يُنظر الى زيارة الرئيس اللبناني السابق ميشال عون الى العاصمة السورية دمشق ولقائه برئيسها بشار الأسد على أنها "مفاجِئة"، وتحمل أبعادها بالنظر الى التوقيت وترتيب الملفات الداخلية اللبنانية وأهمها الملف الرئاسي. قد لا يمكن فصل هذه الزيارة، ولو من باب "محاسن الصدف" عن ترقب انتخاب خلفٍ لـ "عون" بعد أكثر من 7 أشهر من الفراغ، الا أنّ اللقاء لا يخرج أيضًا عن سياق العلاقات التاريخية لشخص "عون" مع سوريا بالدرجة الأولى، وعن علاقة التيار الوطني الحر بالدرجة الثانية مع دمشق، على الرغم من التأرجح الذي مرّت به العلاقات خلال عقود، وفي محطتين مفصليتين من جملة الأحداث في لبنان وسوريا: ما قبل الحرب الأهلية اللبنانية وما بعدها، وما قبل الحرب على سوريا وما بعدها.
عون في دمشق لعرض أسباب عدم تسمية فرنجية
إنّ العلاقة بين الطرفين في مرحلة الحرب على سوريا وما بعدها، هي الأجدار بالذكر، والأوجب بالتطرق اليها، لأنها ترتبط بشكل مباشر بهذه الزيارة. فقد أكّد مصدر في "التيار" لموقع "الخنادق" أنّ الملف الأساسي الذي حمله "عون" الى "الأسد" هو مسألة النازحين السوريين في لبنان وضرورة مناقشة وبحث عودتهم الى وطنهم، ليس الا. وهنا أكّد "الأسد" أنّ "سوريا كانت وما زالت مستعدة لاستقبال أبنائها وهذه مسألة تتم بالتواصل والتعاون بين الدولتين".
أمّا بما يخص الملف الرئاسي، أوضح المصدر أنه على هامش اللقاء عرض "عون" الأسباب الموجبة لدى "التيار" لعدم مضيّه بخيار تسمية رئيس حزب المردة سليمان فرنجية. بدوره، شدّد "الأسد" على "أن اللبنانيين قادرون على صنع الاستقرار السياسي والاقتصادي بالحوار والتوافق"، في إشارة ضمنية الى أنّ التوافق اللبناني فقط هو من يسمح بانتخاب رئيس للجمهورية وبالتالي تحقيق هذا الاستقرار الذي "هو لصالح سوريا والمنطقة عموماً".
دعم "التيار" ترشيح الوزير الأسبق جهاد أزعور، لـ "يتقاطع" بذلك مع حزب القوات اللبنانية ونواب ما يسمى "المعارضة" في البرلمان من بين "لائحة أسماء اقترحها التيار، تضمنت الوزير الأسبق زياد بارود، والنائب الأسبق صلاح حنين وغيرهما"، حسب ما أضاف المصدر.
عون ودمشق.. لا قطيعة
منذ بداية الأحداث والحرب على سوريا عام 2011، بقيت مواقف "عون" مؤيدة وداعمة "للأسد"، اذ لطالما أعرب عن ضرورة استقرار سوريا ووحدتها، وعبّر عن رفضه للتدخل الخارجي في الشؤون السورية. كما طالب باستعادة العلاقات وتعزيز التعاون بين البلدين على مختلف المستويات، بحكم الجغرافيا، والعلاقات العربية للبنان. وكان "عون" يدعو الى حل سياسي للأزمة السورية، مشيرًا الى أنّه يجب أن يأتي من خلال المفاوضات بين الأطراف المعنية ويحقق الاستقرار والوحدة الوطنية في سوريا.
الا أنّ حيثية "عون"، كرئيس للجمهورية في الفترة الماضية، في ظل انقسام الموقف اللبناني، بين مشدد على العلاقة مع سوريا مهما كانت الظروف الإقليمية، وبين من شارك في مقاطعتها و"عزلها" من الأطراف والأحزاب اللبنانية وفق أجندة غربية، حالت دون زيارة رسمية الى دمشق.
اذاً لم ينقطع "عون" عن دمشق، "وعلى مدار 6 سنوات من وجود عون في بعبدا، بقي خط التواصل بينه وبين الأسد مفتوحًا، سواء من خلال الاتصالات أو من خلال وسيط، هو الوزير الأسبق ومستشار عون بيار رفول"، وفق ما شدّد المصدر في "التيار" في حديثه "للخنادق". وفي البيان الذي تلى اللقاء أثنى "الأسد" على "الدور الإيجابي للرئيس عون في صون العلاقة الأخوية بين لبنان وسوريا لمصلحة البلدين".
تخللت ولاية "عون" أيضًا، زيارة وفد من التيار الوطني الحر الى سوريا تلبيةً دعوة الأمين العام المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي هلال هلال، وكان على جدول أولويات الوفد بحث ملف عودة النازحين السوريين.
الكاتب: مروة ناصر