لا تزال المجزرة التي ارتكبها حرس الحدود السعودي بحق مئات المهاجرين المدنيين ترمي بثقلها على المشهد، لحجم الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها بحق النساء والأطفال أيضاً دون مبرر. في الوقت نفسه، أكدت صحيفة ذا غارديان البريطانية في تقريره لها أن الولايات المتحدة وألمانيا قاما بتدريب حرس الحدود السعودي. مشيرة إلى ان تدريب الجيش الأميركي للقوات السعودية، بما في ذلك قوات الحدود، كان جزءاً من برنامج دعم عسكري طويل الأمد ابتداء من عام 2008.
النص المترجم:
تلقّت قوات الحدود السعودية المتهمة بقتل مئات الأشخاص الذين حاولوا عبور الحدود من اليمن المجاور تدريباً من ألمانيا والولايات المتحدة.
على الرغم من القلق المتزايد بشأن حجم انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية في عهد ولي العهد ورئيس الوزراء محمد بن سلمان، شارك كل من جهاز الشرطة الفيدرالية الألمانية والجيش الأمريكي في تدريب قوات الحدود السعودية المتورطة من قبل الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان في عمليات القتل الجماعي.
ومن الجدير بالذكر أن اتفاقية التدريب الأمريكية - التي انتهى تمويلها الشهر الماضي - نصت على أن الولايات المتحدة مطالبة بمراقبة كيفية استخدام تدريبها، مع السماح لأولئك الذين يتلقون التدريب بالعمل بشكل دفاعي فقط، لحماية أنفسهم ومواقعهم من أي هجوم.
كشفت هيومن رايتس ووتش عن حجم الانتهاكات في تقرير صادم في وقت سابق من هذا الشهر. وزعمت أن قوات الحدود السعودية استخدمت أسلحة متفجرة لاستهداف المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين الذين يحاولون عبور الحدود من اليمن، وهي مزاعم نفتها السعودية.
ووسط احتجاج متزايد على هذه المزاعم، قيل لصحيفة الغارديان أيضا إن السعودية تعاملت بشكل متزايد مع التوغلات غير القانونية عبر حدودها كقضية لمكافحة الإرهاب، وسمحت باستخدام القوة المميتة.
كما تم إخبار صحيفة الغارديان بأن السعودية تستخدم مراقبة إلكترونية مكثفة ومراقبة مركزيا للمنطقة الحدودية مما يعني أنها يجب أن تكون قادرة على التمييز بين مجموعات المدنيين الذين يتم الاتجار بهم وأولئك المتورطين في التوغلات المسلحة من اليمن أو تهريب المخدرات.
ويثير هذا الكشف مسألة ما إذا كانت الرياض تستهدف عمدا المهاجرين الذين يحاولون عبور الحدود، وهو ما أشارت هيومن رايتس ووتش إلى أنه يرقى إلى "جريمة ضد الإنسانية" إذا ثبت أنه سياسة رسمية.
وقد أثبتت صحيفة الغارديان أن تدريب الجيش الأمريكي للقوات السعودية، بما في ذلك قوات الحدود، كان جزءا من برنامج دعم عسكري طويل الأمد يعرف باسم MOI-MAG (وزارة الداخلية - مجموعة المساعدة العسكرية) بمشاركة الولايات المتحدة في تدريب قوات الحدود ابتداء من عام 2008.
تطلّب اتفاق تدريب قوات الحدود السعودية من البنتاغون وضع اتفاقية تعاون تقني فريدة للسماح للقوات الأمريكية بتدريب قوة غير عسكرية لأول مرة، مما يتطلب مراقبة استخدام الوحدات المدربة الأمريكية من قبل السعوديين.
وتأكيدا للتدريب الأمريكي الطويل الأمد لقوات الحدود السعودية، قال مسؤول أمريكي لصحيفة الغارديان: "قدمت قيادة المساعدة الأمنية للجيش الأمريكي تدريبا لحرس الحدود، والذي تم تمويله لفترة من 2015-2023، مع انتهاء فترة التمويل في يوليو من هذا العام". ولم يوضح المسؤول سبب انتهاء التمويل.
