زيارة مهمة وبالغة الدلالات، أجراها الرئيس السوري بشار الأسد الى روسيا، خاصةً لناحية التوقيت لما يشهده العالم والمنطقة من أحداث مفصلية، ومن ناحية الشكل وما تخللته من مواقف وقرارات.
وتخلّل الزيارة لقاء بين الرئيس بشار الأسد ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، لأول مرّة منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وجرى خلال اللقاء استعراض العديد من الملفات السياسية والاقتصادية والتطورات المستجدة على الساحتين الإقليمية والدولية، والعلاقات الثنائية والتعاون المشترك بمختلف أشكاله.
وقد ذكر الرئيس الأسد، بأن هذه الزيارة ستمهد لمرحلة جديدة في العلاقات والتعاون بين البلدين، لا سيما على صعيد الاقتصادي، حيث تم الاتفاق على تنفيذ 40 مشروعاً استثمارياً، في مجالات الطاقة أي الكهرباء والنفط، في مجال النقل، في مجال الإسكان، في المجالات الصناعية، في مجالات مختلفة أخرى كثيرة، لكن بمشاريع محددة بدقة، وأيضاً بآليات متابعة وإنجاح لهذه المشاريع، إضافة إلى وضع تصور مشترك بين الدولتين، للتعامل مع المرحلة المقبلة في ظل تغير التحالفات في العالم.
كما أشار الرئيس الأسد الى أن موضوع المصالحة مع تركيا ولقائه مع رئيسها رجب طيب أردوغان، مرتبط بشكل نهائي وحاسم، بالوصول إلى مرحلة تكون فيها تركيا جاهزة للخروج الكامل من الأراضي السورية، والتوقف عن دعمها للإرهاب، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل بدء الحرب على سوريا قبل 10 سنوات. وعليه فإن هذا التصريح سيوجه ضربة قوية لأردوغان، الذي كان يأمل استثمار هذا اللقاء في الانتخابات الرئاسية التركية المقبلة. كما يؤكد أيضاً بأن ما نشهده من عودة للعلاقات ما بين الدول العربية وسوريا، هو عودة لهذه الدول الى وصل ما قطعوه مع دمشق وليس العكس، وبالتأكيد من دون شروط مفروضة أو كما يروج البعض لتخل سوري عن الثوابت والقضايا الاستراتيجية.
كل حروب أمريكا من أجل الدولار
وأشار الرئيس الأسد خلال إحدى المقابلات التي أجراها هناك، إلى أن وضع حد لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية العدوانية، بحاجة إلى جهود العديد من الدول والمحاور في العالم بالتوازي، لأنها ما زالت قوة عظمى، ولو أنها قد تكون في حالة انحدار.
مشيراً إلى أن كل سياسات أمريكا وانتشار أساطيلها في العالم، وشنها للحروب العدوانية، هي من أجل شيء واحد وهو الدولار الأمريكي، متوقعاً بأنه عندما يصبح هناك تحالف اقتصادي يُوجد بديلاً للدولار لأية دولة ترغب، فعندها لن تكون الإدارة الأمريكية قادرة على السيطرة على مصير اقتصاد الدول والشعوب، وعندها سيكون هناك نهاية لحروبها، لأنه لن يكون بإمكانها ذلك ولن يكون لديها فوائد تجنيها من هذه الحروب أصلاً. وعندها سيتغير وضع العالم.
الحرب العالمية الثالثة قائمة!
وأضاف الرئيس الأسد بأنه يعتقد أن الحرب العالمية الثالثة قائمة، لكن بشكل مختلف عن الحرب التقليدية لوجود قوة ردع بين الدول بسبب الأسلحة المتقدمة وخاصة السلاح النووي، بحيث أن طبيعة هذه الحرب تأخذ شكل الحروب بالوكالة. مشيراً إلى أن زيلينسكي يقوم بالحرب نيابة عن الغرب، مع جيشه طبعاً من النازيين، وأن نفس الشيء يقوم به الإرهابيون بالنيابة عن الغرب في سوريا وفي مناطق أخرى.
أفق التعاون العسكري مع روسيا سيتوسع
وكان لافتاً إشارة الرئيس الأسد الى موضوع القواعد العسكرية الروسية في سوريا، من الناحية السياسية وليست العسكرية، بحيث لا يجب أن ترتبط بموضوع مكافحة الإرهاب ذو الطبيعة المؤقتة، بل يجب أن يكون هذا الوجود في إطار توازن دولي، مرحباً بفكرة توسيع وتعزيز الوجود الروسي في بلاده كماً ونوعاً وفي بلاد أخرى.
وعليه فإن روسيا في المستقبل، قد لا تنكفئ عن الوجود في شرق البحر المتوسط أو تكتفي بحضور كالذي كان قبيل العام 2011، بل وربما تسعى الى توسيع انتشارها وتعزيزه في دول أخرى، وعندها ستشكل هذه المنطقة ساحةً لتحديد المعادلات والاصطفافات في عالم متعدد الأقطاب.
الكاتب: علي نور الدين