تتصاعد وتيرة العلاقات الثنائية ما بين الجمهورية الإسلامية في إيران وما بين حركة طالبان التي تتولى الحكم في أفغانستان، وفق مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل بلد، واتخاذ إجراءات مشتركة تؤدي الى تسهيل الحياة على الأفغانيين. فغاية الطرفين من هذه العلاقات ليست المصالح، بل منع الضرر وتجنيب البلدين أي مشكلة قد تضرب الاستقرار.
وآخر التطورات على هذا الصعيد، الزيارة التي قام بها القائم بأعمال وزير التجارة في حكومة طالبان الأفغانية نور الدين عزيزي مؤخراً الى إيران، سبقها زيارات ممثلين عن الحركة في مجالات النفط والغاز ووفود من المصرف المركزي الأفغاني ووكالة القواعد والمعايير ووزارات المالية والخارجية، وقد تكللت هذه الزيارات بإتمام عدة اتفاقيات. كما سبق لوزارة الدفاع الأفغانية أن أعلنت توصلها مع وفد إيراني قد زارها منذ مدة، إلى اتفاق يتعلق بأمن الحدود المشتركة.
وتأتي جميع هذه التطورات، بعدما تسلم ممثلو الطالبان السفارة الأفغانية في طهران في 26 شباط / فبراير الماضي، في إطار أنها سلطة الأمر الواقع.
وبالعودة الى زيارة الوزير نور الدين عزيزي، فقد بدأها من زيارة للجمارك الإيرانية على الحدود مع أفغانستان. وفيما يلي الاتفاقيات والإجراءات التي تم اتخاذها خلال الزيارة:
1)فتح معبر دوغارون - إسلام قلعة المتاخم لولاية هرات لمدة 24 ساعة.
2)الوعد بتأسيس مركز للجمارك في بازار يزدان الحدودي في جنوب خراسان.
وخلال هذه الزيارة، زار عزيزي البنية التحتية الموجودة في بازار يزدان الحدودي ووعد أهالي هذه المنطقة بتأسيس مركز للجمارك في هذه المرحلة، وهو ما رحب به نائب حاكم جنوب خراسان، وأبلغ حكومة طالبان بشأن إنشاء مرافق جمركية.
3)التأكيد على استكمال المسار الثاني لجسر الحرير على حدود معبر الحليب في منطقة سيستان. فهذا المعبر يعدّ أحد المعابر الحدودية المهمة بين البلدين، ويقع في مدينة هيرماند الإيرانية، على مسافة 261 كيلومترًا شمال زاهدان، بجانب نهر باريان الحدودي المشترك وبالقرب من مدينة زارانج، عاصمة ولاية نمروز الأفغانية.
وبالنظر إلى أهمية هذا المعبر لمقاطعة سيستان وبلوشستان، فإن تسهيل التجارة في هذه الحدود يمكن أن يساهم في الازدهار الاقتصادي لهذه المقاطعة. لكن فيما يتعلق بالبنية التحتية، هناك مشاكل على حدود المعبر، حيث عملت السلطات الإيرانية على محاولة حل هذه العقبات خلال زيارة عزيزي. فكان من بين هذه الإجراءات الاتفاق على استكمال المسار الثاني لجسر الحرير الذي تم قصفه.
5)إنشاء طريق جانبي لفترة مؤقتة:
نظرا لأن استكمال المسار الثاني لجسر الحرير سيستغرق وقتا، فقد توصلت سلطات الجانبين إلى تفاهم حول إنشاء طريق جانبي في هذه المنطقة، وتم افتتاح هذا الطريق الجانبي بحضور محافظ سيستان وبلوشستان والوزير الأفغاني عزيزي.
6)افتتاح موقف تفتيش جديد لتسريع عملية المرور
ولأن تفتيش السيارات والشاحنات على جسر الحرير يتسبب بحدوث مشاكل تأخر وازدحام سير شديد خاصة لشاحنات النقل، لذلك تم توفير مساحة للقيام ببعض المهام الإدارية والتفتيشية بهدف تسهيل حركة المرور على الجسر.
ومن المهم الإشارة هنا إلى أنه لأول مرة منذ عقود، تمكنت حكومة طالبان من تمويل ميزانيتها من مصادر محلية. وهذا الإنجاز الذي تم تحقيقه يعود إلى اهتمامهم بأمرين: أولاً، تعزيز أنشطة الجمارك، وثانياً الحد من الفساد في الجمارك. ونظراً لحقيقة أن الجمارك لعبت دوراً أساسيًا في توفير الميزانية، فإن طالبان تريد تحقيق هدف زيادة التبادل التجاري من خلال إزالة العقبات أمام التعاون الجمركي مع الدول المجاورة، ويمكن تقييم رحلة نور الدين عزيزي إلى إيران في هذا الصدد.
وفي هذا السياق من المهم أن تسعى طالبان لإقامة وتطوير أسواق حدودية، لأن ذلك سيساعد بشكل كبير اقتصاد المناطق الحدودية الفقيرة، وبالتالي سيزيد ذلك من أمن واستقرار المنطقة.
الكاتب: غرفة التحرير