على الرغم من مرور أربعة وسبعين يوماً على الحرب الهجينة التي يشنّها الكيان المؤقت على قطاع غزة، يصرّ قادة الكيان على أنّ ما تم إنجازه من مجازر هو سلسلة من النجاحات المخطط لها، التي وضعها مع بداية الحرب، وتتفاوت التعليقات حول من يرى أنّ الكيان قد حقق أهدافه ومن يرى العكس، إلا أنّ ما يفضح زيف الاحتلال ليس فقط ما تقدمه المقاومة الفلسطينية من إنجازات وحسب، بل ما ينقله الإعلام العبري من إخفاقات على المستوى السياسي والعسكري والأمني.
ما هي الإنجازات التي يقدمها الاحتلال؟ وما هي الانتقادات حولها؟
يُستخلص من الآراء الإسرائيلية والتعليقات التي تُقدم سردية الإنجازات التالي:
- تحقيق أهداف المراحل الأولى من الحرب والبدء بالمرحلة التالية.
- تحقيق ضربات "قاسية" لقادة المقاومة.
- تدمير البنى التحتية لحركة حماس.
- الترويج لسردية أن أمد الحرب سيطول إلى حين تحقيق الأهداف.
- اعتبار تحرير الأسرى هو من الإنجازات المهمة والتي لا تقل أهمية عن "إنهاء" حركة حماس.
أما الآراء والتعليقات التي تفند الإنجازات الإسرائيلية الوهمية فهي:
- عدم مصداقية الأهداف وخسارة الوقت دون تحقيقها منذ بداية الحرب على غزة، في سياق ذلك كتب محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "إسرائيل هيوم"، يوآف ليمور: "يجب قول الحقيقة، فلقد وصلت إسرائيل إلى طريق مسدود وخسرت وقتاً ثميناً. خسرت وقتاً إلى أن تمّ وضع المهام التي تعالج مسألة الأسرى، وبعدها، خسرت المزيد من الوقت قبل أن تدخل في مفاوضات جادة مع حماس بوساطة أميركية ومصرية وقطرية، ثمّ خسرت المزيد من الوقت في محاولة تحسين المخطط الذي حددته، والآن تضيع الوقت مرة أخرى، معتقدة أن الضغط العسكري سيدفع حماس إلى تقديم تنازلات ومساومات. هذا الزعم مشروع، ولكنه يبقى من دون دليل، ففي الواقع، لم يتغيّر المخطط السابق إلا بصورة ضئيلة أثناء القتال، وفي المقابل، بقي المحتجزون في الأسر لأكثر من أسبوع بعد انتهاء الهدنة".
- الانتصار الإعلامي للقضية الفلسطينية وتراجع الرواية الإسرائيلية. قال عضو الكنيست من حزب العمل أفرات رايتن للقناة 12العبرية إنّ "حماس تنتصر إعلامياً حول العالم، والكل اليوم يتحدث عن الفلسطينيين".
- زيادة الشرخ والخلافات بين قادة العدو. يتمثّل ذلك بالخلافات بين القيادة السياسية والعسكرية وتقاذف المسؤوليات، خصوصاً بين وزير الدفاع غالانت ورئيس الوزراء نتنياهو.
- عدم القدرة على تدمير حماس، نقلت القناة 14 العبرية عن عضو الكنيست متان كاهانا تعليقه على كلام رونين بار والذي قال: "عندما نتحدث عن تدمير حماس يجب علينا أن نعلم أنها فكرة وهي أكثر بكثير من قوة عسكرية، حتى لو تمكنت إسرائيل من قتل 40 ألفاً من الفلسطينيين فإن ذلك لا يعني تدمير حماس".
- وضوح صورة فشل الكيان الإسرائيلي أمام جمهوره، وتحميل نتنياهو المسؤولية إلى جانب أجهزة الاستخبارات، في هذا الصدد، نقلت القناة 12 العبرية عن موشيه يعلون وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان سابقاً "إن رؤساء هيئة الأركان وشعبة الاستخبارات وجهاز الشاباك قد أعلنوا تحمل المسؤولية على إهمالهم، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ليس فقط أنه لم يعلن تحمله المسؤولية وإنما ما يزال يعتقد أنه يمكن أن يتحمل مسؤولية مستقبل الدولة.. نتنياهو غير مؤهل أخلاقياً ولا جوهرياً لإخراج إسرائيل من هذا المأزق".
أخيراً، قدمت قناة الـ 13 العبرية بتاريخ 6-12-2023، تقرير مصوّر حول مظاهر الفشل الذي مُني به الكيان المؤقت حتى الآن، بعد 60 يوماً على بدء العدوان على قطاع غزة. وبحسب القناة فإن مظاهر الفشل تمثلت بـ: "إسرائيل لم تحقق الآن الأهداف التي وضعتها، لم تنجح حتى الآن في إعادة الأسرى ولم تتمكن من حسم المواجهة مع حركة حماس، على الرغم من أنها قتلت 12 ألف فلسطيني إلا أن حماس لا زالت تواصل إطلاق الصواريخ على العمق الإسرائيلي، العدوان على غزة لم يردع حزب الله في لبنان، الحكومة الإسرائيلية أجبرت 130 مستوطنة على الإجلاء في الشمال والجنوب".
تريد حكومة نتنياهو تحقيق نصر عسكري في غزة بأي ثمن، ولا سيما أن مصير رئيس وزرائها على المحك، وقد ينتهي للأبد مع نهاية تلك الحرب إذا فشل في حسم المعركة والقضاء على حماس. لطالما تردد كيان الاحتلال في وضع أهداف عسكرية كبيرة في مواجهة حركة حماس، لكن تجهر "إسرائيل" هذه المرة برغبتها في القضاء على الحركة بشكل كامل، بيد أن الكثيرين لا يشاركون "إسرائيل" هذا التفاؤل لأسباب عديدة: أولاً، لأنها فشلت من قبل في تحقيق أهداف بنطاق أضيق في حروبها السابقة ضد قطاع غزة، وثانياً، لأنها لا تمتلك رؤية سياسية متماسكة حول مصير قطاع غزة عقب الاجتياح الإسرائيلي البري، وثالثاً، والأهم أن هذا الاجتياح يتطلب من "إسرائيل" خوض نوع من الحروب لطالما أثبتت فشلها في تحقيق النصر فيه لعلل تبدأ بالعنصر الجغرافي ولا تنتهي بالقدرات العسكرية لكتائب القسام.
الكاتب: غرفة التحرير