رفض نتانياهو مقترح حماس الأخير، خلال مؤتمر صحفي عقده الأربعاء 7 شباط، حيث جدد وعده بالقضاء على حماس، وقال إن النصر التام على حماس هو الحل الوحيد للحرب في غزة، مضيفاً "النصر الكامل وحده هو الذي سيسمح لنا باستعادة الأمن في إسرائيل، في الشمال والجنوب". ما هي مواقف الأطراف الداخلية من استمرار العملية البرية؟
مواقف الأطراف الداخلية من العملية البرية
- موقف نتنياهو: نظر بنيامين نتنياهو إلى العملية البرية كحتمية لا مفرّ منها. حيث تمسّك باستمراريتها حتى تحقيق الأهداف المنشودة، إذ أنه لا يزال يكرّر، أن العملية العسكرية في غزة ستتواصل، ولم تؤثر احتجاجات أهالي الرهائن والمتضامنين معهم حتى الآن على موقفه، فهو يشدد دائماً على مواصلة الحرب حتى تحقيق "النصر الكامل"، وتفكيك حماس، وإعادة جميع المختطفين، وجعل غزة مكاناً لا يشكل تهديداً لـ"إسرائيل". بالإضافة إلى ذلك، أعلن الأربعاء بشكل صريح نيته بدء هجوم على مدينة رفح.
- موقف المعارضة: دعمت المعارضة في الكيان المؤقت العملية البرية، والتي أجمعت عليها مختلف المكونات الإسرائيلية وبقيت الخلافات حول تفاصيلها وتكتيكاتها، لكن تمايزت عن نتنياهو ويمينه المتطرف بأولوية إعادة الأسرى المخطوفين.
- موقف الجمهور: توقّع الجمهور الإسرائيلي، نتيجة ما تعرّض له ومن منطلق الانتقام، ضربة كبيرة ضد "حماس"، على الرغم من التخوف من الخسائر المتوقعة. وقد قدّم الجمهور الإسرائيلي دعماً واضحاً للاجتياح البري، إلى جانب توقعاته بشأن تحقيق أهداف الحرب التي حددها المجلس الوزاري المصغّر، وبذلك لم يفقد بعد نتنياهو دعم المجتمع الإسرائيلي من مواصلة الحرب، لكن تجدر الإشارة، إلى أن الضغط الذي يتعرض له من أهالي المخطوفين يشكل أحد العوائق الأساسية في قراره باستمرار الحرب، والذي سيرتفع تأثيرهم في الأيام القادمة نتيجة رفضه صفقة التبادل. والأهم من ذلك بدأ المجتمع الإسرائيلي يشعر بفشل العملية البرية ما سيؤدي إلى تعديل موقفه عن جدوى استمرار الحرب في ظل تكبد الخسائر البشرية والمادية.
- موقف الخبراء: ارتفعت التحذيرات داخل الأوساط الإسرائيلية ذات الخبرة العسكرية من مغبة الإقدام على عملية برية، وقدّر بعض المحللين والخبراء العسكريين الإسرائيليين أن الكيان لن يكون قادراً على تفكيك بنية حماس، لكن يمكن إضعاف الحركة قدر الإمكان حتى لا تكون لديها قدرات تشغيلية، وهو هدف "أكثر واقعية"، وخصوصاً أن الكيان خاض أربع حروب ضد حماس، وباءت كل المحاولات الرامية إلى وقف هجماتها الصاروخية بالفشل.
يصرّ نتنياهو على مواصلة العملية البرية حتى تحقيق "النصر الكامل"، لكن المؤشرات تؤكد على عدم جدوى هذه المعركة على الرغم من التأييد الداخلي الذي لا يزال ملتف عليه حتى الآن مع وجود مؤشرات إلى بداية انقلاب في الرأي والمواقف، باستثناء رأي الخبراء الذين يرون استحالة القضاء على حماس واعتبرها البعض منهم بأنها أيديولوجيا متجذرة في قلب وعقل أهالي غزة. وبالنتيجة إن أي اتفاق جديد سيمنح "إسرائيل" سلّم للنزول من حرب وصلت إلى طريق مسدود، لا مستقبل لها.
يكمل نتنياهو مساره العسكري، في ظل كثرة الحديث عن ضرورة سحب الثقة من حكومته لفشلها في إعادة المختطفين وما التخبط الكبير في غزة إلا إنذاراً بنهايتها. ومع استمرار هذه الحرب، بدأت الخلافات والصراعات الداخلية تعود إلى الواجهة مجدداً، وتعمّق الشرخ داخل المجتمع الإسرائيلي من جديد. فعلى الرغم من تمسّك بعض قادة الكيان بهذا الخيار العسكري، أمثال نتنياهو واليمين المتطرف، إلّا أنه بات واضحاً أن المصالح والنوايا الشخصية والسياسية هي التي تحكم هذه المواقف، حيث يسعى رئيس الوزراء وحلفائه استغلال هذه المعركة للحفاظ على الائتلاف الحكومي ومستقبله السياسي. وفي الوقت الذي ينتظر الجمهور الإسرائيلي انتصاراً عسكرياً.
خلق الأداء الفاشل لجيش الاحتلال في غزة، أزمة ثقة كبيرة لدى المواطنين، إذ أن فشل العملية البرية على قطاع غزة، يمكن أن يشكّل خيبة أمل شعبية كبيرة جداً في المرحلة المقبلة ما سينعكس سلباً على مستقبل الكيان برمته.
الكاتب: غرفة التحرير