لطالما تصرفت الولايات المتحدة الاميركية في المنطقة بشكل عام ومن ضمنها الساحة العراقية وكأنها صاحبة السلطة والقرار وان لا سيادة للدول امام مصالحها وقراراتها، ودائما كانت تحاول التعاطي مع الساحات المختلفة وثروات الشعوب بأنها ملك خاص تستطيع ان تفعل فيه ما تريد، هذا ما دفع بمحور المقاومة للوقوف بوجه المشاريع الاميركية التآمرية في المنطقة.
وعلى الرغم من تطور قوى المقاومة وتسجيلها الانتصارات المتتالية في مختلف الساحات ومنها في العراق، إلا ان هناك من يعتبر ان الاميركيين لا يزال لهم الوجود المؤثر في بلاد الرافدين على الرغم من كل ما فعلته الادارة الاميركية مع الشعب العراقي منذ أيام حكم نظام صدام حسين وصولًا الى اليوم ومرورا بفترة الاحتلال الاميركي، فهل فعلا حافظت الادارة الاميركية على رصيدها هناك، او ان سطوتها تراجعت امام انجازات محور المقاومة؟ وهل يتفوق هذا المحور على الاميركيين في مجمل المنطقة وبالتحديد في الساحة العراقية؟
لا شك ان محور المقاومة الموجود اليوم في مختلف ساحات المنطقة استطاع ان يسجل الكثير من النقاط في المرمى الاميركي (اليمن-سوريا- فلسطين-لبنان- ايران) لا سيما في الساحة العراقية، وذلك بشكل كبير منذ الاحتلال الاميركي في العام 2003، وبالسياق، قالت مصادر عراقية متابعة إنه "بعد الاطاحة بنظام صدام واحتلال العراق تطور عمل حركات المقاومة التي لم تسمح لاميركا ان تتنفس الصعداء للاستقرار في بلاد الرافدين، حتى استطاعت ان تهزمها وتجبرها على سحب قواتها في العام 2011 بعد تكبدها خسائر بشرية كبيرة جدا"، وأشارت الى ان "اميركا عادت بشكل غير مباشر عبر الجماعات التكفيرية وعلى رأسها داعش"، وتابعت "هنا أيضا عمل محور المقاومة الى جانب العراقيين ودعمهم بكل ما يحتاجونه بعد اعلان فتوى الجهاد لاتمام عملية التحرير"، ولفتت الى ان "الانتصار على الارهاب شكل ضربة للمشروع الاميركي الجديد القائم على الاحتلال بشكل غير مباشر او شن الحرب بالانابة بواسطة استخدام الادوات التكفيرية"، وأضافت "علمًا ان اميركا استغلت وجود تنظيم داعش الارهابي للعودة عسكريًا الى العراق في العام 2014".
وأوضحت المصادر ان "المقاومة العراقية شكلت حجر عثرة امام عودة الاحتلال الاميركي الذي اعتدى واشتبك اكثر من مرة مع قوات الحشد الشعبي، وصولا لارتكاب إدارة الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب جريمة اغتيال الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس"، وتابعت "تلا ذلك قرار البرلمان بإلزام الحكومة في العراق بإخراج القوات الاميركية، ما شكل ضربة جديدة للأميركيين في العراق"، ولفتت الى ان "ذلك دفع لزيادة عمليات المقاومة ضد الاحتلال الاميركي وتشكلت فصائل جديدة ما زاد من الحرج والضغط على الاميركيين".
وبعد فشل مشاريعها في العراق، عملت الادارة الاميركية عبر أدواتها في الداخل العراقي والاقليم واستخباراتها الى تأجيج الشارع للتأثير على التأييد الشعبي للمقاومة، وحاولت تأجيج الصراع الطائفي، وبث الفتن تحت عناوين معيشية وحياتية مستغلة الاوضاع القاسية لفئات من الشعب العراقي نتيجة الفساد الذي ساهمت اميركا نفسها في نشره وتعزيزه لدى بعض الجهات السياسية والادارية والعسكرية والامنية، وبعد أخذ ورد توصلت القوى المختلفة للاتفاق على وصول مصطفى الكاظمي لرئاسة الحكومة.
ولكن بعد فشل مصطفى الكاظمي في تحسين الأوضاع الداخلية العراقية زادت النقمة الشعبية على اميركا، كل ذلك أعاد تصويب البوصلة بأن محور المقاومة هو داعم حقيقي للعراق ومد يد المساعدة له في كل الظروف، ما عزز شعبية الكتل السياسية والنيابية القريبة من الحشد الشعبي وقوى المقاومة، بينما تظهر استطلاعات الرأي ان "شعبية حلفاء اميركا الى تراجع"، وبحسب المصادر فإن "كل ذلك دفع بالاميركيين للاعتقاد بأن مصلحتهم تأجيل الانتخابات المقررة في شهر تشرين الاول/اكتوبر المقبل في محاولة لمنع الشعب العراقي في التعبير عن رأيه وتأييد من يريد لان ذلك سيفضح الآداء الاميركي الذي لم يجلب للعراق سوى الخراب بعد كل الشعارات والوعود التي قدمت منذ الاحتلال في العام 2003"، وحذرت من ان "اميركا ستعمل بكل الوسائل ومنها بالتأكيد الوسائل غير المشروعة بما فيها الاضطرابات الامنية او التفجيرات لمنع إجراء الانتخابات او للتشويش على مسارها ونتائجها"، وأكدت أنه "الآن تبدو الساحة العراقية الشعبية والسياسية بشكل عام اكثر قربا لمحور المقاومة".
الكاتب: غرفة التحرير