لطالما كانت التنظيمات الإرهابيّة أدوات فاعلة بدرجة عالية بالنسبة للإدارة الأميركيّة، فالأخيرة تستثمر في هذه الكيانات باتجاهين، الأول هو دعمها وتوجيهها لمحاربة خصوم واشنطن في سوريا والعراق وإيران وغيرها، والثاني، هو اتخاذها مطيّةً لتبرير التدخّل الأميركي العسكري في دولةٍ ما، تحت عنوان "محاربة الإرهاب"، كما حصل في أفغانستان سابقًا، وفي سوريا خلال السنوات الأخيرة، فمع اندلاع الحرب الدولية على سوريا في العام 2011، سارعت الولايات المتحدة إلى إنشاء ودعم وكلاء من الفصائل السورية لمحاربة النظام السوري واتّخذت من وجودهم مطيّة للتموضع العسكري في البلد المستهدف كنوع من شرعنة احتلالها لهذا البلد، بذريعة محاربة الإرهاب. كيف دعمت الولايات المتحدة هذه التنظيمات واستخدمتها كذريعة لبقائها في سوريا إلى يومنا هذا؟
هيئة تحرير الشام
لطالما اتّسمت العلاقة الأميركية مع الإرهاب في سوريا بالسريّة، إلا أنها أصبحت معلنة مع هيئة تحرير الشام التي تتّخذ من إدلب مقراً لها. ففي تصريحٍ إعلامي، قال زعيم "هيئة تحرير الشام"، أبو محمد الجولاني: "إن تنظيمه لا يشكّل أي خطرٍ على الولايات المتحدة".
الولايات المتحدة من جهتها، لا تنفي العلاقة مع هيئة تحرير الشام، وفي الوقت نفسه لا ترفعها إلى درجة الحليف، إنما تصفها بالخيار الأقل سوءًا. هذا ما جاء في تصريحات المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا جيمس جيفري الذي قال إن: "هيئة تحرير الشام هي الخيار الأقل سوءًا للولايات المتحدة".
دعم تنظيم داعش
لم تكن هيئة تحرير الشام التنظيم الوحيد المدعوم من واشنطن ففي مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست، كشف الكاتب أليكس هورتون "استخدام داعش صواريخ قدمتها الولايات المتحدة في انتهاك للاتفاقيات مع صانعي الأسلحة حيث استغرق الأمر أسابيع فقط حتى تحصل الدولة الإسلامية على صواريخ أمريكية مضادة للدبابات".
أما المفكر السياسي الأميركي نعوم تشومسكي فقد تحدّث عن تورّط الولايات المتحدة بصنيعة داعش من خلال خلق أسباب التطرّف، بسبب العقوبات الاقتصادية، ويجد أن "سياسات الحرب والعقوبات للولايات المتحدة في العراق أدت إلى زعزعة استقرار مجتمعه المدني، وأثارت الانقسامات الطائفية، التي خلقت بعد ذلك تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الإرهابي، "الولايات المتحدة خلقت خلفية في العراق ساعدت على نمو وتطور داعش.
خطاب تولسي جابرد عن دعم الوكلاء الإرهابيين
بموجب القانون الأميركي، فإنه من غير القانوني لأي أميركي أن يقدم المال أو المساعدة للقاعدة أو داعش أو الجماعات الإرهابية الأخرى. إذا قدم مواطن أمريكي أموالاً أو أسلحة أو دعمًا للقاعدة أو داعش، فسوف يُلقى به في السجن. بهذه الكلمات بدأت النائبة الأميركية في الحزب الديمقراطي تولسي جابرد خطابًا لها في 13 كانون الثاني/ يناير 2017 كشفت فيه الدعم العسكري الدعم المالي والعسكري والاستخباراتي الذي تقدمه الولايات المتحدة لوكلائها الإرهابيين في سوريا، وتابعت، ومع ذلك، فإن "حكومة الولايات المتّحدة تنتهك هذا القانون منذ سنوات، حيث تدعم بهدوء حلفاء وشركاء القاعدة وداعش وجبهة فتح الشام وغيرها من الجماعات الإرهابية بالمال والأسلحة والدعم الاستخباراتي، في معركتهم للإطاحة بالحكومة السورية. كانت وكالة المخابرات المركزية أيضا مجازاته الأسلحة والمال من خلال المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر وغيرها ممن يقدمون الدعم المباشر وغير المباشر لجماعات مثل داعش والقاعدة. وقد سمح هذا الدعم للقاعدة والمنظمات الإرهابية الأخرى بتأسيس معاقل في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك حلب".
بعدما ثبت تمويل ودعم الولايات المتحدة للتنظيمات الإرهابية في سوريا، وبعد هزيمة مشروع الإرهاب، استثمرت الإدارة الأميركيّة في محاربة الإرهاب، بزعم إنهاء الحرب على سوريا، وعودة الاستقرار، مع العلم أن مشروع التنظيم في إقامة دولة في سوريا والعراق كان قد سقط، ومع ذلك استمرت الولايات المتحدة بمزاعم محاربته، ذلك أن الغرض الأساسي هو بقاء الوجود الأميركي في سوريا، وهو ما ظهر في تصريحات المسؤولين الأميركيين الذين برروا هذا الوجود بمحاربة داعش أولًا، ثم بعد انتفاء هذه الذريعة، جرى تبرير السبب بمنع وصول الدعم الإيراني إلى فلسطين، وترتيب الواقع السياسي في سوريا.