ذكرت بعض الوسائل الإعلامية الأجنبية مؤخراً، كصحيفة "لوفيغارو - Le Figaro" الفرنسية، عن نية الإدارة الامريكية بفرض عقوبات حاسمة على 15 بنكا عراقيا، لوقف ما زعمت بأنه "تدفق الأموال لحرس الثورة الإسلامية"، للتضييق على إيران. متهمةً بأن أغلب هذه المؤسسات تابعة لأحزاب سياسية تدعمها شخصيات معروفة، ومشيرة إلى أن هذه البنوك تُهرب أكثر من 100 مليون دولار أسبوعيا إلى 4 دول مجاورة للعراق، أبرزها إيران إلى جانب كل من سوريا والأردن وتركيا.
تأتي هذه الاتهامات، بالرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنوات، تفرض تدقيقاً على كل معاملات البنك المركزي العراقي. حتى أنها في الفترة الأخيرة، تسببت بانخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار، عندما شدّدت واشنطن من إجراءاتها، لمنع ما تزعم أنه تحويل الدولارات من العراق إلى إيران. وهذا ما كشفه حاكم البنك المركزي العراقي حينما قال:" بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في تطبيق إجراءات تدقيق على المعاملات الخارجية، مما أخر عملية الإفراج عن الأموال من الولايات المتحدة لتغطية الواردات والاحتياجات الأخرى".
وتعتبر الوسائل الإعلامية التابعة للسعودية، من أكثر الجهات المسؤولة عن الترويج لهذه المزاعم الأمريكية، بحيث تقوم بربطها فوراً، بتمويل قوة القدس لحركات تابعة لها في سوريا ولبنان.
محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب مخيف يدحض هذه الأكاذيب
لكن محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب مخيف، قام في إحدى مقابلاته الإعلامية، بدحض هذه الأكاذيب، عندما استعرض ما يقوم به البنك المركزي من تطبيق والتزام بتوصيات مجموعة العمل المالي الدولية "فاتف -"FATF، التي توصف بأنها متخصصة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (أي بطبيعة الحال حركات ودول محور المقاومة). مضيفاً بأن البنك يخضع للتقييم والمتابعة من قبل هذه المنظمة أيضاً، التي تصدر بشكل دوري تقارير تحدّد فيها درجة امتثال الدول. مبيناً بأن وضع العراق فيما يخص درجة الامتثال أفضل من معظم دول الجوار، لا سيما بعد خروجه خلال عام 2018 من القائمة الرمادية (مرحلة المتابعة المعززة)، إلى حالة المتابعة العادية (وضع التحديث كل عامين). كما تم رفع اسم العراق عن قوائم الاتحاد الأوروبي، نتيجة للإجراءات التي تم اتخاذها أيضاً.
أما الإجراءات التي يقوم بها البنك المركزي:
_ إصدار ضوابط رقابية للمؤسسات كافة تسهل عملية تطبيق القانون.
_منح مديري الأقسام الرقابية الاستقلالية الكاملة لغرض تطبيق القانون بالشكل الأمثل.
_إلزام كافة المصارف باعتماد أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
_ إصدار استمارة فتح الحساب ومعرفة الزبون وفق أفضل الممارسات العالمية الرائدة في هذا المجال.
_إلزام كافة المصارف بمشاركة جميع موظفيها بدورات تدريبية متخصصة في مجال الامتثال ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
_ استحداث شعب للامتثال في كافة فروع البنك المركزي العراقي لتسهيل عملية الرقابة والإشراف.
_ قياس مدى امتثال المصارف لقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والضوابط واللوائح والتعليمات الصادرة بموجبه وفق خطة سنوية مصادق عليها من قبل الإدارة العليا في البنك المركزي.
حصار أمريكي للابتزاز
أمام هذه المعطيات، فلا يمكن تفسير هذه المزاعم الإعلامية، إلا بقرار شن حرب نفسية أولاً قد يتبعها خطوات تنفيذية، من أجل ابتزاز العراق وحكومته، في ظل ارتفاع الواردات النفطية غير المسبوقة بتاريخ البلاد. والابتزاز لا يقتصر بالتأكيد على موضوع علاقة العراق بالجمهورية الإسلامية، بل يمكن أيضاً أن يشمل حساسية واشنطن من علاقته بالصين، وما حصل مؤخراً على هذا الصعيد، من لقاء قمة بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني في العاصمة السعودية "الرياض".
فإلى متى ستبقى دول المنطقة وشعوبها رهينة القرارات والتوجهات الأمريكية؟!
الكاتب: غرفة التحرير