للسنة الحادية عشر على التوالي، وبرعاية "جمعية الدفاع عن الشعب الفلسطيني" في مجلس الشورى الإسلامي، أقيم في طهران الملتقى الدولي تحت عنوان "غزّة رمز المقاومة" في العاصمة الإيرانية طهران، إحياءً لذكرى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة أواخر العام 2008 والذي استمر لغاية الثامن عشر من شهر كانون الثاني / يناير من العام 2009.
حضر في الملتقى مسؤولون إيرانيون وممثلون عن الفصائل الفلسطينية الى جانب شخصيات وخبراء في الشأن الفلسطيني. وقد رفعت ضمن فعالياته صور قائد قوة القدس الشهيد قاسم سليماني الى جانب صور الشهداء القادة الفلسطينيين.
تحدث خلاله مساعد القائد العام لحرس الثورة الإسلامية اللواء علي فدوي قائلاً إن "حرس الثورة ماض في جهوده وبرامجه بهدف تطوير قدراته وصلابته بقوة مستديمة ووتيرة عالية، مضيفاً "هذا الكيان الغاصب المزيف سيزول قريبا، وكذلك من يدعمه، وعلى رأسهم الولايات المتحدة".
بدوره اعتبر الأمين العام لجمعية الدفاع عن الشعب الفلسطيني محمد حسن رحيميان أن "جميع المحاولات الرامية لاستهداف المقاومة والنظام الإسلامي مآلها الفشل، مؤكدا أن مسيرة شهداء المقاومة ستستمر حتى تدمير الكيان الصهيوني".
وفي كلمات ممثلي الفصائل، شدّد ممثل حركة الجهاد الإسلامي في طهران ناصر أبو شريف إن هزيمة اسرائيل في حرب عام 2008 هو أحد مظاهر إساءة وجه الكيان الصهيوني. لقد سبق ذلك خروج الاحتلال من لبنان عام 2000 وخروج قواته من غزة وبناء الجدار الفاصل. وفي عام 2021 كانت الإساءة الأكبر والأكثر وضوحا في قائمة هزائم الصهاينة"، معتبرًا أن المقاومة في الضفة وغزة وباقي دول محور المقاومة وعلى رأسها إيران في وضع جيد وهذه فرصة لمواجهة الكيان الصهيوني".
وتابع "أبو شريف" أن "أميركا لم تعد القوي الأول في العالم فلا يمكنها أن تدعم الاحتلال وتمده بكل أسباب القوة، وأن روح الشعب الصهيوني أيضًا كانت متماسكة إلى حد كبير، لكن اليوم كل شيء تغير بتغير المعادلات لصالح المقاومة، فأميركا تتراجع إلى الخلف ومحور المقاومة في تمدد وتقدم إلى الأمام".
أمّا القيادي في حركة حماس مشير المصري الذي تحدّث في كلمة بثّت عن بُعد، فقد أكد أن "إحياء إيران لهذه الذكرى بشكل سنوي، يؤكد إسنادها الدائم لمقاومتنا الباسلة في مواجهة الكيان الصهيوني الذي يمثل عدوا مشتركا لفلسطين وإيران، وهو أيضا العدو المشترك للأمة الإسلامية ولكل أحرار العالم".
وأوضح أن القضية الفلسطينية اليوم تمر بمنعطفات سياسية حساسة ودقيقة في ظل حالة الانشغال التي تمر بها العديد من الأطراف العربية والإسلامية، وخاصة في ضوء هرولة بعض الأنظمة نحو التطبيع مع العدو الصهيوني وسعيها الحثيث لبحث مكانة لها على حساب عروبة القدس وإسلامية المسجد الأقصى. الا أنه "على الرغم من كل هذا الألم وتلك المعاناة، فإننا نعيش محطة نستشرف فيها مستقبلا زاهرا لقضيتنا العادلة يزول فيه الاحتلال الصهيوني"، لافتًا إلى أن "قضية القدس ستبقى محور الصراع وصاعق التفجير وقنبلة الثورات".
كما أشار ممثل حركة حماس في إيران خالد القدومي الى أن "النموذج الذي صاغته غزة في الابتكار والابداع في مواجهة العدو الصهيوني وفي ارسال رسائلها للعالم تحت الحصار كل هذا جعل من غزة مشروعا بل نموذجا للصمود والمقاومة".
العدوان على غزّة 2008 – 2009
في السابع والعشرين من شهر كانون الاوّل / ديسمبر عام 2008، استهدف كيان الاحتلال الأجهزة الأمنية الفلسطينية في قطاع غزّة ضمن عدوان أطلقت عليه اسم "الرصاص المصبوب" ما أدى الى سقوط عدد من الشهداء. وخرق بذلك "هدنة" برعاية مصرية كان من المقرر أن تستمر 6 أشهر مع "تعهّد" برفع الحصار عن القطاع. فيما ردّت المقاومة الفلسطينية بمعركة حملت اسم "الفرقان"، وافتتحتها الأجنحة العسكرية للفصائل بإطلاق عشرات الصواريخ نحو الأراضي الفلسطينية المحتلّة.
أراد الاحتلال من خلال هذا العدوان، توجيه ضربة لحكومة حماس في غزّة والقضاء عليها كما تدمير البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية والوصول الى مكان الجندي الأسير جلعاد شاليط. لكنّ المقاومة خلال 23 يوماً، أحبطت مخططات الاحتلال، عبر الاستمرار في إطلاق الصواريخ التي بلغ عددها حوالي الـ 900 صاروخ وقذيفة، وتركزت في غلاف غزّة، ووصلت لأول مرّة آنذاك على "بئر السبع" و"أسدود".
وقد شمل عدوان الاحتلال الجو والبحر الى جانب البر، اذ توغّل جيش الاحتلال داخل قطاع غزّة لكنّ المقاومة تصدّت لهذا الاجتياح واستهدفت آليات الاحتلال بشتى الطرق ونفّذت عمليات القنص ضد الجنود ونصب لهم الكمائن. فاستشهد على إثر غارات الاحتلال التي استمرت 22 يوماً 1417 فلسطينياً من بينهم 926 مدنياً و412 طفلاً و111 امرأة، وأصيب 4336 آخرين. فيما اعترف الاحتلال بمقتل 10 جنود و3 مستوطنين وإصابة 400 آخرين، لكنّ "كتائب القسّام" قالت إن 49 جندياً قتل خلال المعركة.
اتهمت تقارير صحفية ومنظمات حقوقية كيان الاحتلال باستخدام الأسلحة المحرّمة دولياً خلال عدوانه، ومنها الأسلحة الفوسفورية التي تصيب الأجساد بحروق بالغة الى جانب استخدام مادة اليورانيوم المحرمة دوليًا.
الكاتب: غرفة التحرير