كان ليوم القدس هذا العام، رمزيته الكبرى والاستثنائية، كونه يتزامن مع معركة طوفان الأقصى التي تخوضها المقاومة الفلسطينية، بدعم ومساندة من محور المقاومة، ضد العدوان الأمريكي الإسرائيلي على غزة، في أطول حرب عسكرية إسرائيلية تخطت الـ 6 أشهر.
وجرى إحياء هذه المناسبة بالعديد من الفعاليات في مختلف دول محور المقاومة والعالم، بشكل يؤكّد من جديد أحقية رؤية الإمام روح الله الخميني (رض) لتحرير فلسطين، والتي وضعت قبل أكثر من 4 عقود، من أن المقاومة هي الخيار الوحيد القادر على إنجاز التحرير، وإزالة إسرائيل من الوجود. وهذا ما تبدو ملامحه أكثر فأكثر في وقتنا الحالي، بحيث لم يبلغ كيان الاحتلال الإسرائيلي من الضعف والعزلة، ما بلغه بحلول يوم القدس للعام 2024.
ساحة إيران
وفي الجمهورية الإسلامية كما كل عام منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، شارك مئات آلاف الإيرانيين في مسيرات "يوم القدس العالمي" في أكثر من 2000 مدينة وبلدة إيرانية، رافعين أعلام إيران وفلسطين وأعلام حركات المقاومة، وسط هتافات "الموت لإسرائيل ولأميركا".
وقد كان إحياء هذا العام بمثابة استفتاء شعبي حول خيار الجمهورية الإسلامية في دعم حركات التحرر والمقاومة، لما تميز به من مصادفة ليوم القدس مع معركة طوفان الأقصى (الذي تؤدي فيه إيران دور الداعم والحاضن لكافة جبهات المقاومة)، وبعد 4 أيام من اغتيال قائد قوة القدس في لبنان وسوريا الشهيد اللواء محمد رضا زاهدي ورفاقه في العاصمة السورية دمشق، الذي تم تشييعه مع رفاقه في شارع الثورة الإسلامية حيث ساحة فردوسي وسط العاصمة طهران، خلال فعاليات إحياء هذا اليوم أيضاً.
وشارك في إحياء هذه المناسبة، كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين في الجمهورية الإسلامية، كقائد قوة القدس في حرس الثورة الإسلامية العميد إسماعيل قآاني، وبحضور لافت لقادة وممثلين عن حركات وقوى محور المقاومة، كالأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة ورئيس أركان الحشد الشعبي عبد العزيز المحمداوي "أبو فدك".
وأكّد القائد العام لحرس الثورة الإسلامية اللواء حسين سلامي، خلال كلمة ألقاها في الحشد الكبير المشارك، على أن "النظام الصهيوني هو خنجر النظام البريطاني الخبيث والشرير الذي يطعن به جسد الأمة الإسلامية قبل 75 عاما وبعد ذلك عززت أمريكا الإجرامية هذا النظام كرأس جسر سياسي وأمني وجغرافي في العالم الإسلامي ليكون رافعة لضبط وتنظيم سياساتها الإجرامية.
ساحة العراق
أمّا في العراق، الذي تساند مقاومته الإسلامية المقاومة الفلسطينية في غزة منذ الأيام الأولى للمعركة، فقد نظّم الآلاف من أنصارها وأنصار فصائلها، مسيرة حاشدة في العاصمة العراقية بغداد في منطقة شارع فلسطين، وعدد من المدن العراقية الأخرى مثل نينوى وكركوك والبصرة، معبّرين عن دعمهم للقضية الفلسطينية، ومنددين بالعدوان الأمريكي الإسرائيلي على قطاع غزة، وحاملين لافتات خطّت عليها عبارات "الموت لأمريكا… الموت لإسرائيل… النصر للإسلام" وأخرى تطالب بوقف العدوان.
وفي السياق نفسه، كان لهذه المناسبة أيضاُ، اهتمام في خطب صلاة الجمعة بالمساجد. فقد أكّد إمام جمعة النجف السيد صدر الدين القبانجي خلال خطبة الجمعة السياسية، على أن القدس هي "عنوان معركتنا مع الاستكبار العالمي"، مضيفاً بأن "الصرخة التي أطلقها الخميني قبل 46 عاما أن إسرائيل لابد أن تزول، نسمعها اليوم مرة أخرى في كل العالم الإسلامي بل العالم الأوروبي. أن إسرائيل لابد أن ترحل"، مؤكّداً على أن "شجرة المقاومة وتحرر الشعوب لن تموت رغم الإرهاب المعلن، وإن إسرائيل على مشارف الموت".
ساحة اليمن
وبمسيرات جماهيرية هي الأضخم عربيا، شارك اليمنيون بإحياء يوم القدس عبر مسيرات مليونية، في أكثر من 150 ساحة في 15 محافظة. مع الإشارة الى أنهم ينظمون مسيرات داعمة لغزة كل يوم جمعة من كل أسبوع منذ 6 أشهر مع بدء معركة طوفان الأقصى.
