هي جولة جديدة من تلاحم جبهات محور المقاومة، في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية التي تحصل في القدس المحتلة والمسجد الأقصى، بدأت من قطاع غزة قبل يومين، ثم انتقلت الجمعة الى جنوب لبنان بطريقةٍ استثنائية جريئة وذكية فاجأت الجميع، وبرزت من خلال عملية إطلاق النار البطولية التي نُفّذت في منطقة الأغوار المحتلة.
فيوم الخميس، أطلقت مجموعات لم تكشف عن هويتها، 17 صاروخاً باتجاه فلسطين المحتلة، وهو ما وُصف بالتصعيد الأكبر من لبنان منذ حرب تموز عام 2006. ليرد على ذلك جيش الاحتلال ليل الجمعة بغارات ضد أهداف في قطاع غزة، ومن ثم في فجر يوم الجمعة، بغارتين جويتين على مواقع في جنوب لبنان زعم بأنها تابعة لحركة حماس، فيما تبيّن أنهما استهدفتا جسور الليمونة بالقرب من مفرق المعلية وسهل القليلة في خراج مخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين. أي أراضي مفتوحة كي لا تتدحرج الأمور الى قتال أو حرب يعرف قادة الكيان خواتيمها، وقد ذكّر هذا الاعتداء بما حصل في آب / أغسطس من العام 2021، حينما قصفت طائرات الكيان مناطق مفتوحة، فردّت المقاومة بالمثل في منطقة مزارع شبعا المحتلة.
المؤشرات التي أقلقت كيان الاحتلال
_ شكّل إطلاق الصواريخ من لبنان، رداً على الاعتداءات في القدس المحتلة، وبهذا العدد، ضربة قوية لصورة الردع الإسرائيلي، "ومدماكاً جديداً في تثبيت معادلة القدس والحرب الإقليمية"، وقد بلع الاسرائيلي الصفعة التي أوجعته، وهذا ما يجمع عليه أغلب المحلًلين في الكيان، وفي السياق كتبت ليلك شوفيل مقالاً بعنوان: "بسبب تآكل الردع الاسرائيلي: نصر الله رفع الرهان". وبالنسبة لهم، فقد أثرت النتائج التي أفضت إليه قضية ترسيم الحدود البحرية بشكل كبير على ما يصفونه بقدرة الكيان على الردع.
_ لا يريد الكيان المؤقت أن يصبح شهر رمضان المبارك من كل عام، مناسبة تصعيد سنوية متكرّرة لمحور المقاومة، الذي يعمل بالنسبة لهم أيضاً في سياق خطة واحدة.
_ يدّعي البعض منهم بأن الجمهورية الإسلامية في إيران، تقوم بتصعيد خطواتها في مواجهة الكيان، مستشهدين على ذلك بما يحصل في سوريا، وعمليات نقل الأسلحة والمال الى الضفة، وبما تم اكتشافه في عملية "مجيدو" وغيرها، وبتصاعد وتيرة العمليات في أراضي الـ 48 المحتلة والضفة الغربية.
إلى أين ستتجه الأمور؟
يُجمع الإسرائيليون على أنه من الصعب للغاية التنبؤ إلى أين ستتجه الأمور، بحيث لا يستبعدون حصول أي سيناريو، من أيام قتالية وصولاً إلى الحرب المفتوحة. ولعلّ مقولة المراسل العسكري في صحيفة "كان" هي الأكثر تعبيراً عن مدى الضبابية لديهم حينما قال: "ما يدور في رأس نصر الله هو السؤال الذي يشغلنا الآن".
كما يجب ألا ننسى بأن معادلة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله واضحة في هذا الشأن، وبالتالي فإن أي تصعيد او اعتداء اسرائيلي لن يكون دون رد. هذه المعادلة التي جعلت اسرائيل مردوعة في لبنان، وهي تفتش عن ثغرات ونقاط ضعف في جبهات المحور، لهذا تلجأ في كل مرة تتألم فيها وتوجه لها الضربات الموجعة الى استهداف سوريا، وذلك في محاولة لتثبيت معادلة جديدة هناك.
لكن بالنسبة للمستويات السياسية والعسكرية والأمنية في الكيان، فإن أهدافهم كما بات واضحاً، الرد على عمليات المقاومة في قطاع غزة ولبنان دون خوض حرب (هذا ما يشير إليه أن كل الاعتداءات الإسرائيلية بالأمس في غزة ولبنان لم تتسبب بأي خسائر بشرية، رغم ان تل أبيب تلقت صفعة مؤلمة، وهذا دليل على الخشية الإسرائيلية من حصول ذلك وتأزم الأمور). وفي هذا السياق علّق مراسل صحيفة معاريف العبرية بأنه من غير المعروف كيف قد ينتهي الأمر وكيف يتطور، حيث يعتمد جيش الاحتلال هذا على ردة فعل المقاومة. لذلك هم يجرون باستمرار تقييمات للوضع، ويقومون على إثرها بإصدار تعليمات مناسبة.
وآخر التعليمات اللافتة، إصدار رئيس هيئة أركان جيش الإحتلال الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، يوم الجمعة، قرارا باستدعاء عدد غير محدد من قوات الاحتياط (القوة العسكرية الأساسية في الكيان المؤقت)، بحسب ما أفادت به صحيفة "تايمز أوف إسرائيل". حيث أضافت بأن الاستدعاء يركز على وحدات الدفاع الجوي، ونطاق الهجمات الجوية، وهو ما يشمل طياري المقاتلات ومشغلي المسيرات، والأطقم الجوية الأخرى. وعليه يمكننا الاستنتاج بأنهم يتوقعون المزيد من العمليات وإطلاق الصواريخ، ولذلك هم يستعدون لها.
الكاتب: غرفة التحرير