منذ بداية معركة طوفان الأقصى، لم يأبه حزب الله بكل التحذيرات الأمريكية والإسرائيلية وحتى الغربية، لمنعه من دعم المقاومة الفلسطينية في غزة والمشاركة الميدانية في هذه المعركة، بل تزداد وتيرة مشاركته ناراً ودماء.
هذه المشاركة لا ترتبط بحسابات الربح والخسارة بالتأكيد، كما لا ترتبط إطلاقاً بالآمال والمشاعر، بل تنطلق من حكمة قادتها في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب له، وكل ما يرتبط به من استراتيجيات وتكتيكات وساحات، لضمان تحقيق الأهداف التي وضعها محور المقاومة للمسار الشامل للصراع، مع الكيان المؤقت وداعمه الأمريكي في آن واحد.
لذلك يشارك حزب الله في مسار الأيام القتالية ما دون الحرب الشاملة، مع استعداده وجهوزيته العالية لخوضها، متى قررت قيادته في اللحظة المناسبة لذلك. مع الإشارة إلى أن عشرات عمليات المقاومة الإسلامية التي تم تنفيذها منذ أيام، قد أدّت لإنجازات ميدانية ومهمّة للغاية، سيكون لها تأثيرها التمهيدي بالتأكيد، في حال أخذ قيادة المقاومة لقرار خوض الحرب الواسعة والشاملة أو الكبرى.
وأبرز الإنجازات:
_ استهداف أغلب المعوّقات الفنية والتجسسية، التي نصبها جيش الاحتلال في مواقعه وأبراجه الحدودية، مما يسهّل عليها عملية المباغتة لاحقاً.
_ تدمير العديد من الآليات العسكرية وفي مقدمتها دبابات ميركافا من الجيلين الرابع والثالث، والتأكد من فشل منظومة "تروفي – معطف الريح"، وهي التي كان الإسرائيلي يأمل بأنها ستحمي دباباته ما بعد حرب تموز 2006.
_ قتل العديد من ضباط ونود جيش الاحتلال، في تأكيد على معادلات الردع وقواعد الإشتباك، بأن الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وعلى شعبه ومقاومته لن يمر من دون رد مناسب متناسب.
_ رصد واختبار ردود الأفعال الإسرائيلية، والكشف عن مواقعه العلنية وغير العلنية، ومعرفة تكتيكاته وتحركاته والعديد من المعلومات التي ستساعد حتماً في المستقبل. مع الإشارة إلى أن الحزب في أغلب عملياته قد ركّز على سلاح ضد الدروع، بأن هذا السلاح لا يتطلب إطلاقه وجود مرابض ثابتة، ولكي لا يكشف مرابض الأسلحة الثابتة والمخصصة للحرب الواسعة النطاق.
إشغال حزب الله الإسرائيلي جزء من المشاركة في المعركة أيضاً
وبحسب الصحفي في صحيفة معاريف تال ريف رام، حول ضرورة الانتباه للجبهة الشمالية مع القيام بعملية برية في قطاع غزة، فإنه قال: "بدون عنصر المفاجأة، فإن تحقيق تأثير عملي ضد حماس يعد مهمة معقدة بشكل خاص. يجب أن تتم إدارة الحملة في الجنوب على أساس أنه في أي لحظة يمكن أن تبدأ حملة من الشمال، والتفكير والتخطيط باستمرار كما لو أن حزب الله سيشن حربًا أيضًا في غضون أيام قليلة، لذلك من الضروري ضمان احتياطي القوات والذخيرة والعتاد، وبالطبع إدارة عدد الصواريخ الاعتراضية لأنظمة الدفاع الجوي".
وهذا ما يوضح بشكل رئيسي أهمية وفعالية الغموض البنّاء والاستراتيجي الذي اتبعه حزب الله في تأكيده على عدم حياده عما يجري في معركة طوفان الأقصى، ولا عن حجم مشاركته فيها. ما سيجبّر غرف عمليات الاحتلال العسكرية، اتخاذ ثلث امكانياتها على الأقل لاحتمال دخوله في مواجهة شاملة.