استهدفت الفصائل الفلسطينية خط أنابيب إيلات-عسقلان، الأمر الذي حاولت "إسرائيل" بداية ان تخفيه بزعمها أنه مجرد خزانٍ للوقود، وذلك لأهمية هذا الخط الاستراتيجية، ليس فقط على صعيد كيان الاحتلال بل على صعيد المنطقة. فما قصة هذا الخط الذي عمل الكيان عشرات السنوات لأجل تفعيله؟ ولماذا وضعته المقاومة ضمن بنك أهدافها؟
أهمية خط إيلات-عسقلان
يعود تاريخ خط أنابيب إيلات-عسقلان إلى ستينيات القرن الماضي، بين إيران في فترة حكم الشاه محمد رضا بهلوي و"إسرائيل"، الذي تم بناؤه فعليًا في عام 1968، بالشراكة بين البلدين، وكان الهدف منه التخلص من إلزامية المرور في قناة السويس خاصة مع تنامي حالة العداء بين مصر والدول العربية في ذلك الوقت، ليتم نقل النفط على الشكل التالي:
ينقل النفط الإيراني إلى ميناء إيلات المطل على خليج العقبة، ثم من إيلات إلى عسقلان التي تقع على البحر المتوسط، ومن بعدها إلى الدول الأوروبية والولايات المتحدة.
مع انتهاء حكم الشاه لم يعد هذا المشروع قيد التداول، أو هذا ما كان مُعلن عنه، لكن ومع توقيع مصر لاتفاقية التطبيع مع كيان الاحتلال "كامب دايفيد"، تخلصت "إسرائيل" من هواجسها وأصبحت قناة السويس ممرًا آمنًا لها، والممر الملاحي الأهم لكل المنطقة على صعيد حركة التجارة العالمية.
بعد تسارع الأحداث في المنطقة، وفي ظل الحرب على اليمن التي فرضتها الولايات المتحدة من خلال السعودية، أداتها في المنطقة، وإدراك كيان الاحتلال قدرة حركات المقاومة في اليمن وعلى رأسهم أنصار الله، ومع سعي واشنطن للعودة إلى الاتفاق النووي مع طهران الذي يشكل مصدر قلق له، عاد الحديث عن ضرورة تأهيل وتطوير هذا الخط بشكل يسمح له العمل بشكل مضاعف وأكثر فعالية، وهذا ما قدمته اتفاقية التطبيع بين الكيان والامارات، فقبل أن يجف حبر توقيع الاتفاقية، حتى كانت اتفاقية خط الأنابيب على رأس جدول الأعمال في آب عام 2020، والهدف نقل النفط الاماراتي والخليجي المتجه شمالًا إلى أوروبا والولايات المتحدة لكن دون المرور عبر قناة السويس، إضافة لنقل النفط القادم من حوض البحر الأسود والمتوسط باتجاه آسيا وأسواقها.
مصادر مطلعة قالت ان قيمة هذه الصفقة قد تصل إلى 800 مليون دولار على مدى سنوات، وان الخط ليس قيد التشغيل، بل انه يعمل بشكل طبيعي وبدأ باستقبال النفط الاماراتي على وجه الخصوص، وهو اكبر خط نفطي في "إسرائيل" تستفيد منه بشكل مباشر وكبير، ولأجل ذلك تحيط كل الاعمال المتعلقة به بسرية تامة.
خط أنابيب إيلات - عسقلان، يصل طوله إلى 158 ميلاً، ويربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، لتكون كلفة ضخ النفط أرخص للخليج، فيكون الاستغناء عن الناقلات التي تعبر السويس برسوم تعود على الخزينة المصرية، وهكذا تتحول المكاسب لمصلحة "إسرائيل"، وتشكل ضربة موجعة للاقتصاد المصري.
لم يكن ضمن السيناريوهات المحتملة، او المفتوحة طيلة الفترة الماضية، عن أن شيئًا سيوقف هذا المشروع عن العمل، مع إصرار الكيان عليه، خاصة مع الرهان ان المسار الجديد سيكون اكثر أمنًا في ظل التوترات التي تحصل في المنطقة، لكن ما لم تكن تتوقعه "إسرائيل" ان التهديد سيأتي من عمق فلسطين، وان هذا الخط الذي تبني عليه آمالا سيكون تحت مرمى صواريخ الفصائل، وهذا ما جعلها ترزح تحت وطأة النكران اولاً ثم تحت خيبة الاعتراف ثانية، فاستهداف الخط ليس فقط يسبب خسائر مادية هائلة، ويقطع أوصال ما كانت تعمل جاهدة على بناءه طيلة سنوات، بل يرفع مستوى التهديد في جبهاتها الداخلية مع قدرة الصواريخ على الوصول إلى هذه الأهداف الحيوية.
وتجدر الاشارة أ الى أن جيش الاحتلال والمسؤولين الإسرائيليين يعتبرون المعلومات المتعلقة بما يتم نقله عبر خط أنابيب إيلات-عسقلان على أنها سرية للغاية.
الكاتب: غرفة التحرير