من جانبها، قامت الشرطة الفيدرالية بالتدريب الألماني لقوات الحدود السعودية.
وابتداء من عام 2009، استمر البرنامج حتى عام 2020، مع انقطاع قصير بعد مقتل الصحفي في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في تركيا.
في عام 2015، تعرض البرنامج الألماني لانتقادات مرة أخرى عندما حكم على المدون السعودي، رائف بدوي، بالجلد 1000 جلدة والسجن لمدة10 سنوات كعقاب.
في عام 2017، بعد زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى المملكة، تم إضفاء الطابع الرسمي على تدريب حرس الحدود السعودي بشكل أكبر مع إعلان الشرطة الفيدرالية الألمانية عن برنامج تدريبي واسع النطاق في أكاديمية حرس الحدود السعودية ومكاتبها الإقليمية.
تزامنت بعثات التدريب الألمانية والأمريكية مع جهد أوسع من قبل السعودية لرفع مستوى أمن حدودها بتقنيات المراقبة، مما أثار تساؤلات جدية إضافية حول سبب عدم قدرة السلطات السعودية على التمييز بين المدنيين والأفراد المسلحين على الحدود اليمنية.
وتظهر المناقصات التي أصدرتها الحكومة للأنظمة على مدى السنوات الأخيرة أن الرياض تسعى إلى شبكة مراقبة متطورة ومركزية لحدودها، بما في ذلك الدوائر التلفزيونية المغلقة والتصوير الحراري وأجهزة استشعار الحركة الأرضية.
وفي حين أنه من غير الواضح عدد هذه الأنظمة التي تم نشرها، فقد تم إخبار صحيفة الغارديان أنه تم تركيب قدرات مراقبة في الوقت الفعلي في المناطق الحدودية، بما في ذلك القدرة على مراقبة الحدود من غرف التحكم الإقليمية وأيضا من الرياض.
وتصف إليونورا أرديماغني، الباحثة الإيطالية في الخليج واليمن، التي درست العسكرة المتزايدة للرد السعودي على الحدود مع اليمن، السياسة بأنها أكثر مركزية من أي وقت مضى تحت سيطرة وزارة الداخلية في السنوات الأخيرة.
"منذ عام 2015، وبداية الحرب في حرب اليمن [في أواخر عام 2014]، ما أدهشني في الجانب السعودي هو صعود العديد من اللاعبين الأمنيين العاملين على الحدود. في حين أن هذا يعني المزيد من القدرات، فإنه يعني أيضا أنه من الصعب فهم من يوفر الأمن في أجزاء معينة من الحدود"، قال أردماغني، الذي يعمل في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI).
ومن بين اللاعبين الجدد الذين ظهروا جنبا إلى جنب مع الزيادة في وفيات المهاجرين فوج العفوج الذي يتبع مباشرة وزارة الداخلية. كما كانت هناك زيادة في استخدام القوات الأجنبية، ولا سيما اليمنيين السنة الذين تم تجنيدهم كمتعاقدين من جنوب ذلك البلد.
"تأتي عسكرة الحدود هذه في وقت أصبحت فيه السعودية تنظر إلى قضية الحدود على أنها قضية أمن قومي رئيسية. "إنه جزء من فهم الرياض أن قضية الحدود ستكون أكثر حسما في الطريقة التي تدير بها ليس فقط الملف اليمني ولكن من حيث الأمن الاقتصادي. إنهم يريدون تأمين الحدود كأولوية أولى وعندها فقط يرون ما إذا كان بإمكان الأطراف اليمنية التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار".
وبالنظر إلى تكنولوجيا المراقبة على الحدود وزيادة مركزية الاستجابة، فإن أردماجني يشكك في أن السعوديين لن يكونوا على دراية بظروف وفيات المهاجرين. "إن النهج المركزي لقضية الحدود يجعل من غير المصداقية أن يفتقر السعوديون إلى المعرفة بما يحدث هناك. ومع ذلك، فإن انتشار اللاعبين الأمنيين يجعل من الصعب تحديد من يرتكب هذه الجرائم المزعومة دون تعاون حقيقي من الرياض".
المصدر: ذا غارديان