في مسعى للخروج من الأزمة الحكومية الراهنة التي تعصف بكيان الاحتلال الاسرائيلي أطلق رئيس حكومة تل أبيب بنيامين نتنياهو الذي يخشى الاطاحة به، تهديدات جديدة ضد الجمهورية الاسلامية، رغم علمه هو وأقرانه بأنها غير مؤثرة على إيران، وأنها مجرد زوبعة في فنجان، فمن هُزم في معركة "سيف القدس" في غزة قبل أيام أمام فصائل المقاومة الفلسطينية في منطقة جغرافية لا تتجاوز 365 كلم مربع، وهي تخضع للحصار والرقابة الشاملة، لا يستطيع ان يهدد ويتوعد رأس محور المقاومة والداعم الاساس لجيوشه وقواه وفصائله على امتداد ملايين الكيلومترات من الجغرافيا التي تحيط باسرائيل، وتطوقها من ست جبهات، وتوجّه صوبها اكثر من مليون صاروخ بانتظار لحظة المواجهة المصيرية الحاسمة.
غانتس يحذر نتنياهو
وزير الحرب الاسرائيلي بني غانتس رد دون تأخير على تصريح غريمه نتنياهو، و حذر من خطورته على العلاقات الاسرائيلية الاميركية، وقال إن الخلافات مع الولايات المتحدة بشأن إيران ستحل في غرف مغلقة "وليس بخطاب متحدي يضر بأمن إسرائيل".
تصريح نتنياهو الذي ألمح فيه الى احتمال تنفيذ هجوم على المنشآت النووية الايرانية حتى لو أدى ذلك الى "الاحتكاك مع صديقة اسرائيل الولايات المتحدة الاميركية" أغضب البيت الأبيض كذلك، فاستدعت واشنطن غانتس على الفور لمناقشة تهديدات نتنياهو رغم خواءها، حيث نقل موقع "والا" العبري أن غانتس سيزور واشنطن الأسبوع القادم ويلتقي نظيره الاميركي لويد أوستن لمناقشة القضية الايرانية، واستغلال نتنياهو لهجوم على إيران لمنع الإطاحة به، إلى جانب قضايا أخرى مثل عملية حارس الجدار، والشؤون الإقليمية والمشتريات.
واشنطن غاضبة من تصريح نتنياهو
واشنطن التي توشك التوصل الى تسوية كبرى في المنطقة تقضي بعودتها الى الاتفاق النووي، وخفض مستوى التوتر مع الجمهورية الاسلامية، لن تسمح لنتنياهو حسب مجلة بوليتيكو الاميركية بان يعيق خطتها الجديدة للشرق الاوسط وتحديدا الاتفاق النووي، فضلا ان اشعال النار في الشرق الاوسط سيعرض المصالح والجنود الاميركيين الى جحيم النار لن تتوقف اذا ما اندلعت، وسيكون لمحور المقاومة وايران الكلمة والطلقة الاخيرة فيها.
محور المقاومة لا يكترث وينتظر اللحظة المصيرية
تهديدات نتنياهو لم تكترث لها طهران وهي التي شاهدت كما العالم كله، حجم الهزيمة التي مٌنيت بها "اسرائيل" في معركة غزة الاخيرة، وما كشف عنها من تنسيق وتعاون في اطار غرفة عمليات مشتركة في بيروت بين قوى الفصائل الفلسطينية وحزب الله والحرس الثوري، ومعرفة قوات الاحتلال ان فتح المعركة مع ايران ستفتح عليها كافة جبهات محور المقاومة الستة من طهران و بغداد واليمن مرورًا بدمشق وبيروت ولا تنتهي بغزة والضفة بل أبعد من ذلك، حيث يمتلك محور المقاومة من مفاجآت غير تقليدية، فضلاً عن القوة الصاروخية الضخمة والجيوش والقوى المدّربة، والمستعدة للمبارزة النهائية التي ستغير وجه المنطقة برمتها، كما اعلن عن ذلك غير مرة الناطق باسم محور المقاومة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
نتنياهو : هاجس المحاكمة الداخلية والخارجية
وكان نتنياهو الذي يواجه استحقاقًا حاسمًا خلال الايام والساعات القادمة في أزمة تشكيل الحكومة، بالاضافة الى هاجس محاكمته بتهم الفساد داخليا، ولاحقًا بارتكابه جرائم حرب في محاكم دولية، يجهد لاستخدام آخر اوراقه وخلطها حيث قال "إذا احتجنا إلى الاختيار _ وأتمنى ألا يحدث ذلك_ بين الاحتكاك مع صديقتنا العظيمة الولايات المتحدة، وإزالة التهديد الوجودي ( يقصد إيران)، فإن إزالة التهديد الوجودي هي التي تتغلب".
كما دعا إلى استمرار العمليات السرية ضد الجمهورية الاسلامية، وأضاف: "لقد قلت هذا لصديقي (يقصد بايدن) لمدة 40 عاما.. مع أو بدون اتفاق، سنواصل بذل كل ما في وسعنا لإحباط تسليح إيران باستخدام الأسلحة النووية" وفق قوله.
وأشار نتنياهو في حديث خلال حفل لرئيس الموساد الجديد، ديفيد بارنيا، إلى أن "التهديد الوجودي الأكبر الذي يواجه إسرائيل هو احتمال حصول إيران على أسلحة نووية"، محذرًا من أن "هذا الجهد المزعوم يعرض الدولة اليهودية للخطر" كما قال.
الموساد يعترف باستهدافه النووي الايراني
غانتس بدوره صرح بأن " إيـران هي تهديد للاستقرار الإقليمي والسلام العالمي، ودولة تولد الإرهاب وتروج لبرنامج نووي يشكل خطورة على إسرائيل، ومع ذلك، فإن إسرائيل هي أقوى دولة في المنطقة ضمن دائرة نصف قطرها 1500 كيلومتر من القدس".
رئيس الموساد المنتهية ولايته يوسي كوهين بدوره اعترف بتنفيذ الموساد لعمليات هجومية ضد البرنامج النووي الايراني، وزعم أن كيان الاحتلال قد تمكن من اختراق "قلب" إيران.
ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية عن كوهين قوله: " لقد اخترقنا قلب العدو الإيراني، وقد عملنا على جمع المعلومات باستمرار وكشف أسرارهم.. وكشفنا للعالم كله عن برنامج إيران النووي العسكري وخططها واحتفاظها بالقدرات في المجال النووي العسكري.." مشيرًا الى اغتيال العالم النووي الايراني الدكتور الشهيد محسن فخري زادة.
ولاحقًا أعلن الاعلام العبري ان "إسرائيل" ستطلب من الولايات المتحدة مساعدة عاجلة بقيمة مليار دولار لتجديد مخزونات الذخيرة التي تقلصت لديها في أعقاب الحرب الأخيرة في غــزة.
جعجعة دون طحين في تل أبيب احدى أهم أهدافها، رأب الصدع الذي مُنيت بها القبة السياسية والأمنية والعسكرية والاجتماعية الاسرائيلية في معركة سيف القدس، والخسارة المدوية التي جعلت "اسرائيل" في عزلة حتى مع حليفها بايدن الذي يبدو انه يسابق الوقت للتخلص من العبىء الثقيل لنتنياهو، رغم التزامه ببقاء التفوق العسكري لاسرائيل، والحفاظ على العلاقات الاستراتيجية معها.
هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع
-إعلامي وباحث سياسي.
- استاذ الإعلام في الجامعة اللبنانية.
-دكتوراه في الفلسفة وعلم الكلام.
- مدير موقع الخنادق الالكتروني.
mshamass110@yahoo.com