شارك آلاف الأشخاص في مظاهرة بوسط ألمانيا للاحتجاج على منح المزيد من الأسلحة لأوكرانيا، وحثّوا الحكومة الألمانية على تهدئة الأزمة من خلال تمهيد الطريق للمفاوضات مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بدلاً من ذلك. ولم تكن هذه الاحتجاجات يتيمة، حيث شهدت دول حلف الناتو اعتراضات مماثلة لدى مواطنيها الذين باتوا يعتبرون ان المشاركة بحرب أوكرانيا هي التي تأتي بالأزمات الاقتصادية إلى عواصمهم.
وبحسب صحيفة الغارديان البريطانية، فقد قدرت الشرطة أن هناك 13 ألف شخص في "الانتفاضة من أجل السلام"، عند بوابة براندنبورغ، التي نظمتها ساهرا واجنكنخت، العضو المنشق في حزب اليسار، والناشطة النسائية المخضرمة أليس شوارزر.
وفي خطاب ألقاه في الاحتجاج، تحدث واغنكنخت عن "بداية مبادرة المواطنين... إشارة انطلاق لحركة سلام جديدة وقوية في ألمانيا". وقالت إن المتظاهرين توحدوا في حقيقة أنهم لم يشعروا بأنهم ممثلون من قبل حكومة أولاف شولتس ووزيرة خارجيته أنالينا بربوك بسبب قرارهم بتزويد أوكرانيا بالسلاح.
حمل المتظاهرون لافتات كتب عليها "خوذات اليوم، دبابات غدًا، أبناؤكم غدًا بعد غد"، في إشارة إلى الطريقة التي زادت بها الحكومة الائتلافية دعمها العسكري لكييف، حيث تبرعت في البداية بـ 5000 خوذة ووافقت مؤخرًا على إرسال دبابات من صنع ليوبارد 2. كما كتب على اللافتات الأخرى: "Diplomaten statt Grenaten (دبلوماسيون بدلاً من القنابل اليدوية)" و "أوقفوا القتل" و "ليست حربي، وليست حكومتي".
تأتي هذه الاحتجاجات ضمن إطار الانقسام السياسي الداخلي الذي باتت تعانيه الأطراف والأحزاب. حيث تعرضت المظاهرة، التي شهدت أيضًا مشاركة بعض الشخصيات البارزة من اليمين المتطرف، مثل الناشر يورغن إلساسر، لانتقادات حادة من قبل ممثلي الحكومة الألمانية وكذلك أكبر حزب معارض CDU.
قال نائب المستشار روبرت هابيك (الخضر) لمحطة إيه آر دي: "كل شخص في عقله السليم يريد السلام...لكن ما تفعله ساهرا واجنكنخت ومن يتبعونها، ليس الدعوة إلى السلام، بل الترويج لشيء يفرضه دكتاتور إمبريالي على أوروبا"، على حد قوله، في إشارة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
من جانبه، انتقد زعيم المعارضة فريدريش ميرز من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (EPP) الجماعة أيضًا، بحجة أن "هناك بالفعل بيانًا للسلام" حول قرار الأمم المتحدة بإنهاء الحرب.
من جهتها، قالت واجنكنخت إن دافعها الرئيسي هو إنهاء "المعاناة الرهيبة والموت في أوكرانيا". لكن هذا يعني عرض مفاوضات على روسيا، كما قالت، "بدلاً من حرب استنزاف لا تنتهي بأسلحة جديدة". وقالت إن "مخاوف طفولتها من اندلاع حرب نووية في الثمانينيات أعيد إحياؤها بسبب الصراع الحالي. كان خطر توسع الحرب عبر أوروبا وربما العالم "كبيرًا جدًا".
منذ أسبوعين، نشر فاجنكنخت وشوارتسر "بيانًا للسلام" حثا فيه المستشارة شولتز على "وقف التصعيد في تسليم الأسلحة". وقد وقع عليها حتى الآن حوالي 650 ألف شخص، بمن فيهم مفكرون بارزون وشخصيات سياسية.
وقد تعرضوا لانتقادات في الأيام الأخيرة بعد اقتراح أن "أي شخص ينبض قلبه من أجل السلام" سيكون موضع ترحيب في المظاهرة، بعد أن أعربت جماعات اليمين المتطرف عن رغبتها في الحضور. وأضافت أنه من "المثير للقلق" أن يتم تشويه سمعة أولئك الذين طالبوا بالسلام بوصفهم خونة.
الكاتب: غرفة التحرير