اتخذت الامارات قرارها اذاً. تجريد السعودية من أدواتها في الساحل الغربي اليمني على رأس الأولويات. وفيما تشي المؤشرات على ان قرار التصعيد الذي اتخذته أبو ظبي لا رجعة فيه، تقف السعودية في مربع مغلق مرتبط بعدة حسابات، من ناحية الأوضاع الحذرة مع صنعاء، والاتفاق المستجد مع إيران من ناحية أخرى.
تشهد المناطق الجنوبية صراعاً بأشكال عدة أسوأها المشهد العسكري الذي يزيد من حدة الانقسامات ويهيّئ لمرحلة صعبة قد اتخذت فيها أبو ظبي قرار المواجهة حتى جني "الثمن" الذي انخرطت لأجله في الحرب، وتلقت بسببه ضربات في عمقها.
يسلك الصراع السعودي-الاماراتي في اليمن اتجاهين. الأول لناحية النفوذ السياسي ومحاولة أبو ظبي اسقاط حكومة معين عبد الملك ثم التخلص من قيود مجلس القيادة الرئاسي. وقامت بداية، لأجل تحقيق هذه الغاية، باتخاذ قرار منع الإيرادات للبنك المركزي في عدن، في وقت تعاني فيه المحافظات الجنوبية من أزمة اقتصادية شاملة ومركبة، على الرغم من إعادة اتخاذ القرار بالإيداع في وقت لاحق. والثاني، عبر سحب بساط النفوذ من يد الميليشيات التابعة للرياض في الساحل الغربي، وهو الأمر الذي كلّفها مواجهة مزدوجة مع الأولى إضافة للقبائل.
برزت خلال الأيام الماضية تحركات إماراتية للسيطرة على الخط الساحلي مقابل المخا. وبحسب المعلومات الواردة، فإن قائد الميليشيات التابعة للإمارات في الساحل الغربي، طارق صالح استدعى قائد "قوات العمالقة"، ونائب رئيس المجلس الانتقالي، أبو زرعة المحرمي، فيما قام أيضاً بنشر صورة جديدة تجمعهما سوية في احدى اللقاءات التي تمت في الامارات.
ويأتي توقيت اللقاء في ظل اتساع رقعة المواجهة مع المسلحين التابعين للعميد أبو ذياب العلقمي الصبيحي، بعد ان قام طارق صالح بإقالته من قيادة لواء الدعم والاسناد في قوات المقاومة الوطنية، وتعيينه للمجند فهد زامط العلقمي بدلاً عنه، وسط مخاوف من سقوط المخا، أبرز المعاقل التابعة له.
وبحسب ما أفادت وسائل إعلام جنوبية، فقد أحرز المسلحين التابعين للصبيحي قد أحرزوا تقدماً في المواجهات، فيما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لمسلحين يرفعون علم الانتقالي فوق عدد من المدرعات التابعة لطارق بعد السيطرة عليها.
وتزامنت التطورات الجديدة في الساحل الغربي مع أنباء عن استنفار قبائل الصبيحة لمقاتليها للرد على سقوط قتلى وجرحى خلال مواجهات سابقة مع قوات طارق على خلفية اقالة أبو ذياب العلقمي من قيادة لواء الدعم والاسناد.
من ناحية أخرى، تحدثت وسائل إعلام إماراتية تحدثت عن ان "المجلس الانتقالي الجنوبي" قد اتخذ قراره في اسقاط حكومة معين عبد الملك، بعد اتهامها بالفساد والفشل وتحميلها مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي أوصلت المحافظات الجنوبية إلى وضع سيء مترد على مختلف الجوانب.
ويبدو أن الصراع بين الرياض وأبو ظبي سيأخذ منحى أكثر تعقيداً، وسط حديث عن نية رئيس الانتقالي عيدروس الزبيدي، مصادرة القرار الجنوبي، أي محاولة سحب الصلاحيات من مجلس القيادة الرئاسي، وبالتالي تولي زمام الإدارة دون شراكة.
من المؤكد أن يؤدي تصعيد الخلافات السياسية في المحافظات الجنوبية إلى تعقيد العلاقة بين السعودية والإمارات، خاصة إذا زادت أبو ظبي من دعمها للحركة الانفصالية. وهو الأمر الذي من شأنه أن يقوض طموحات الرياض البحرية. كما أن الصراع على السلطة قد يضعف نفوذ الرياض في المحافظة الحدودية، مما يعرّض السيطرة السعودية على نشطون للخطر. اختبرت الإمارات علاقاتها مع المملكة في عدة مناسبات في اليمن. ومع ذلك، فإن دعم استقلال جنوب اليمن قد يكون خطوة بعيدة جدا بالنسبة للإمارات لأنها ستخاطر بإلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بالعلاقات الثنائية.