يبدو أن مواصلة الولايات المتحدة الأمريكية والكيان المؤقت لعدوانهما على قطاع غزة، سيدفعان الى إشعال المنطقة، عن قصد أو دون قصد، وهذا ما تؤكده العديد من المعطيات والتصريحات التي حصلت خلال الأيام الماضية.
فنتنياهو وحكومته من جهة يصروّن على رفض أي وقف للحرب، لأن هذا الأمر سيشكّل اعترافاً واضحاً بالهزيمة. أمّا الإدارة الأمريكية التي تريد فعلاً – لمصالح انتخابية فقط – توقف الحرب، إلا أنها لا تريد أن يؤدي ذلك الى هزيمة إسرائيل أمام محور المقاومة. وأمام هذه المراوحة الأمريكية الإسرائيلية، وجد محور المقاومة بأن تصعيد وتيرة حرب الاستنزاف، قد يجبّر المعسكر المقابل على الخنوع، أو أقلّه يحصن موقع المقاومة الفلسطينية التفاوضي. وأمام قرار محور المقاومة هذا، لا تَجد إسرائيل خياراً إلا بالتصعيد أيضاً من اعتداءاتها، وهذا ما قد يدفع الأمور أكثر، نحو الانزلاق الى ما تخشاه تل أبيب وواشنطن، أي اشتعال المنطقة برمتها انطلاقاً من جنوبي لبنان.
باقري يحذّر
وفي هذا السياق، كان لافتاً تحذير وزير خارجية الجمهورية الإسلامية بالإنابة علي باقري كني مؤخراً خلال مؤتمر صحفي مع نظيره العراقي فؤاد حسين في بغداد، حينما قال بأن الكيان الصهيوني قد يسعى بسبب فشله في غزة، إلى ارتكاب أخطاء أخرى بل وتوسيع نطاق عدوانه. مؤكداً بأن "الإبادة الجماعية في غزة يجب أن تتوقف دون قيد أو شرط"، وداعياً الأميركيين إلى أن يوقفوا دعم إسرائيل بالأسلحة، بانه لا يمكن لهم "دعم إسرائيل بالأسلحة والتظاهر بالسلام وإطلاق مبادرات".
وأشار الوزير باقري الى أن عملية الوعد الصادق أكّدت بأن "الجمهورية الإسلامية ستستخدم كل قدراتها في سبيل تحقيق الاستقرار والسلام والأمن في المنطقة ولن تسمح لأحد خصوصا الكيان الصهيوني المعتدي بالمساس باستقرار المنطقة وأمنها". وعليه فإن تلميحٌ يدلّ على أن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي أما أي حماقة إسرائيلية من قبيل شنّ الحرب على لبنان أو تصعيد اعتداءاتها في ساحات أخرى.
مساعي الإدارة الأمريكية هي طريق إلى تصعيد قاتل
من جهة أخرى، يعتقد الكثير من المحللين والخبراء السياسيين، بأن مساعي الإدارة الأمريكية لوقف إطلاق النار في غزة، هي طريق إلى تصعيد قاتل في منطقة غربي آسيا. وأنه بالرغم من دعواته العلنية لإنهاء الحرب، فإن كل ما تفعله واشنطن في الواقع هو التشجيع على اندلاع حريق أكبر، لأنها تتسبب بالمزيد من العنف في غزة وتُهدد بالتحول إلى حرب مع لبنان، وبالتالي دفع المنطقة بأكملها إلى الهاوية من أجل تجنب التخلي عن "دعمها غير المشروط" لإسرائيل.
وهنا لا بدّ التذكير، بأن ردّ حركة حماس على الخطاب الذي ألقاه جو بايدن في 31 مايو/أيار، والذي قدم فيه "اقتراحاً إسرائيلياً" لوقف إطلاق النار، هو النظر اليه "بشكل إيجابي"، مع الإصرار على أنه يتطلب انسحاباً إسرائيلياً من غزة ووقف كامل للحرب، من أجل الموافقة على أي اقتراح. ومن ناحية أخرى، ظل بنيامين نتنياهو، متمسكاً بخطاباته السابقة حول الحاجة إلى "تدمير حماس"، مع الإشارة إلى أنه لن يوافق على وقف إطلاق النار، بل ذهب إلى أبعد من ذلك عندما أكد بأن وصف بايدن لاقتراح وقف إطلاق النار الإسرائيلي "ليس دقيقا"، وهذا ما يعيد التذكير بالأجواء التي حصلت قبل بدء جيش الاحتلال عمليته في رفح.
فهل ستقبل الإدارة الأمريكية فشل مساعيها للمرة الثانية بدل إجبار إسرائيل بوقف إطلاق النار، أم عن توسع الحرب أمرٌ لا فرار منه؟!