أثبتت فعاليات مونديال 2022 في قطر أن للشعوب العربية موقفاً واضحاً ضد كيان الاحتلال، فقد رفض المشجعون العرب الحديث الى مراسلي القنوات العبرية الذين شعروا بعدم "الأمان" في الدوحة وبأنهم غير مرحّب بهم، كذلك حضر الدعم العربي لفلسطين ورفعت أعلامها في مختلف الفعاليات. ممّا يعني أن توقيع اتفاقيات التطبيع مع الأنظمة العربية واستراتيجيات الاحتلال المعتمدة لكي الوعي العربي لم تؤتِ أُكلها.
وفي هذا السياق، رأى المتحدث السابق باسم وزارة القضاء موشيه كوهين أن الدعاية الإسرائيلية فشلت في تسويق صورة الاحتلال وروايته، وقال في مقالة له بصحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية إن الموقف العدائي تجاه الصحفيين الإسرائيليين يثبت أن وسائل الإعلام والجمهور الإسرائيلي يجهلون الحالة المزاجية في البلدان العربية.
المقال المترجم:
الموقف العدائي تجاه الصحفيين الإسرائيليين الذين يغطون مباريات كأس العالم في قطر يثبت لنا أن وسائل الإعلام في إسرائيل مشغولة بالقضايا المحلية فقط والجمهور الإسرائيلي أسير وهم الحياة الطبيعية. يكاد يكون جاهلاً بالأخبار والأحداث والتصورات والحالات المزاجية في البلدان المجاورة، ويتفاقم هذا بسبب الاختلافات اللغوية والثقافية واللامبالاة وقلة الاهتمام بشكل عام.
أما على مستوى الدولة والحكومة فإن المسؤولين عن تسويق صورة إسرائيل يواجهون تحديات كبيرة، ويدفعون ثمناً باهظاً، لأنهم خسروا معركة المناصرة الوطنية، والحرب على الوعي، وشرعية وجودنا، وهي أحجار الزاوية في الأمن القومي الإسرائيلي.
نحن أمام مسألة إستراتيجية ليس فقط في أوقات الحرب، ولكن أيضًا في الحياة اليومية، لكن الحكومات الإسرائيلية المختلفة أهملتها منذ سنوات عبر المتحدثين الرسميين والهيئات الإعلامية، وفشلت مرارًا وتكرارًا في تسويق الرواية الصهيونية للفضاء الشعبي من حولنا، والأسباب كثيرة ومتنوعة أهمها قلة الميزانيات، والسلطات اللامركزية، وضعف التنسيق، والاهتمام بالداخل فقط لاعتبارات حزبية، وبشكل عام عدم وجود إدارة فعالة على المستوى الإستراتيجي.
صحيح أنه في أوقات الأزمات والعمليات العسكرية، يعرف المتحدثون باسم الوزارات والجيش وقوات الأمن أن يتعاونوا لإيجاد حلول دعائية محددة، لكن بمجرد أن تنتهي الحرب تتجاهل ذات الجهات المواجهة الدعائية التي تعقب الحرب، رغم امتلاك الدولة لإمكانات بشرية كبيرة، ولديها وفرة كبيرة من المتحدثين باللغات الأجنبية، خاصة العربية والفارسية.
لا يوجد إدارة سليمة للدعاية التي تمكّن من غسل استوديوهات محطات البث الأجنبية واستخدام الشبكات الاجتماعية للوصول إلى الجيران مباشرةً بلغتهم. بما في ذلك الاحتضان الدافئ للمراسلين الأجانب، وتفعيل المتحدث باسم الجيش في غير السياقات العسكرية، وعدم مخاطبة الجمهور العربي حولنا من خلال ضباط يرتدون الزي العسكري، مما يستدعي تعيين وزير إعلام متفرغ، وهذه حقيبة رفيعة المستوى ومؤثرة".
خلل آخر أصاب الدعاية الإسرائيلية، اذ تم أن تعيين مستشار الاتصالات لرئيس الوزراء كرئيس لمقر المعلومات الوطني أيضاً، بدلاً من تكريس هذه المهمة الثقيلة لمهني غير محدد سياسيًا، والذي يتعامل مع نظرة شاملة لاحتياجات الدولة، وليس التركيز على المصالح الشخصية أو السياسية.
هل سيكون المكتب الإعلامي هو الحل السحري لجميع مشاكلنا الإعلامية؟ بالطبع لا. في الوقت نفسه، من واجبنا أن نبذل قصارى جهدنا لتحسين وضعنا، والاعتناء بصورتنا وشرعية وجودنا، والتأثير على الوعي الشعبي من حولنا بكل طريقة ممكنة.
المصدر: يديعوت أحرنوت
الكاتب: موشيه كوهين