وحمل المشاركون في المسيرات الأعلام اليمنية والفلسطينية ورايات حركات المقاومة ولافتات شعار الصرخة ولافتات المناسبة المعبرة عن التضامن مع فلسطين، وقاموا بإحراق العلم الأمريكي وعلم الكيان المؤقت. وأكّد المحتشدون على أن اليمن لن يتخلى عن فلسطين وسيبقى على طريق القدس، وعلى أنهم مستعدّين للمشاركة في معركة تحرير فلسطين متى طلبت منهم قيادتهم ذلك. وشدّدوا بأن معركة التحرير لا تخص الشعب الفلسطيني وإنما هي مسؤولية الأمة بأكملها، وأن لا عذر لأي نظام في البلدان الإسلامية في التقاعس أو التخاذل أو التقصير عن القيام بدوره في تحرير فلسطين ونصرة شعبها.
ساحة سوريا
أحيت فصائل المقاومة الفلسطينية في سوريا هذه المناسبة، بعرض شبه عسكري كان بمثابة رسالة قوية لكل من يسأل (أو يتهكّم) عن موقف الدولة السورية من يوم القدس ومعركة طوفان الأقصى، بأنها ستكون دائماً الدولة العربية الوحيدة – رغم ما عانته طوال عقود ولا تزال من ضغوط وحصار واعتداءات إسرائيلية وحرب كونية - التي تحضن وتساند قوى المقاومة في فلسطين وغيرها من الدول، مهما يؤدي اليه هذا الخيار من نتائج عكسية.
وبالعودة الى العرض الذي نظّم تحت شعار "طوفان الأحرار"، فقد شارك فيه أبناء المخيمات الفلسطينية باللباس العسكري، بحضور شعبي واسع وعدد من كبار الضباط ومسؤولين وممثلين عن جهات رسمية سورية، وقيادات أحزاب وفصائل وقوى عربية وإسلامية ورجال دين.
ورفع في الفعالية التي نظمتها اللجنة الدائمة ليوم القدس في سوريا، أعلام سوريا وفلسطين والجمهورية الإسلامية وحزب الله وأعلام فصائل المقاومة الفلسطينية، وسارت مواكب العرض أمام منصة كبيرة تم نصبها في أكبر شوارع مخيم اليرموك الفلسطيني.
وفي الوقت عينه، تم تنظيم احتفالية أخرى بمدينة السيدة زينب (ع)، جنوب العاصمة دمشق، وشارك فيها حشد شعبي كبير، ورفعت خلالها أعلام سوريا وفلسطين ولافتات تناصر المقاومة في غزة.
ساحة لبنان
وفي لبنان، شارك الألاف من اللبنانيين واللاجئين الفلسطينيين بالمسيرات التضامنية التي تم تنظيمها في العديد من المدن والمخيمات من صيدا وبعلبك وطرابلس وبيروت. وقد رفع المشاركون فيها الأعلام الفلسطينية واللبنانية وأعلام فصائل وحركات المقاومة، مطالبين بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ومحاسبة إسرائيل وقادتها على الجرائم التي ترتكبها بحق الفلسطينيين.
أمّا الفعالية الأبرز، فكانت في الاحتفال المركزي لحزب الله في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت، والذي تخلله خطاب للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وقد أكّد السيد نصر الله على حتمية الرد الإيراني على الاعتداء الذي تعرّضت له القنصلية الإيرانية في دمشق. مشيراً إلى أهمية مرحلة ما بعد الرد الإيراني، وخيارات كيان الاحتلال التي ستحدد مسار التطورات، داعياً إلى أن تتحضّر كل الجبهات. وفي سياق متصل، أكّد السيد نصر الله على أن محور المقاومة وفي مقدمته المقاومة الفلسطينية، ذاهب إلى انتصار تاريخي وكبير في هذه المعركة، مع حتمية ذهاب إسرائيل الى الهزيمة الكبرى.
دول حول العالم
_ في الأردن: تظاهر المئات وسط العاصمة عمّان ومدن وقرى أردنية عدة، للتنديد بالعدوان الإسرائيلي على غزة، وللمطالبة بإسقاط اتفاقية وادي عربة ووقف العدوان الصهيوني، ومد جسر إغاثي لغزة لمواجهة سياسة التجويع الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. كما طالبوا بالإفراج عن معتقلي الرأي الموقوفين على خلفية المظاهرات المنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة.
_ نظمت مسيرات تضامنية مع الشعب الفلسطيني ومع المقاومة، في دول عديدة حول العالم: المغرب وتونس وباكستان وماليزيا والسويد والمملكة المتحدة.
الكاتب: غرفة التحرير