مع بداية العمل المقاوم لحزب الله، عرفت العمليات العسكرية النوعية نقطة تحول مفصلية في المواجهة مع الكيان الإسرائيلي، على الرغم من امتلاك المقاومة لأسلحة بسيطة -أبرزها صواريخ الكاتيوشا- مقارنة مع منظومة الدفاع الصاروخية التي تمتلكها "إسرائيل"، حيث تعاملت المقاومة مع هذه الأسلحة على أنها "صواريخ دقيقة" تصيب أهدافها المحددة.
هذه العمليات النوعية التي اعتمدت على الكاتيوشا بشكل أساسي، أربكت جيش الاحتلال واجبرته على محاولة الوصول الى حل سريع ومجدٍ للحد من فعالية هذه الصواريخ، فعمِل على تطوير برنامج تسليحي " ناوتيليوس" يرتكز على أشعة الليزر (Tactical High-Energy Laser)، والتي بإمكانها أن تُفجر صاروخ الكاتيوشا عن بعد عشرة كلم خلال ثلاث ثوانٍ.
وبحسب خبراء إسرائيليين، فإن هذا النظام الذي اجتهد الاحتلال على تطويره باء بالفشل، إذ تبين أن ما تم التخطيط له لم يكن إلا "فرقعات في الهواء"، عجزت عن اعتراض صواريخ الكاتيوشا التي لا تتجاوز سماكتها الـ 12 سنتيمترًا، ومداها ما بين 10 و22 كيلومترًا.
هذه الصواريخ السهلة النقل والاخفاء، خلقت حالة من "توازن الرعب" وكانت أحد أهم أسباب تفاهم نيسان 1996، الذي أخضع جيش الاحتلال للقبول بمبدأ "تحييد المدنيين مقابل المدنيين"، في الوقت الذي كانت تسعى فيه الدول العظمى للتخلص من هذه الصواريخ على قاعدة أن تكلفة تخزينها أكبر من النتائج التي كانت تعول عليها.
وقد أكد مصدر مطلع لموقع الخنادق، أن روسيا رمت بصواريخ الكاتيوشا التي كانت بحوزتها في أعماق البحار للتخلص منها بسبب كلفة تخزينها المرتفعة، في الوقت الذي أرغمت انجازات حزب الله - مستخدمة الكاتيوشا كاحد أسلحتها الردعية_ السلطات الإسرائيلية بالتفكير جديًا في الانسحاب من لبنان.
ويأتي ذلك بعد أن فشلت "إسرائيل" في فهم العوامل التي ساعدت حزب الله على تحويل الكاتيوشا إلى فرصة اتاحت له كسر شوكتها، والذي عجزت الجيوش العربية عن هزيمته. فيما يؤكد قادة المقاومة على أن الانتصار لم يكن ليتحقق لولا أربعة عوامل:
- الروح القتالية، والتي تحدث عنها "قائد الانتصارين" الشهيد عماد مغنية "اللي بتقاتل فينا هي الروح"
- الحاضنة الشعبية، والالتفاف الواسع للشعب اللبناني حول المقاومة
- القيادة العسكرية الحكيمة
- قدرة المقاومين على تطويع الإمكانيات المتاحة حتى البسيطة منها وتحويلها إلى قوة استراتيجية.
إذًا، هي صواريخ الكاتيوشا الحاضرة دائمًا في ذكريات انتصار لبنان في 25 أيار 2000، هذه الصواريخ التي لطالما اعتبرها كيان الاحتلال غبية وعاجزة عن كسر إرادة جيشه الذي "كان" لا يقهر، استطاعت قلب الموازين لصالح المقاومة التي اعادت تحجيم الكيان في "بيت العنكبوت".
الكاتب: غرفة التحرير