دائماً ما تخطئ الولايات المتحدة الأمريكية في حساباتها للعراق، فقبل الحرب التي شنتها عليه عام 2003، كانت تظنه بلداً سهل الاستعمار والاحتلال، لكنها تسببت بنشوء مقاومة عراقية ألزمت جيشها على الانسحاب بعد عمليات نوعية، سببت خسائر جسيمة في عديده وآلياته وقواعده، ثم ظنت أنها باستخدامها لإرهابيي داعش، ستستطيع احتلال أجزاء كبيرة من العراق، وبذلك تخلق ذريعة لعودتها اليه، لكنها هذه المرة تسببت بنشوء قوة عسكرية أكثر عديداً وتجربة، ألحقت هزيمة كبرى ب "داعش"، هو الحشد الشعبي العراقي.
هذا الحشد الي أعلن مقاتلوه وقيادته مراراً وتكراراً، أنهم باتوا جزءاً لا يتجزأ من محور المقاومة، الذي يمتلك قضية مركزية هي: تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي، لذا فإنه في أي معركة مقبلة تتشارك فيه قوى ودول محور ضد الكيان، سيكون للعراقيين عبر الحشد وفصائله، دور بارز ومهم واستراتيجي فيها، ما جعل "إسرائيل" بمسؤوليها السياسيين والعسكريين، يعيشون القلق ويعتبرون التهديد العراقي خطراً استراتيجياً عليهم. ما دفع أيضًا بأجهزة استخبارات الاحتلال من "الموساد" و"أمان"، إلى وضعه في دائرة الرصد الدقيق. فما هي أبرز معالم هذا الدور؟
المشاركة بالمقاتلين المتمرسين
إن شباب العراق شاركوا على مرحلتين، بتجربتين عسكريتين مختلفتين، اكسبتهم خبرات متنوعة على القتال الهجين، بحيث يستطيعون دمج القتال بتكتيك حرب العصابات مع تكتيك الجيوش الكلاسيكية، مستغلين نقطة الضعف الإسرائيلية الأبرز: الجيش البري وجنوده الذين لا يملكون روح قتالية، بسبب اعتمادهم الكلي على سلاح الجو، وتركيزهم على استخدام التقنيات التكنولوجية، في مواجهة مقاتلين يملكون روحاً معنوية قتالية كبيرة.
ففي العراق، عندما شنت داعش حربها عام 2014، وانهارت أجهزة الأمن والجيش العراقي، حتى أنها في بعض المدن سيطرت عليها بالمواكب السيارة والأجهزة الصوتية فقط، هبّ العديد من المقاتلين المتطوعين، مشكلين وحدات شعبية استطاعت دفع التهديد عن العاصمة بغداد.
ولاحقاً بعد اصدار فتوى الجهاد للمرجع السيد على السيستاني، تشكلت مديرية الحشد لتضم بشكل أساسي، كوادر وقادة فصائل المقاومة ضد الاحتلال الأمريكي، ومختلف فئات الشباب العراقي الذي استجاب لفتوى المرجعية للدفاع عن بلده وأهله، وكان للجمهورية الإسلامية في إيران بواسطة الشهيد الحاج قاسم سليماني، الدور الكبير في المساندة والدعم التسليحي وتقديم الاستشارة العسكرية اللازمة.
وسرعان ما استطاع الحشد من استعادة المدن والآثار التاريخية والأراضي، وتسليمها لأصحابها او للدولة، بعد أن خاض المعارك الكبيرة والصعبة، في: سامراء، آمرلي، بيجي، جرف الصخر، تكريت، والكثير من المناطق الأخرى.
أما عديده فقد بدأ الحشد بأعداد محدودة، ازدادت مع الوقت حتى وصلت ما نسبته 142 ألف مقاتل متفرغ و3 مليون متطوع، لذا عندما تعلن حرب تحرير فلسطين قد نرى هذا العدد أو أكثر، خصوصاً لما تحمله من مكانة عند عموم الشعب العراقي.
الصواريخ والطائرات المسيرة
يكرر رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو، والعديد من القادة العسكريين في الكيان، أن لديهم معلومات حول قيام إيران، بنقل صواريخ بالستية إلى داخل العراق. وحسب تقارير صحفية، فإن الصواريخ البالستية هناك يصل مداها الى 700 كيلومتر، مثل صواريخ "ذو الفقار" مما يضع مدينة "تل أبيب" ومنطقة "غوش دان" وكل الأهداف الرئيسية في الكيان، تحت مرمى هذه الصواريخ، خصوصًا إذا تم نشرها بمناطق غرب العراق.
أما إذا استخدم الحشد الطائرات المسيّرة، خصوصاً طائرات "كرار" الهجومية التي تتميز بمدى يصل إلى 1000 كم، مع قدرة على حمل أوزان 200 كيلوغرام، وبسرعة تحليق تساوي سرعة الصوت تقريباً، فإنه يستطيع بذلك ضرب كل الأهداف الإسرائيلية من "كريات" إلى "إيلات" ومن البحر إلى النهر، بمدارج تقع في جنوب العراق.
الكاتب: غرفة التحرير