يعد الهجوم العراقي الذي تعرضت له القوات الأميركية في الأردن، هو الأول من نوعه منذ الحرب الكورية، وهو الأمر الذي أعاد تسليط الضوء مرة أخرى على جدوى بقاء الجنود الأميركيين بهذا الانتشار في أنحاء الشرق الأوسط. ونتيجة المحاولات التي يقودها الرئيس الأسبق دونالد ترامب والمرشح الرئاسي للانتخابات القادمة، في التصويب على الإدارة الحالية، عاد النقاش حول مدى جهوزية القواعد والمراكز الأميركية للتعامل مع مثل هذه الهجمات أولاً، وتأثير البنتاغون على تقييد عمل الجيش الأميركي.
يتكون الاسطول الجوي الأميركي لدى مختلف وحدات الجيش -من ضمنها البحرية- من حوالي 13247 طائرة، ما يجعله الأكبر في العالم. لكن هذا الأسطول يتعرض لضغوط من قيود الميزانية وفرص الاستثمار الجديدة. وأعلنت القوات الجوية الأميركية أنها ستقاعد أكثر من 200 طائرة قديمة. على الرغم من التضخم المتزايد في ميزانية البنتاغون والتي وصفها البعض "بالكارثية".
وتشير صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن "القوات الأميركية نجحت تعاملت مع أكثر من 160 هجوماً منذ تشرين الأول/ أكتوبر. لكن، على الرغم من أن هذا الأداء إلا أن وزارة الدفاع فشلت في تزويدها بأفضل التقنيات المتاحة للدفاع ضد هذه الهجمات، حتى مع تضاؤل قدراتها في الشرق الأوسط مع محورها نحو المحيط الهادئ". معتبرة أن "هذا ما أدى إلى الضربة الناجحة على قاعدتنا في الأردن. على الرغم من أن البنتاغون يعرف ما تحتاجه قواتنا، إلا أنه سمح لنفسه بأن يكون غارقاً في البيروقراطية بحيث لا يمكن توفير الاحتياجات".
ويقول كريستوفر سي ميلر الذي شغل منصب وزير الدفاع بالإنابة، لعامي 2020-2021. وهو مؤلف كتاب "وزير الجندي: تحذير لساحة المعركة والبنتاغون من أخطر أعداء أمريكا"، أن "وزارة الدفاع ملتزمة بدورة تخطيط الميزانية الخمسية القائمة والتي تبدو مقدسة، على الرغم من أنها تخاطر بحياة القوات. وإذا فشل الجيش الأميركي في تغيير ذلك، فإنه يجازف بالهزيمة من قبل العدد المتزايد من القوى المعادية".
ويشير ميلر إلى حاجة القوات الأميركية المنتشرة في الشرق الأوسط على نظام دفاع جوي فاعل ضد الطائرات المسيرة، والتي نفذت عمليات ناجحة وقامت باستنزاف جبهات عدة في وقت واحد وأثبتت قدرتها على التأثير في الميدان. وقال أن ما تحتاجه القوات الأميركية أمر واضح لكن البيروقراطية في البنتاغون تعرقل التنفيذ. مشيراً إلى ان هناك أنظمة معدة للتعامل مع هذه الهجمات لكن "لم يتم نشرها على نطاق أوسع لجميع وحدات الجيش التي يمكن أن تستخدمها، وأعداؤنا يتكيفون بينما يكافح البنتاغون للحصول على المزيد".
عام 2019، حاول بعض قادة الجيش الأميركي إضفاء الطابع المؤسسي على أنظمة الدفاع للطائرات دون طيار من خلال إنشاء مكتب معروف باسم JCO، لكن ذلك أدى فقط إلى تفاقم شلل البنتاغون.
لقد تحولت JCO إلى إحراج يرمز إلى استراتيجية المشتريات الشاملة لوزارة الدفاع. يجري المكتب سلسلة لا نهاية لها من أحداث الاختبار التي لم تسفر بعد عن شراء فعال للأنظمة الحيوية للقوات المنتشرة خارج الجغرافيا الاميركية. حيث طلبت JCO من صناعة الدفاع إنفاق الملايين من دولارات الشركات الخاصة للمشاركة في الاختبارات التي فرضتها JCO لإنشاء قائمة معتمدة من الموردين.
وبحسب صحيفة وول ستريت جورنال، فإن المكتب تجاهل التوصيات التي أعطيت له. وفي أوكرانيا مثلاً، اختارت JCO الأنظمة التي لم تتم الموافقة عليها في الاختبارات الميدانية السابقة بدلا من تلك المتاحة من الشركات التي ضخت الأموال للحصول على شهادة JCO.
وقال المكتب حينها، إنه تجاهل معاييره المحددة لشراء الأنظمة لأنه كان لا بد من الحصول عليها بسرعة كبيرة، لكن الشركات المعتمدة من JCO كان بإمكانها توفير الأنظمة بسرعة. وعلاوة على ذلك، فإن الحاجة الآن إلى أنظمة مضادة للطائرات غير المأهولة ملحة أيضاً. مع تكلفته الهائلة للشركات والاستخدام التعسفي على ما يبدو، يؤثر نظام اختبار JCO بشكل غير عادل على المقاولين غير التقليديين، ويحد من الابتكار ويساهم في تآكل القاعدة الصناعية الدفاعية الأميركية، بحسب ما أشارت الصحيفة.
الكاتب: غرفة التحرير