تأخذ معركة "طوفان الأقصى" شكلاً آخر من المواجهة على صعيد السرديّة العالمية. وفي الوقت الذي تتزايد فيه الخسائر الإسرائيلية على غير صعيد، يحاول الاعلام الغربي مساندة كيان الاحتلال لخلق سردية يجتهد من خلالها لكسب التأييد الدولي وتبرير الجرائم وخلق رأي عام. ضمن هذا الإطار تأتي تغطية كل من "سي ان ان" و"التايمز" اللتين اخذتا على عاتقهما فبركة ما جرى في 7 أكتوبر وما بعدها من أحداث. في حين يتضح من طريقة التغطية، انها قد استندت على تحريض إسرائيلي مباشر.
تواصل وسائل الإعلام الرئيسية الغربية نشر الدعايات والفبركات دون اعتبار للثغرات الواضحة في الرواية الإسرائيلية. حيث أعطى مقال التايمز، الذي نشر في أواخر كانون الأول/ ديسمبر، دفع قوي لهذه الدعاية، نتيجة ارتباطها باسم كاتبها المعروف جيفري جيتلمان، المراسل الحائز على جائزة بوليتزر. وتقول منصة "الانتفاضة الالكترونية" أنه بالفعل كان "احتيال صحفي".
يرتكز المقال على ترويج الادعاء الإسرائيلي بحدوث اغتصاب جماعي لنساء إسرائيليات في 7 أكتوبر. على رغم من ان عائلة غال عبدوش، المرأة المتوفاة التي صورها جيتلمان كضحية للعنف الجنسي، تنكروا المقال واتهموا التايمز بتضليلهم والتلاعب بهم. ويقولون إنه لا يوجد دليل على أن عبدوش تعرضت للاغتصاب.
كما اعتمد جيتلمان للحصول على "أدلة" على "زاكا"، وهي جماعة يهودية متطرفة تجمع الجثث وأجزاء من أجسادها لدفنها، والتي لفق قادتها روايات عديدة عن الذي ارتكبت منذ 7 أكتوبر. بالمقال يتهم تحقيق أجرته مؤخراً صحيفة هآرتس الإسرائيلية "زاكا" باستخدام جثث الأشخاص الذين قتلوا في 7 أكتوبر/تشرين الأول كدعائم لجمع التبرعات، وأنه كجزء من جهودها "للحصول على تغطية إعلامية، نشرت زاكا روايات عن جرائم لم تحدث أبدا، ونشرت صوراً حساسة وصادمة، وتصرفت بشكل غير مهني على الأرض".
في 28 كانون الثاني/ يناير، كشف The Intercept أن التايمز سحبت حلقة من البودكاست The Daily الذي استند إلى مقال جيتلمان عن الاغتصاب الجماعي. وتم اتخاذ قرار عدم بث الحلقة "وسط نقاش داخلي غاضب حول قوة التقارير الأصلية للصحيفة حول هذا الموضوع"، وفقا ل The Intercept.
كان من المفترض أن تبث الحلقة في 9 كانون الثاني/ يناير، ولكن مع تزايد الانتقادات لتقارير جيتلمان داخلياً وخارجياً، وضعت The Daily النص الأصلي على الرف وعلقت الحلقة.
تمت صياغة نص جديد، اعتمد على خلق حالة من "عدم اليقين" وبالتالي "طرح أسئلة مفتوحة لم تذكر في المقال الأصلي". لكن حتى هذا النص الجديد "لا يزال موضع جدل كبير" داخل غرفة أخبار التايمز ولم يتم بثه بعد.
سمحت إدارة الصحيفة لجيتلمان بنشر مقال في 29 كانون الثاني/ يناير، في محاولة لإصلاح قصته الأصلية، لكنه فشل في معالجة الانتقادات الموجهة له.
وبحسب المعلومات المتداولة فإن حلقة بانوراما من المرجح أن تستند إلى "أدلة سرية" قدمت من قبل جواسيس إسرائيليين. وبانوراما هو برنامج رائد في سي ان ان. ومن المقرر عرض الحلقة في 19 شباط/ فبراير بعنوان "إمبراطورية حماس المالية السرية".
وبعث منتج وير ليو تيلينغ برسائل الشهر الماضي إلى أربعة فلسطينيين ومسلمين بريطانيين بارزين على الأقل، مما أتاح فرصة للرد على المزاعم التي أثيرت في الحلقة.
لا تعد هذه القصة هي الأولى في سجل سي ان ان والتايمز، حيث عمدت الأخيرة سابقاً إلى فبركة بودكاست عن تنظيم داعش الإرهابي، ليتضح فيما بعد أن الذي أدلى بشهادته هو كندي لفّق قصته بالكامل. ولكن بدلا من تعلم الدروس من هذا أو تقاريرها الكاذبة عن "أسلحة الدمار الشامل" العراقية التي ساعدت في تمهيد الطريق للحرب العدوانية التي قادتها الولايات المتحدة ضد العراق في عام 2003 يبدو أن إدارة التايمز تضاعف جهودها ضمن هذا المسار.
الكاتب: غرفة التحرير