قبل فوز روبرت فيكو، كانت سلوفاكيا أول دولة تسلم طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا، إلا أنّ صعود رئيس الوزراء السابق واليميني، الذي اتخذ موقفًا مؤيدًا لروسيا في الانتخابات البرلمانية في سلوفاكيا، علامة أخرى على تآكل الدعم لأوكرانيا في الغرب، "لن نرسل خرطوشة واحدة عبر الحدود". قال فيكو قُبيل انتخابه.
كانت أوروبا الوسطى ذات يوم جوهر المشاعر الشرسة المعادية لروسيا، ومن بين دول المواجهة التي تحملت عقودًا من الحكم الشيوعي "القاسي" كأعضاء مترددين في الكتلة السوفيتية، إلا أن سلوفاكيا -وهي بلد صغير- لطالما تمتعت بتعاطف تاريخي مع روسيا. وعلى الرغم من ذلك، استطاعت الحكومة السابقة أن تنضم إلى الدول التي تبتزها الولايات المتحدة، من خلال البرلمان الأوروبي، وإرسال الدعم إلى أوكرانيا. لكن بعد 19 شهرًا من الدعم الذي لم يحقق فارقًا على أرض المعركة، وتدفّق المهاجرين الأوكران، ارتفعت الأصوات بتخصيص الأموال للأولويات المحلية، خاصة في ظلّ الظروف التي تعيشها أوروبا اليوم.
وفي السياق نفسه، وجد استطلاع للرأي العام أجرته غلوبسيك في مارس آذار الماضي، في وسط وشرق أوروبا، أن 51 في المئة من السلوفاك يعتقدون أن الغرب أو أوكرانيا "مسؤولان بشكل أساسي" عن الحرب. وكان الرئيس السلوفاكي المنتخب، الذي خدم لأكثر من عقد من الزمان كرئيس للوزراء حتى عام 2018، قد دعم برنامجًا تضمن وقف جميع شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، وإلقاء اللوم في الحرب بالتساوي على الغرب وكييف.
ومع احتشاد الغرب تضامنًا مع أوكرانيا، برزت صربيا بشكل نافر، حيث تدعم الأكثرية في البلاد بوتين علنًا، وقراره "بغزو الجمهورية السوفيتية السابقة". ولا يزال نفوذ موسكو في صربيا في كل مكان، حيث يوفر النفط والغاز الروسيان العمود الفقري لقطاع الطاقة في البلاد. رئيس وزراء المجر أيضًا هو رجل موالٍ لروسيا. قاوم فيكتور أوربان الموقف الغربي بشأن محاربة روسيا باسم الحرية والديموقراطية والسيادة الوطنية.
والآن، مع هذا الثلاثي المؤلف من سلوفاكيا والمجر وصربيا، بدأ المدّ والجزر لدى الدول الأخرى تجاه المسألة الأوكرانية، ووصل إلى بولندا، المؤيدة بشدة للموقف الغربي، وهذا البلد الذي استقبل أكثر من 1.5 مليون لاجئ، أغلق مؤخرًا حدوده أمام واردات الحبوب الأوكرانية منخفضة السعر. ويخوض حزب القانون والعدالة القومي اليميني المتشدد الحاكم في بولندا مواجهة انتخابية متوترة هذا الشهر ضد المعارضة الليبرالية. وعلى الرغم من أن الزعيم الفعلي للبلاد، ياروسلاف كاتشينسكي، لا يزال معاديًا بشدة لروسيا، إلا أن قوميته وقيمه المحافظة، تتقاطع مع قيم أوربان وفيكو. ومن شأن انتصار حزب القانون والعدالة أن يقوض الوحدة الأوروبية أكثر، لأن الحرب لا تُظهر أي علامة على حل محتمل. وبعيدًا عن أوكرانيا، يعارض كاتشيتسكي "نوع التكامل السياسي والعسكري والاقتصادي الأوروبي" الذي يتمسك به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يخشى خروج بولندا من الاتحاد الأوروبي. صحيح أنها خطوة بعيدة المنال بحسب صحيفة نيويورك تايمز، لكنها تشير إلى التوترات الأوروبية التي بدأت الحرب في تغذيتها.
وحتى في أوروبا الغربية، وجد استطلاع أجراه صندوق مارشال الألماني مؤخرًا، أن دعم عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي بلغ 52٪ فقط في فرنسا و49٪ في ألمانيا. في ألمانيا، فضل 45 في المائة فقط من المستجيبين عضوية أوكرانيا في الناتو. ومع ذلك، وجد الاستطلاع بشكل عام أن حوالي 69 في المائة من الناس على جانبي المحيط الأطلسي يفضلون دفع الدعم المالي لإعادة إعمار أوكرانيا، في حين أظهرت دول مثل بريطانيا وإسبانيا والبرتغال والسويد وليتوانيا دعمًا قويًا للقضية الأوكرانية في جميع المجالات.
وفي ظلّ الأجواء التي تشي باستعادة دونالد ترامب للبيت الأبيض، على الاتحاد الأوروبي الذي سيطر على قراره الديموقراطيون للحرب بالوكالة عنهم ضد روسيا، عليه أن يشعر بالقلق، خاصة أنه مقبل على المزيد من الانقسامات داخلية عامودية، ستزيد الانتخابات البولندية من حدّتها،
الكاتب: غرفة التحرير