جاءت الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو بأجندة أيديولوجية سياسية حزبية، تمثّلت بالتوسع الاستيطاني، وزيادة قمع الفلسطينيين، وتهويد المسجد الأقصى، وتغيير هوية الكيان الاسرائيلي، من خلال تقليص صلاحيات المحكمة العليا، وتركيز السلطات بيد الحكومة، وخاصة السلطة القضائية.
اعترضت الأحزات ذات التوجّه العلماني الليبرالي، على مخطط التعديلات القضائية للحكومة، ورأت أنه سيحوّل الكيان تدريجيًا الى "شمولي وديكتاتوري"، والى كيان قائم على الحكم وفقًا للتشريعات الدينية التورانية.
ترجم هذا الاعتراض الى مظاهرات واسعة في الشوارع الرئيسية للمدن المحتلّة، تسرّبت هذه الاحتجاجات الى نقابات العمال، والأطباء، والمحامين، والمعلمين، وأساتذة الجامعاتوالمثقفين، والأدباء، ورجال الأعمال، والاقتصاديين، وعمال الموانئ، والمطارات، وخبراء تكنولوجيا الهايتك، والأخطر نحو الجيش.
انضم جنود وضباط الجيش، في الخدمتين النظامية والاحتياطية، لصفوف المحتجين، لا سيّما نخبة الطيارين من سلاح الجو، وخبراء السايبر والوحدات التكنولوجية الاستخبارية، ما هدّد النظرية لدى الاحتلال التي تدعي أنّ الجيش هو "البقرة المقدسة التي لا يجوز الاقتراب منها".
شكّلت هذه الاحتجاجات ضغوطات على نتنياهو، الى جانب ضغوطات من عواصم غربية عديدة وخاصة واشنطن، ما دفع نتنياهو للتراجع خطوة نحو الوراء، بتأجيل إقرار الاصلاحات القضائية، وكسب الوقت عبر المفاوضات مع المعارضة.
لكن في الوقت نفسه أبدى نتنياهو اعتراضه على الضغط الأمريكي، وكذلك لا تؤمن المعارضة بجديّة رئيس الحكومة في التفاوض، لذا يُرجّح أن يكون هذا التراجع مجرّد تكيك ومراوغة منه.
في هذا الإطار، تضع دراسة أصدرها "مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات"، عدّة سيناريوهات محتملة لمسار التعديلات القضائية وتداعياتها.
المصدر: مركز الزيتونة للدراسات والاستراتجيات