أن تقوم مجموعة الأزمات الدولية ICG بنشر تقرير، تدعو فيه الى فتح قنوات اتصال مع هيئة تحرير الشام الإرهابية (جبهة النصرة سابقاً بقيادة أبو محمد الجولاني). فهذا دليل على أن المعسكر الغربي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية قد يفكّرون جدياً بهذا الأمر، لا سيما بعد ظهور العديد من المؤشرات على خسارتهم في الساحة السورية، بدءاً من عودة العرب الى سوريا، مروراً برغبة الدولة التركية بالعودة أيضاً، وصولاً الى الاتفاق الإيراني السعودي الذي من الممكن أن ينعكس تغييرات استراتيجية على هذه الساحة أيضاً، لن تكون في مصلحة المعسكر الغربي الأمريكي إطلاقاً.
ففي تقرير للمجموعة نشرته في الـ 7 من آذار / مارس الجاري، عالجت فيه ما اعتبرته انعدام اليقين بشأن السياسة التركية حيال سوريا، الذي قد يهدد السلام النسبي ويعيق أعمال الإغاثة الإنسانية. ذكرت بأنه يترتب على الحكومات استكشاف إمكانية فتح قنوات اتصال غير رسمية مع "هيئة تحرير الشام"، من أجل التوصل إلى فهم أفضل للتهديد الذي يشكله تنظيم داعش الوهابي الإرهابي، والمقاتلين العابرين للحدود في شمال غرب سوريا، وتحسين ما وصفوه بالاستجابة الإنسانية لحالات الطوارئ. مروّجةً بأن الهيئة قد تخلت عن الجهاد العابر للحدود، ولاحقت خلايا تنظيم داعش والقاعدة، وأخضعت معظم الجهاديين الآخرين، وأنها تركز جهودها ضد "نظام الأسد" وإدارة المنطقة.
ثم أضافت بأنه ينبغي على الهيئة الاستمرار في قمع المجموعات التي تنتهك وقف إطلاق النار أو تنتهك حظرها على شن عمليات في الخارج أو ضد القوات التركية في إدلب، لتأمين المساعدة للمحافظة وإعادة صياغة نفسها كشريك تفاوض موثوق به، وأن تتجنب استعمال هذه المجموعات كأدوات للمساومة مع الغرب.
ولا تقتصر الرؤيا الترويجية لهذا التنظيم الإرهابي على مجموعة الأزمات الدولية فقط، بل يشاطرها الرأي أيضاً في ذلك، العديد من المؤسسات البحثية الغربية مثل معهد ويلسون الأمريكي شبه الحكومي والقريب من الكونغرس.
أمريكا المارقة
هذا التقرير يتقاطع بشكل وثيق مع ما ذكره الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلاته الإعلامية الأخيرة، عندما وصف الولايات المتحدة الأمريكية بأنها أكبر دولة مارقة (دولة راعية للإرهاب)، لرعايتها المجموعات الإرهابية لا سيما تلك المتواجدة في منطقة التنف. عندما قال الرئيس الأسد بأن "التنف هو عبارة عن معسكر كامل من الإرهابيين ولا يوجد له هدف آخر. ما الذي تستفيده الولايات المتحدة من وجودها في هذه المنطقة في قلب منطقة صحراوية؟ لا شك هي لديها معسكرات للإرهابيين فيها عشرات الآلاف مع عائلاتهم، وتقوم بإرسال هؤلاء الأشخاص من وقت لآخر للقيام بعمليات هجوم على الجيش السوري بهدف تشتيت التشكيلات السورية باتجاهات مختلفة. نحن متأكدون من هذا الشيء والأدلة موجودة على أرض الواقع".
وفي السياق نفسه، أجاب عن سؤال حول القصف الإسرائيلي على الأراضي السورية، بأن الكيان المؤقت قام بالتعاون مع أمريكا بإطلاق داعش في 2014.
لذلك بالعودة الى هيئة تحرير الشام الإرهابية، يطرح السؤال نفسه: كيف تستطيع هيئة مصنفة من قبل الإدارة الأمريكية أيضاً بأنها إرهابية أن تنشط بكل أريحية، لولا وجود غطاء عسكري أمريكي مبطن لها؟ كما يمكننا طرح السؤال ذاته حول قائد الهيئة الجولاني، التي تزعم واشنطن بأنها تلاحقه وتضع مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات تؤدي الى المساعدة في ذلك؟
الكاتب: غرفة التحرير