المهندس التونسي محمد الزواري من مواليد 1967 في مدينة صفاقس. انتمى إلى حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي في تونس مع بادية حركته النضالية، ليُزج به في السجن في عهد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي. وفي العام 1991، أطلق سراحه فغادر متجهًا إلى ليبيا ثم السودان وحصل على الجنسية السودانية، ليتجه فيما بعد إلى سوريا وينضم إلى حركة حماس.
كان الزواري عضوًا في كتائب عز الدين القسام حيث عمل على مشروع تطوير صناعة الطائرات بدون طيار في وحدة التصنيع في كتائب القسام، والتي أطلق عليها اسم "أبابيل1"، والتي ظهرت في الخدمة لأول مرة في العام 2014 في معركة "العصف المأكول"، كما أشرف على مشروع الغواصة المسيّرة عن بعد والذي عمل عليه في إطار رسالة الدكتوراه.
في العام 2011، عاد الزواري إلى تونس ليشارك في تغيير الحكم التونسي والذي انتهى بالإطاحة برئيس التونسي آنذاك زين العابدين بن علي، ثم أسس مع آخرين جمعية للطيران في مدينة صفاقس لتدريب المبدعين من الشباب على صناعة طائرات بدون طيار من باب الهواية.
وفي 15 ديسمبر من العام 2016، وبينما كان الزواري يستعد لتشغيل سيارته، قامت شاحنة صغيرة باعتراض طريقه، في الوقت الذي بدأ شخصان آخران بإطلاق النار عليه بـ 20 رصاصة، استقرت ثمانية منها في جسده، كان من بينها ثلاث رصاصات قاتلة على مستوى الصدر والرأس.
وبعد يومين على عملية الاغتيال، أكدت حركة حماس في بيان صدر على موقعها الإلكتروني انتماء الزواري لكتائب القسام وإشرافه على مشروع تطوير الطائرات بدون طيار، كما اتهمت كيان الاحتلال باغتيال الزواري عبر جهاز الموساد ووعدت بالانتقام له.
وكانت حركة حماس قد أصدرت وثيقة توضح فيها التفاصيل الكاملة لمسار الاغتيال، إضافة إلى التحضير اللوجستي للعملية وطريقة التنفيذ. وفيما يلي نذكر أهم ما جاء في الوثيقة:
مرّت عملية الاغتيال بالمراحل التالية:
- المرحلة الأولى (جمع معلومات أولية عن الشهيد): وذلك من خلال "كريس سميث" الذي ادعى أنه يعمل في شركة إعلامية، ويرغب في التعامل مع الجامعة حول صنع الطائرات بدون طيار لمراقبة أنابيب النفط وتصويرها عن بعد. وتردد سميث أكثر من مرة إلى الجامعة حيث يتواجد الزواري وقام بتصوير المختبرات التي يعمل بها.
- المرحلة الثانية (الاقتراب أكثر من الشهيد، وتحديد نقطة الاشتباك معه من خلال الصحفية "م.ح"): كان قد طُلب من الصحفية (م.ح) في قناة tvl الماليزية التقرب والاهتمام بشخصية "محمد الزواري" بحجة انتاج أشرطة وثائقية حول ثلاث نقاط رئيسة (الطيران، الطب، التعليم القيادي)، وبناءً على ذلك بدأت بالتردد باستمرار إلى الفعاليات التي يقيمها نادي الطيران في مدينة صفاقس وتصيرها، كما عمدت إلى التقرب من مساعد الزواري والحصول عن معلومات حول الأنشطة التي يقومون بها. وفي 22 من تشرين الأول في العام 2016، أجرت الصحفية مقابلة مع الزواري.
- المرحلة الثالثة (جمع المعلومات اللازمة للتنفيذ): كانت التقارير والإفادات قد أكدت على رصد عمليات مراقبة لمنزل الزواري تحديدًا قبل أسابيع قليلة من التنفيذ وذلك من قبل أشخاص مجهولين، وكان أبرزهم فتاتان تكررت مراقبتهما لمنزل الشهيد لأكثر من 4 مرات، إضافة إلى شخص ادعى أنه من مصلحة المياه، وقد تحدث أقارب الزواري معهما حيث كان وجودهما أمام منزل الشهيد لافتاً.
مرحلة التحضير اللوجستي للعملية:
اعتمد التحضير "اللوجستي" للعملية على مجموعتين تم تجنيدهما، بصورة منفصلة، بحيث لا يعرف أحدهما الآخر:
- المجموعة الأولى: وتمّت من خلال تجنيد المدعو (س.س) بعد إرساله طلب توظيف لفرصة عمل عبر "الفيسبوك"، تعود لشركة Swiss management، تعمل في مجال الدراسات الاقتصادية، مقرّها سويسرا، ولديها فرع في النمسا، ومن ثم تجنيد صديقه المدعو (س.م) بنفس الطريقة.
- المجموعة الثانية: هي مجموعة الصحفية "م.ح" التي كوّنتها من خلال أقاربها ومعارفها بغرض تصوير ومتابعة نشاطات الزواري، ذلك بعد فشل مسار المجموعة الأولى.
الاغتيال وأسلوب التنفيذ
وصل المنفّذان الرئيسان (س.ز، وشخص آخر) بجوازات سفر بوسنية عبر المطار إلى تونس، وتوجّها الى صفاقس صباح الخامس عشر من كانون الأول 2016، وجلسا في مقهى قريب من منزل الزواري.
وبحسب وثيقة الحركة، فقد تم تخصيص ثلاث مجموعات ميدانية في مكان عملية الاغتيال موزعة على النقاط التالية:
الأولى، نقطة رصد في بداية الشارع الرئيسي عند مدخل الشارع الفرعي لمنزل الزواري.
الثانية، لمراقبة مخرج الانسحاب من مكان التنفيذ.
الثالثة، نقطة التبديل النهائي للمجموعة المنفّذة.
وعند عودته إلى منزله من المركز الطبي (الذي كان قد ذهب إليه للحصول على نتائج فحوصات مخبرية)، جرى رصده من قبل المجموعة الأولى، وتبعته سيارة الـ"رينو ترافيك"، التي لها بابان يفتحان بشكل كامل "انزلاقي" من الجانبين.
وعند توقّفه التصقت سيارة الرينو بالجهة اليمنى لسيارته، ثم فتح الباب وقام المنفّذان بإطلاق النار عليه من مسدس من نوع "براوننج" عيار (9) مم مزوّد بكاتم صوت. أصابت الأعيرة المطلقة فك الشهيد العلوي، ورقبته، وقلبه، إضافة الى إصابات أخرى حيث توفّي مباشرة بتلك الطلقات.
الكاتب: غرفة التحرير