حالة من "النكران" تعيشها السعودية بعد الصدمة التي أصابتها جراء "الضربة" القوية التي هشّمت هيبة فرَقها البرية ومرتزقتها في جيزان بعملية نوعية قام بها الجيش واللجان الشعبية في جيزان، خاصة بعدما تم توثيق هذه "الهزيمة النكراء" بالصوت والصورة، وغزت المشاهد المصوّرة كل القنوات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، وهي التي اعتمدت دائمًا على سياسة التعتيم الإعلامي "لحفظ ماء وجهها" أمام الرأي العام.
فتحرير 150 كلم والسيطرة على 40 موقعًا خلال 12 ساعة تقريبًا يعني ان القادر على إحكام السيطرة على هذه المساحات الواسعة خارج الأراضي اليمنية، هو قادر بطبيعة الحال على اسقاط مدن سعودية أخرى، وهو الأمر الذي شكّل صفعة أدخلت المملكة في حالة هستيرية ترجمتها بشن أكثر من 20 غارة جويّة على جبهات مأرب وحوالي 6 على منطقة صليف، وهو ما لا يغير شيئًا من واقع الميدان.
و"المخزي" بالنسبة للسعودية ليس فقط السيطرة على هذه المساحات دفعة واحدة وتفريغها من المواقع العسكرية فيها، بل مشاهد فرار المقاتلين السعوديين دون أي اشتباكات تُذكر، بطريقة لاعقلانية كانت لتكون أشبه بعمليات "الانتحار الجماعي" عن السفوح والمنحدرات الجبلية الوعرة.
"إذا كانت مشاهد عملية جيزان أوصلت الرعب بكم إلى عدم استيعاب حقيقتها، فكيف ستصفون العمليات والمشاهد القادمة التي تفوق ما شاهدتهم"، هكذا ردّ عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي على ادعاءات السعودية بأن مشاهد العملية النوعية مركبة، فيما أكد على انهم حاضرين لتبادل جثامين القتلى عبر الصليب الأحمر.
واللافت ان هذه العملية قد أتت بعد أيام من جولة المتحدث الرسمي للجيش واللجان الشعبية العميد يحيى سريع إلى جيزان، أكد خلالها ان "قوات صنعاء بإمكانها نقل المعركة إلى العمق السعودي"، وهو ما أثبتت أنها قادرة على فعله بعد العملية النوعية الأخيرة التي قامت بها.
من جهة أخرى تستمر السعودية بضرب حصار على اليمن دون وقف العدوان عليها ايضًا بغية استخدام الملف الإنساني كورقة ضغط في المفاوضات، إضافة لمطالبها بعدول قوات صنعاء عن حسم معركة مأرب عسكريًا، وبهذا تكون عملية جيزان بمثابة رسالة سياسية واضحة بأن المعركة البديلة لمدينة مأرب لن تكون في الداخل اليمني بل على الأراضي السعودية، مما سيجعل الاخيرة مضطرة لرفع الحصار ووقف الاعتداءات والانتهاكات على البلاد.
الكاتب: غرفة التحرير