ينظر كيان الاحتلال إلى "طوفان الأقصى" وتوسع المواجهة إلى عدد من الجبهات كتهديد وجوديّ بالنسبة إليه. لذلك، كانت تصريحات الوزير عنيحاي إلياهو بضرورة ضرب قطاع غزة بقنبلة نووية أمراً متوقعاً نتيجة لأمرين، أحدهما التفكير النازي لهؤلاء، والآخر يقوم على قلق المسؤولين الإسرائيليين على تراجع تفوقهم في المنطقة. لكن هذا الأمر سلط الضوء مجدداً على الأسلحة النووية التي تمتلكها إسرائيل والتي يتخوف عدد من المسؤولين الاميركيين من استخدامها. فعلى الرغم من إصرار الولايات المتحدة على عدم الاعتراف الرسمي بوجود أسلحة نووية لدى الكيان، لكنها تدرك أن هذا "السر القديم" الذي يحتفظ بتفاصيله الرؤساء المتعاقبين، بات اليوم أكثر خطورة أكثر من أي وقت مضى.
أقرت واشنطن أمراً تنفيذياًّ سريّاً يلزم المسؤولين الاميركيين بعدم الاعتراف رسمياً بأن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية.
في 13 شباط/ فبراير عام 2017، زار وفد من كبار المسؤولين الإسرائيليين البيت الأبيض أرادوا مناقشة العديد من القضايا مع نظرائهم الأمريكيين الجدد. وكان على رأس القائمة رسالة سرية تتعلق وعد كان الإسرائيليون قد قطعوه بعدم مناقشته علناً، وهو ترسانة إسرائيل النووية غير المعلنة. بعد عام تقريباً وصفت مجلة نيويوركر، توتراً في الجناح الغربي حيث حاول الوفد الإسرائيلي الحصول على اعتراف رسمي من الرئيس السابق دونالد ترامب. وهذا الأمر الذي تكرر قبل 8 سنوات أيضاً على عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما. كان الطلب الإسرائيلي يؤكد على تعهد أميركي ايضاً بعدم الضغط على إسرائيل، للتخلي عن أسلحتها النووية.
يشير المؤرخ النووي معهد ميدلبري للدراسات الدولية في مونتيري، لأفنير كوهين، إلى ان إسرائيل تجاوزت العتبة النووية عشية حرب الأيام الستة في عام 1967. في ذلك الوقت، كان لديها ثلاثة أجهزة نووية. وكانت الجهود الإسرائيلية لبناء قنبلة في المجمع النووي في ديمونة مصدرا للتوتر مع واشنطن منذ ما يقرب من عقد من الزمان. ولكن بحلول خريف عام 1969، عندما التقت غولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل بريتشارد نيكسون في البيت الأبيض، كانت حيازة إسرائيل للأسلحة النووية أمرا واقعا، وتوصل الجانبان إلى تفاهم غير مكتوب: فالإسرائيليون لن يعلنوا أو يختبروا أو يهددوا باستخدام أسلحتهم النووية؛ ولأن الإسرائيليين لن يعلنوا أو يجربوا أو يهددوا باستخدام أسلحتهم النووية؛ وأن الإسرائيليين لن يعلنوا أو يجربوا أو يهددوا باستخدام أسلحتهم النووية؛ أو أن يرفضوا استخدام أسلحتهم النووية ولم يضغط الأمريكيون على الإسرائيليين للتوقيع على معاهدة دولية تاريخية لمنع انتشار الأسلحة النووية تعرف باسم NPT (لم تصبح إسرائيل أبدا من الموقعين وتوقفت الجهود الأمريكية لتفتيش ديمونة).
حينها، كانت آخر ما تريده واشنطن أن تستفز الاتحاد السوفياتي التكنولوجية النووية مع مصر او سوريا بذريعة "تحقيق التوازن" مع أي سلاح إسرائيلي في المنطقة. وكان القرار الأميركي بتشديد الحرص على عدم كشف أي معلومات سرية تتعلق بالبرنامج النووي الإسرائيلي، كما عدم الضغط على الحكومة للتخلي عن الأسلحة.
تقول صحيفة واشنطن بوست في هذا الصدد، أنه "مع الانفجارات العلنية الأخيرة للمسؤولين الإسرائيليين بشأن استخدام الأسلحة النووية في غزة، تبخرت أي فائدة محتملة قد تكون لهذه للسياسة الأميركية. بل الحفاظ على السرية لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأمور".
حاول عدد من الصحفيين لاحقاً رفع السرية عن العديد من الوثائق الأرشيفية المتعلقة ببرنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي. ومع ذلك، قام البنتاغون مؤخراً بتنقيح جميع الإشارات إلى البرنامج النووي الإسرائيلي من مذكرة عمرها 60 عاماً كتبها دبلوماسيون أمريكيون حول الحاجة إلى محادثات إقليمية لنزع السلاح النووي في الشرق الأوسط، حتى قبل أن تنتج إسرائيل سلاحا.
وتذكر الصحيفة أن البيت الأبيض أصدر لائحة -موصوفة في نشرة تصنيف وزارة الطاقة- تهدد الموظفين الحكوميين الحاليين والسابقين بإجراءات تأديبية، بما في ذلك الفصل، إذا اعترفوا علناً بأن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية. لاحقاً تم حجب اللائحة من النشر العام.
الكاتب: غرفة التحرير