لطالما كانت الرحلات التي قام بها قادة تايوان إلى الولايات المتحدة محفوفة بالمخاطر. ولكن تحت عنوان العبور وليس زيارة رسمية، وصلت رئيسة تايوان إلى نيويورك لتصل منها إلى أميركا الوسطى، في رحلة تهدف إلى إبراز صورة تايوان دوليًا. خاصة أن تايوان لا يعترف بها إلا 13 دولة حول العالم، من الدول الصغرى التي ليست لها مصالح مع الصين، حتى إن الولايات المتحدة نفسها لا تعترف بها، على الرغم من أنها ترتبط معها بشكل مباشر ضمن علاقات أمنية واقتصادية، وتعتبر الشريك الأهم للجزيرة، كما يُعتبر المعهد الأمريكي في تايبيه، بمثابة السفارة الفعلية لواشنطن في تايوان.
رسالة تايوان من خلال هذه الرحلة
تايوان التي فقدت هندوراس كدولة تعترف بها دبلوماسيًا للتو، تريد أن تظهر أن تايوان حتى لو فقدت حلفاء دبلوماسيين، إلا أن الشركاء لديها يدعمون بقوة تايوان وأمنها، فمن المخطط أن تلتقي رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي في رحلة عودتها إلى تايوان، وهو الأمر الذي أثار احتجاجات قوية من الصين.
"تصميم تايوان على الخروج إلى العالم سيزداد قوة"، قالت تساي عند مغادرتها تايبيه. "الرسالة التي أريد أن أبعث بها من خلال هذه الرحلة هي أن تايوان ستحمي بثبات حريتنا وديمقراطيتنا وستظل قوة من أجل الخير في المجتمع الدولي."
تحركات الصين في خلفية علاقات تايوان الدبلوماسية
سعت بكين إلى الحد من نفوذ تايبيه على الساحة العالمية من خلال منع عضويتها في المنظمات الدولية وإغراء حلفائها بوعود بالاستثمار وعلاقات تجارية أعمق. ولا تسمح الصين للدول التي تربطها بها علاقات دبلوماسية بالحفاظ على علاقات رسمية مع تايوان.
تعود العلاقات بين هندوراس وتايوان إلى عام 1941. وكانت الدولة الواقعة في أمريكا الوسطى واحدة من آخر الحلفاء الدبلوماسيين المتبقين، كانت تايبيه تكافح للحفاظ عليها من خلال برامج المساعدات والاستثمارات. لكن نجحت الصين في اصطيادها مع سلسلة من حلفاء تايوان في منطقة الكاريبي على مدى السنوات الخمس الماضية، بما في ذلك نيكاراغوا والسلفادور وبنما وجمهورية الدومينيكان.
وقد تخسر حليفا آخر بعد انتخابات الشهر المقبل في باراغواي، حيث دعا الرئيس المنتهية ولايته ماريو بينيتيز تايوان إلى استثمار مليار دولار للمساعدة في مقاومة الضغوط "الهائلة" لتحويل الاعتراف الدبلوماسي إلى بكين.
الصين تعارض بشدة أي اتصالات أمريكية مع تايوان
هددت الصين بالرد إذا التقت رئيسة تايوان تساي إنغ وين برئيس مجلس النواب الأمريكي كيفن مكارثي خلال رحلة مرتقبة إلى الولايات المتحدة، وسط تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين. وقالت هيئة سياسة تايوان التابعة للحكومة الصينية إن مثل هذا الاجتماع سيكون "استفزازا آخر" من شأنه أن "يخرب السلام والاستقرار في مضيق تايوان"، متعهدة "بالرد بحزم".
في أغسطس/ آب من العام 2022 الماضي، أجرت بكين تدريبات عسكرية غير مسبوقة وأطلقت صواريخ فوق تايوان لأول مرة، بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي آنذاك نانسي بيلوسي لتايبيه. وكان كيفين مكارثي وهو خليفة بيلوسي قد تعهّد بزيارة تايوان. لكن صحيفة فاينانشال تايمز ذكرت هذا الشهر أنه أرجأ الزيارة، بعد أن اقترحت رئيسة تايوان أن يجتمعا في الولايات المتحدة بدلا من ذلك للحد من خطر رد فعل عدواني من بكين.
وقبل وصول تساي، قال مسؤولون كبار في إدارة بايدن إن عمليات العبور عبر الولايات المتحدة من قبل كبار المسؤولين التايوانيين كانت روتينية، وأن الصين يجب ألا "تستخدم هذا العبور القادم كذريعة أو ذريعة للقيام بأنشطة عدوانية أو قسرية تستهدف تايوان".
الزيارة تأتي في ظل تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين
الوجود العسكري الأمريكي في الجزيرة جزء من جهد يمتد على مدى عدة إدارات لتعزيز قدرة تايوان على صد أي غزو صيني محتمل، لكنه يخاطر أيضا بتأجيج التوترات بين واشنطن وبكين. ويعد برنامج تدريب القوات التايوانية جزءًا من التبادلات "منخفضة المستوى" التي تسمح للوحدات بالقدوم من الجزيرة، للتدريب تحت مراقبة الجنود والطيارين والبحارة ومشاة البحرية - بما في ذلك تناوب الطيارين الذين يتدربون على طائرات F-16 في قاعدة لوك الجوية في ولاية أريزونا، إحدى قواعد التدريب الرئيسية للقوات الجوية. غادرت آخر القوات الأمريكية المعترف بها رسميا تايوان في عام 1979، حين بدأت واشنطن العمل بموجب سياسة "صين واحدة" التي تعترف بأن بكين تعتقد أن تايوان جزء من الصين بينما تتعامل مع وضع تايبيه على أنه لم يتم حله.
وعلى الرغم من التوترات الحاصلة بين الصين والولايات المتحدة، فإن واشنطن دأبت على لسان مسؤوليها بالتصريح بأن هذه الزيارة لا تستحق التصعيد، وأنه لم يطرأ أي تغيير على سياسة "صين واحدة" التي تنتهجها الولايات المتحدة.
من جهتها، وزارة الدفاع التايوانية قالت إنها مستعدة لأي تهديد صيني خلال زيارة تساي، بما في ذلك سيناريو "أسوأ" لم تحدده. وأضافت أنه لا توجد مؤشرات على تحركات عسكرية صينية قبل مغادرتها.
الكاتب: زينب عقيل