أحدثت الإتفاقية الإيرانية السعودية خرقاً واضحاً على صعيد المواجهة الدولية بين الصين والولايات المتحدة، ما يعني أن المواجهة قد تصبح أكثر صخباً مع الأيام القادمة، فما هي التطورات الإيجابية أو السلبية التي قد تحصل؟
تستخدم الصين أدواتها المالية والإقتصادية في توجهها الحالي، وقد بدأت تحقق نتائج ملموسة عبر دبلوماسيتها المرتكزة على الإقتصاد والاستثمار، ما يمنحها تمدداً خفياً نحو الدول الشريكة للولايات المتحدة، وهذا ما سيتيح لها لاحقاً تعطيل الإتفاقيات الثنائية بين الولايات المتحدة وشركائها خاصة تلك المتعلقة بالجانب الأمني - العسكري، وتقييد عمل القواعد الأمريكية المنتشرة حول محور آسيا، هذا التوجه الصيني على ما يبدو أنه سيتطور مع الوقت مقابل الأدوات الأمريكية المرتكزة على تعزيز تواجدها العسكري بما تمثله قواعدها العسكرية وشراكاتها الأمنية والاقتصادية.
ماذا لو سارت الاتفاقية كما خططت لها الصين مع الدول المعنية؟
1ـ الصين: الاتفاق بمثابة إعلان دخول الصين كقوة عظمى على الساحة العالمية، ومن نقطة ساخنة هي منطقة الخليج حيث الحراك السياسي فيها وصل إلى حائط مسدود، عدا عن إظهار الصين لصورتها الجديدة حيث بدأت بشكل أكثر جدي بتنفيذ مشروعها الاقتصادي "الحزام والطريق"، والتشبيك مع الدول التي تقع على أحد خطوطه، ما يعود بفوائد مشتركة على الجميع.
ـ ستؤمن الصين إمداداتها النفطية من السعودية وإيران لفترات طويلة ومستدامة وآمنة.
2ـ السعودية: سوف تتوقف الرياض عن تبذير أصولها وأموال النفط في صراعات المنطقة.
ـ تنفيذ الإتفاقية الإقتصادية مع الصين، وما يستتبعها من إستثمارات ضخمة في كافة قطاعات الإقتصاد السعودي، ستساعد بشكل كبيرعلى تنفيذ رؤية 2030، وسيعود ذلك بإيجابية كبيرة على صورة محمد بن سلمان كملك قادم.
ـ تحصين الأمن القومي السعودي بعد حل الأزمة مع اليمن، وتأمين سحب القوات السعودية من هناك مع إتفاقية مرضية للطرفين برعاية صينية ـ إيرانية.
ـ تنويع الشراكات الإقتصادية والأمنية بعيداً عن عباءة الولايات المتحدة الأميركية.
3ـ الجمهورية الإسلامية:
ـ إنهاء حالة الحصار والعقوبات وإعادة العلاقات مع المحيط القريب، فقد أصبح من الواضح أن الجمهورية الإسلامية بدأت الخروج بنجاح من حالة الحصار القوية التي فرضها الخروج الأمريكي من الإتفاق النووي، وساهمت الحرب الأوكرانية بشكل كبير في تخلي روسيا عن أي إلتزامات مع الولايات المتحدة بخصوص إيران، وبعده الاتفاقيات الاقتصادية مع الصين، واليوم اتفاقية المصالحة مع السعودية، وهذه الحالة ستتطور وتتوسع مع العديد من الدول التي كانت تراعي الشروط الأمريكية في علاقتها مع إيران.
ـ تنميه اقتصادية: ستعود مثل هذه الإتفاقية على الإقتصاد الإيراني بجو إيجابي خاصة أنها ستسرع في تنفيذ الاتفاقية الصينية ـ الإيرانية الاستراتيجية الخاصة بالحزام والطريق.
ـ ماذا لو أراد الأمريكي عرقلة الاتفاقية، وما هي السيناريوهات؟
1ـ توريط السعودية بعمل عسكري ضد إيران كأن تنطلق من الأراضي السعودية طائرات بدون طيار مجهولة لتشن هجوم على منشآت ايرانية تقع على الخليج مباشرة ما يستتبع رداً إيرانياً على الأراضي السعودية.
2ـ هجوم على المصالح او السفارات الإيرانية في المنطقة تتبناه حركات مرتبطة بالسعودية.
3ـ تفعيل الجبهات الخاملة في سوريا، وإعادة الشحن الطائفي والإعلامي.
4ـ اعتداءات إسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، أو في لبنان أو سوريا أو العراق وإعادة خلط الأوراق.
5ـ هجوم مجهول الهوية على أرامكو والمنشآت النفطية السعودية يُتهم فيه اليمنيون.
6ـ تعرض المصالح أو السفارات السعودية لهجوم مجهول الهوية تتهم فيه الجماعات الشيعية السعودية المعارضة.
7ـ انقلاب داخل السعودية مدعوم أمريكياً يطيح بأركان حكم الملك سلمان، وإزاحة محمد بن سلمان من الصورة، وتسلم الحكم لملك جديد، وإلغاء كل مسار الإتفاقيات مع الصين والجمهورية الإسلامية.
8ـ إغتيال محمد بن سلمان، إذا كان خيار الإطاحة بالملك سلمان وإبنه محمد غير مجدي قد يتم إغتيال محمد بن سلمان على غرار ما حصل عام 1973 مع الملك فيصل.
توقع لنتائج مثل هذه السيناريوهات:
1 ـ تفكك النظام السعودي الحالي وتقسيم السعودية الى عدة دول، وبالتالي إدخال المنطقة في صراعات جديدة، وتفعيل الجبهة اليمنية مجدداً، فتصبح الحرب بلا سقف مع عدم وجود دولة مركزية سعودية، وبالتالي تهديد كبير لأمن النفط العالمي.
2 ـ إنتهاء فكرة التحالف العربي الإسرائيلي وما سبقها من اتفاقيات أبراهام، واتفاقيات التطبيع.
3ـ إهتزاز سوق النفط وارتفاع الأسعار بشكل كبير نتيجة التوتر الذي سيقع في منطقة الخليج.
4ـ الإقتراب بشكل كبير أو وقوع حرب مع محور المقاومة خاصة إذا تم شن أي هجوم مؤثر تجاه الجمهورية الإسلامية أو حلفائها.
5ـ ضربات محدودة متبادلة تطال منشآت وقواعد أمريكية وإسرائيلية وإيرانية.
خلاصة:
إذا شعر الأمريكي أن مثل هذه الإتفاقية ستمثل تهديداً جدياً له سيحاول بدايةً قمع الحركة السعودية ومنع تفاقمها ووضعها في إطار تبادل دبلوماسي بين السعودية وإيران فقط، أما في حال وجد أن التجاوب السعودي معه لن يكون حسب مصالحه فقد يلجأ الى التصعيد السياسي والإعلامي، ومحاولة خلط الأوراق، وإذا وصلت الأمور الى هذه السيناريوهات المتطرفة في التعاطي مع هذا الحدث فهذا يعني أن أحداثاً كبرى قد تقع، بما فيها الحرب الشاملة.
هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع
الكاتب: محمد إبراهيم