الثلاثاء 10 تشرين أول , 2023 10:24

طوفان الأقصى نقطة تحول كبرى في منطقتنا

شبان فلسطينيون يعتلون دبابة إسرائيلية

انطلقت عملية "طوفان الأقصى" فجر يوم السبت 7 تشرين أول من العام 2023؛ طالت هذه العملية الكيان الصهيوني وداعميه بتوقيعات تعيد خلط الأوراق الجيوسياسية. وسيبقى الممر الهندي بعد هذه العملية بيانا وحبرا على ورق.
منذ 15 عاماً، تم وضع حركة المقاومة في دوائر الإرهاب وإدراجها في غزوات "الربيع العربي" كأحزاب طائفية ومذهبية، وأصبح محور المقاومة منبوذاً في المجتمع الدولي، بالإضافة إلى محاولات تشويه صورة المقاومة كحركة تحررية، وتقليب الرأي العام العربي على المقاومة، من خلال الإعلاميين المأجورين والقنوات التلفزيونية، كما أن عدداً كبيراً من المواقع الإلكترونية المشكوك فيها تنشر آراء صهيونية الفكر، وتقدم العون للعدو من خلال المساعدة في محاولتها بناء الرأي ضد فكرة المقاوم، كمشروع إيراني طائفي.
حقّقت معركة "طوفان الأقصى"؛ آمال الشعب العربي في رضاه عن سياسة محور المقاومة من خلال دعم فصائلها بالسلاح والمال. فموجات التطبيع مع الأعداء الصهاينة، ستتحطم أمام المسيرات المؤيدة لعملية "طوفان الأقصى". واكبر مؤشّر مقتل سائحين إسرائيليين على يد شرطيّ مصريّ.
تتابع قيادات محور المقاومة، عن كثب سير عملية "طوفان الأقصى"، وبمجرد كان هناك إتجاه لتوسيع المعركة من قبل العدو الصهيوني، سيشنّ جيش المقاومة عملية نوعية. وقد قام جيشها بقصف تحذيري ضد مواقع العدو الإسرائيلي على الحدود اللبنانية.
في وجهة نظر كافة المحللين الاستراتيجيين، أنّ معركة "طوفان الأقصى"، ضربة قاضية لجهود التطبيع مع العدو الغاصب لأرض فلسطين، فكافة الشعوب العربية هي شعوب حرّة ولن تلتبس عليها معركة الحقّ ضدّ الباطل.
جاءت عملية المقاومة الفلسطينية "طوفان الأقصى"؛ مفاجأة وسريعة بشكل هائل، حيث لم تستطع وحدات الجيش الإسرائيلي المنتشرة على حدود قطاع غزة من استيعابها، فظهر المقاومون بشكل مباغت في كلّ مكان، في البرّ وفي البحر وفي الجوّ. لقد شكّلت هذه العملية صدمة كبيرة للاستخبارات الإسرائيلية والغربية، لذلك دخلت وحدات الجيش الإسرائيلي وقيادتها في حالة "موت دماغي"، هذا التحوّل سيقرب تحرير أرض فلسطين والمقدسات الإسلامية والمسيحية.
لم تكن الخطوات الأولى التي رسمتها قيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سوريا، بمعزل عن التوجه الروسي-الصيني، من خلال مجابهة السياسات الغربية وعلى رأسها سياسات الولايات المتحدة الأميركية (حاملة لواء حقوق الإنسان والحرية المنحرفة). سبق كل ذلك؛ تأسيس ودعم فصائل المقاومة بالمال والسلاح بقرارت من القيادة الروحية والسياسية في إيران، حيث أدى هذا الدعم إلى تغيير جذري على صعيد مجابهة العدو الإسرائيلي، حتى وصل الأمر إلى قدرة المقاومة في خوض المعركة على الأرض الفلسطينية المحتلة.
في مطلع العام 2011؛ دخلت المنطقة العربية في حركة تغيير للأنظمة من خلال الحريّة المخدرة، حيث سعت الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو وحلفائهم من الاستثمار في الشعوب العربية، عبر التخلي عن أبرز حلفائهم في منطقة الشرق الأوسط، نظام "حسني مبارك"، وأيضاً إلى محاولتهم ضرب قلب العروبة "سوريا"، من خلال دفع مليارات الدولارات واستثمار موضوع الطائفية لتفكيك محور المقاومة. إلاّ أنّ محور المقاومة جابه هذا السيناريو الإسرائيلي- الغربي- العربي، على سوريا وبالتالي التدخل في مجابهة الحرب الكونية مع حلفائه عسكرياً (روسيا)، وسياسياً في مجلس الأمن (روسيا- الصين).
 
والأكثر إثارة للدهشة هي سوريا، التي ظلت صامدة في مواجهة الحرب ضدها والحصار الاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة وحلفاؤها. قبل بضعة أسابيع، اتخذ الرئيس السوري "بشار الأسد"، قراراً بإبرام اتفاقيات ثنائية مع الصين، وتشكل هذه القرارات تحولاً تاريخياً في عقيدة الجمهورية العربية السورية، وستبقى لاعباً مهماً في الشرق الأوسط. أما في لبنان، فجيش المقاومة وحلفاؤه أقوى بكثير من ذي قبل، لقد أصبح جيشاً حقيقياً يتمتع بقدرات متقدمة لا تستطيع أي دولة مجتمعة مواجهتها. فالسياسة الخارجية اللبنانية لن تكون مع حلف إسرائيل، ورئيس الجمهورية سيكون رئيساً مقاوماً وحليفاً لسورية.
وبعد معركة "طوفان الأقصى" لن يكون للحياد وجود، إذ ستنهض نفوس الشعب العربي إلى إتباع الحقّ (قضية فلسطين)، وهذا ما سيؤدي إلى تحول جذري بمواجهة أنظمة التطبيع مع العدو الصهيوني.
ونؤمن بأن معركة "طوفان الأقصى" ستعزز الأواصر بين الشعب العربي المقاوم والشعب الفلسطيني المقاوم، وشعوب العالم الحرة. وعلى المدى الطويل، سوف ينمو هذا التماسك وسيتم إنشاء نهج تدريجي لمحور المقاومة المؤثر جيوسياسيًا، حيث يتم تحديد مستقبل الشرق الأوسط من خلال حركات المقاومة.
ومن ناحية أخرى؛ سنشهد نقطة تحول كبيرة على مستوى العلاقات الدولية، مثلما شكلت الحرب الروسية الأوكرانية نهاية النمط الأحادي القطب ودخلنا عصر التعددية القطبية، ستؤسس عملية "طوفان الأقصى"؛ نقطة تحول في الشرق الأوسط وبداية نهاية إسرائيل.
وكلما طال أمد معركة "طوفان الأقصى"، كلما تحطم الحلم الصهيوني في الأراضي الفلسطينية، وسنرى هجرة عكسية واسعة النطاق من الأراضي الفلسطينية إلى الدول الغربية. والنتيجة النهائية سوف تتجلى في نوعية القتال في "طوفان الأقصى" وما بعدها، والاشتباك الصيني الروسي الإيراني (وحلفائهم)؛ مع الغرب. كما ان التنفيذ الناجح للغاية لحركة المقاومة الفلسطينية، في معركة "طوفان الأقصى"، سيؤثّر بشكل كبير على الممر الهندي - الأوروبي.


الكاتب:

د. محمد مشيك

كاتب سياسي




روزنامة المحور