تشهد جبهة المقاومة في جنوب لبنان، تصعيداً كمياً ونوعياً في العمليات ضد الكيان المؤقت، بوتيرة تؤكّد على رسائل حزب الله التي أطلقها منذ اليوم الأول لبدء المواجهات، في 8 تشرين الأول / أكتوبر 2023، وهي الدعم المطلق للمقاومة الفلسطينية حتى تحقيقها للانتصار، واستعداد الحزب لكل سيناريوهات التصعيد الإسرائيلية، وأن ما ظهر من قدرات للمقاومة على هذه الجبهة حتى الآن، ليس سوى الجزء اليسير مما تم إعداده للحرب الواسعة والشاملة.
وهذا ما عبّر عنه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم مؤخراً، حينما قال في حديث تلفزيوني، بعد تصاعد التهديدات الإسرائيلية: "التهديدات لا تؤثر علينا، لا نريد حربا شاملة، لكنها إذا فرضت علينا فنحن جاهزون لها، ولن ننسحب من الميدان"، مشيراً إلى أن الحزب استخدم قسما قليلا من قدراته العسكرية بما يتناسب مع طبيعة المعركة الإسنادية.
وبالرغم من أن الأوساط الإسرائيلية في الفترة الأخيرة، تحاول الدفع نحو اتخاذ سلطة الكيان قراراً بتصعيد حتى الحرب ضد لبنان ومقاومته (أغلبه في سياق التنافس الداخلي)، إلا أنهم يعلمون في قرارة أنفسهم بأن هذا القرار هو بمثابة انتحار الكيان، لأن هذا ما لا يمكن للأخير الإقدام عليه بمفرده، دون مشاركة من الإدارة الأمريكية، في القرار والفعل.
وعليه فإن كثرة التهديدات بظل تصاعد عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان، لا تؤدي إلى إحراج حكومة نتنياهو أكثر فأكثر، وتسهم في السخرية من المسؤولين الإسرائيليين، الذين أكثروا من تصريحاتهم طوال الأشهر الفائتة حول ضرب حزب الله، مثل وزير الحرب يؤاف غالانت، الذي أطلق عشرات التهديدات مثل الدخول إلى جنوب لبنان، وتحويل الصيف إلى حار جدا، والتهديد بإشعال لبنان، وإعادته الى العصر الحجري، وغيره الكثير من التصريحات.
تصاعد عمليات المقاومة كما ونوعا
ولا يحتاج الأمر الى الكثير من التدقيق في عمليات حزب الله الأخيرة، من أجل ملاحظة التصعيد الكمي والنوعي فيها، مثل:
_إسقاط طائرة هرمز 900 للمرة الثانية خلال المعركة لهذا النوع المتطور من الطائرات دون طيار بصواريخ أرض جو لا يزال نوعها مجهولاً حتى الآن، وهذا بحدّ ذاته رسالة لإسرائيل من أن طائراتها الحربية أيضاً هي في مرمى صواريخ المقاومة متى شاءت ذلك، وهذا ما يفسّره كثرة استخدام الطائرات الحربية في الآونة الأخيرة للبالونات الحرارية.
_ تكثيف عمليات إطلاق المسيّرات الانقضاضية، التي وصل بعضها إلى نهاريا لأول مرة.
_ الحرائق الهائلة التي أشعلتها صواريخ المقاومة في المناطق الشمالية خاصة في كريات شمونة والجولان المحتل.
_ تكثيف العمليات المركبة (صواريخ ومسيرات انقضاضية) ضد تجمعات الجنود والضباط المستحدثة (ما يعني وجود إطباق استخباراتي للمقاومة على كل مناطق شمالي فلسطين المحتلة)، وآخرها الهجوم الجوي بسرب من المسيرات الانقضاضية على تجمع مستحدث جنوب مستعمرة الكوش، والذي أدى الى سقوط قتيل وعشرات الإصابات في صفوف جيش الاحتلال. وفي هذا السياق ذكر المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" يوآف زيتون بأنه "ليس لدى جنود الجيش الإسرائيلي ما يكفي من الوقت للركض أو الاختباء عندما تتم مهاجمتهم من الجو كما هو موثق في أحد مقاطع الفيديو التي نشرها حزب الله في الأيام الأخيرة". والملفت بأن صفارات الإنذار لم تدوي عقب الهجوم على "إلكوش"، وهذا ما يعكس براعة كبيرة لدى المقاومة في التملّص من رادارات الجيش الإسرائيلي.
_ ضرب منظومات نوعية للاحتلال بواسطة صواريخ ألماس، وعرض مشاهد الفيديو التي التقطتها كاميرات الصواريخ، كيلا لا تستطيع إسرائيل حجب خسائرها كما تفعل دائماً. ومن أبرز المنظومات التي استهدفت ودُمرت مؤخراً: منصة إطلاق تابعة لمنظومة القبة الحديدية في ثكنة راموت نفتالي، منظومات رصد قتالي ورادارات ومناطيد، آلية تحمل معدات اتصالات للقيادة والسيطرة مع طاقمها في موقع عداثر،...
الكاتب: غرفة التحرير