمياً في هذا الإطار، وما زالت مستمرة في هذا المشروع رغم العقوبات والحصار.
جامعات في المرتبة التاسعة عالمياً
حافظت طهران على حصانة المجتمع في أقسى ظروف الإحتواء الأمريكي فبقي الأمن الغذائي قائماً كما العدالة الاجتماعية التي تتجلى من خلال تأمين العلم والطبابة. هذان القطاعان مؤمنان في إيران مجاناً بنسبة 90 بالمئة. حتى أن تصنيف الجامعات بات متقدماً، فجامعة "شريف" للهندسة والتكنولوجيا والمعترف بشهادتها دولياً تعد الجامعة التاسعة في العالم بحسب تصنيف "الترتيب الأكاديمي للجامعات العالمية".
طبابة متقدّمة وشبه مجانية
أما الطبابة، فالوزارات والمؤسسات المعنية بالصحة توفّر الطبابة بشكل شبه مجاني وتدعم تطوير القطاع الصحي بشكل كبير جداً وبالتالي فالإنتاج العلمي في إيران في قطاع الصحة وصل إلى نسب مرتفعة جدا خاصة أن إيران حققت تقدما كبيراً على صعيد الأمراض المستعصية، السرطان، زراعة الأعضاء، جراحة العيون.
سجّلت إيران إنتاج أكثر من 34155 مقال علمي عام 2012، وفي 2015 وصل الإنتاج إلى 33 ألف مقال علمي، وفي عام 2019 وصلت المقالات العلمية إلى 34 ألف مقال.
دولة ذات شخصية مستقلة
بقيت الهيكلية الاقتصادية في إيران متماسكة، فالجمهورية الإسلامية ذات شخصية مستقلة اقتصادياً في المنطقة وهذه إحدى إنجازات الثورة التي أنتجت دولة ذات شخصية مستقلة. هذا الواقع يدفع بالولايات المتحدة إلى الشعور بالقلق الكبير.
الهيكل الإقتصادي الإيراني هو الأكثر تنوعاً مقارنة بالدول الموجودة كأعضاء في منظمة "أوبك". صحيح أن النفط والغاز يشكل القطاع الرائد في إيران ولكن نضيف إليه قطاع البتروكيماويات، الصلب والغاز، الحديد، النسيج، صناعة السيارات إذ تنتج إيران في ذروة الحصار مليون و600 ألف سيارة، الخدمات المالية والبورصة، صناعة المواد الغذائية، صناعة الأدوية، الصناعة العلمية من رسائل ودراسات عليا، علم الفضاء، هندسة الطرقات، تكنولوجيا النانو، المرافئ البحرية والجوية، القدرة النووية الاقتصادية السلمية الإنتاجية.
موقع إيران الجغرافي مهم جداً
فشل الإحتواء الأمريكي في معالجة إمتيازات الجغرافيا الإيرانية فهي تطلّ على مضيق هرمز والذي يعتبر أهم مضيق في العالم على الصعيد النفطي حيث يمرّ عبره 17 مليون برميل نفط يوميا أي ما يقارب ثلث تجارة النفط المنقولة بحراً، والتي تشكّل 20 بالمئة من إجمالي إنتاج النفط عالمياً. كما تملك إيران 3.7 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي يومياً أي ما يمثّل فعلياً 30 بالمئة من تجارة الغاز الطبيعي المسال عالميا.
عام 2015 بلغ احتياطي النفط في إيران 158 مليار برميل. وهنا نتحدّث عن 10 بالمئة من احتياطي النفط بالعالم و13 بالمئة من احتياطي منظمة أوبك المصدرة للبترول. و70 بالمئة من احتياطي النفط الخام الإيراني موجود بحقول برية وتكلفة استخراجه ليست عالية. أما في بحر قزوين فالإكتشافات النفطية لم تصدر بعد، فاحتياطي الغاز يصل في إيران إلى ألف و207 تريليون قدم مكعب ما يعطيها المرتبة الثانية عالمياِ من احتياط الغاز الذي يكفي أوروبا لمئة عام قادمة.
هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع
الكاتب: علي ملّي