تزداد هشاشة الداخل المحتل أكثر فأكثر مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية. وتستمر المؤسسة الأمنية في كيان الاحتلال التعبير عن قلقها حيال العمليات الفدائية المتزايدة التي يقوم بها الفلسطينيون وأخيراً مجموعة "عرين الأسود" التي بدأت تشكّل مصدر قلق فعلي لإسرائيل. وتقول صحيفة يديعوت احرنوت في هذا الصدد، ان "كل خطوة كهذه كفيلة بإحداث فرق بين تصعيد واسع والهدوء، وهذا نسبي أيضاً".
النص المترجم:
لم يتوقف التدهور الأمني في مناطق "يهودا والسامرة" أو الضفة الغربية في نهاية الأسبوع: مظاهرات، محاولات عمليات، احتكاكات بين المستوطنين والفلسطينيين على خلفية قطف الزيتون. وفي ظل هذه الجلبة، ثمة تطورات إيجابية ما زالت تسجل – ربما تؤدي إلى استقرار الوضع في سياق الطريق.
السلطة الفلسطينية عادت للعمل. قد لا يكون هذا بالوتيرة أو الحجوم التي كانت إسرائيل تراها. لكن الجانب الإسرائيلي يعرب أيضاً عن رضى جزئي من نشاط أجهزة الأمن الفلسطينية. فالأجهزة تعتقل مشبوهين بأعمال إرهاب، بما في ذلك منطقة نابلس بل وحتى جنين (لكن ليس في مخيم اللاجئين في المدينة). وتتجرأ السلطة حتى على العمل في نابلس ضد المجموعة المسماة "عرين الأسود".
صحيح أن الحديث لا يدور بعد عن اعتقال كبار مسؤولي هذا التنظيم، لكن مثل هذا العمل فيه قول للجمهور في نابلس أيضاً. أحد العناصر المفاجئة نسبياً في نشاط أجهزة السلطة هو العودة إلى "اتفاق المطلوبين"، أي أن الأجهزة تقترح على المطلوبين مسار "عفو"، يسلمون في إطاره أسلحتهم التي في حيازتهم، يكونون تحت رقابة السلطة (في شروط حبس في البداية) ويتلقون عفواً من الجانب الإسرائيلي في سياق الطريق، إذا ما امتنعوا بالطبع عن أعمال الإرهاب.
بعد عمليتي إطلاق نار فتاكتين على حاجز شعفاط وقرب "شافي شمرون"، واللتين انتهتا بقتل جنديين من الجيش الإسرائيلي، نوعا لازار وعيدو باروخ، وفرار المخربين المنفذين، اصطدمت محاولة عملية مساء الجمعة قرب بيت إيل بكمين أعده مقاتلو لواء المظليين وانتهى بنتائج أخرى. قتل أحد المخربين، وهو قيس شجاعية، ابن 23، الذي ينتمي لحماس، بينما اعتقل شريكه في العملية. التوجيهات والتعليمات للقوات هي السعي إلى الاشتباك في حالة محاولة عملية والامتناع عن وضع ينجح فيه المخربون المنفذون في الفرار وينالون مكانة الأبطال. واحد من أولئك "الأبطال"، وهو عدي التميمي، الذي نفذ العملية على حاجز شعفاط، أصبح نموذجاً وقدوة. نشر مقطع فيديو عبر الشبكات الاجتماعية يوثق بضعة شبان من مخيم اللاجئين يحلقون رؤوسهم بشكل يشبه حلاقة المخرب، ربما كي يصعبوا على قوات الأمن الإسرائيلية الإمساك به.
يمتنع الجمهور الفلسطيني الغفير عن الانضمام إلى العنف. رغم عدد العمليات المتزايد والارتفاع في عدد المسلحين في المناطق المختلفة، لا توجد انتفاضة هنا. وحتى في مخيم اللاجئين شعفاط حيث وقعت المواجهات الأوسع في الأسابيع الأخيرة، ثمة هدوء ما في الخواطر يُسجل. قد يحظى "عرين الأسود" بدعم واسع عبر الشبكات مثل "التيك توك" (التي أغلقت حسابه في نهاية الأسبوع) وحتى مسلحين جدد ينضمون إلى التنظيم. لا يوجد الآلاف في الشوارع ولا عشرات الآلاف أيضاً، بل بضع مئات أحياناً.
ومع ذلك، لا يمكن أن نتجاهل المؤشرات السلبية التي من شأنها أن تؤدي إلى تدهور سريع في الوضع داخل الضفة حيال إسرائيل. أولاً، العمليات تتحرك جنوباً الآن. تعدّ محاولة العملية في بيت إيل استثناء في هذه اللحظة، لكن لا يمكن الحديث عن قطيعة مطلقة لمناطق نابلس وجنين عن باقي مناطق الضفة. لم يعد مفترق تفوح حدوداً لا ترى أو معبراً لا يمكن للمسلحين أن يجتازوه، ومحاولات العمليات كانت وستكون جنوب نابلس أيضاً.
ثانياً، وهذه نقطة قد تكون الأكثر إشكالية من حيث إمكانية الاشتعال والعنف المتزايد من جانب اليهود ضد الفلسطينيين. يدور الحديث عن حملات ثأر على أنواعها، خصوصاً في المنطقة التي بين حوارة جنوب نابلس والقرى شمال رام الله. الارتفاع في حالات العنف سجل أيضاً على خلفية قطف الزيتون وتعرض المزارعين الفلسطينيين للعنف من جانب اليهود. فقد سجلت حادثة في عين جونيا في مستوطنة تلمون غربي رام الله، وفي قرية قصرة أحرقت مزارع دجاج فنفق نحو 300 دجاجة، ورشقت سيارات فلسطينية بالحجارة، وأصبحت منطقة حوارة ساحة تنكيل شبه يومية من جانب المستوطنين ضد المارة الفلسطينيين. حادثة سحب ايتمار بن غفير المسدس في الشيخ جراح وإن كانت انتهت بلا إصابات، لكن توثيقه الذي ينشر منذئذ من شأنه أن يشعل الخواطر.
إلى أين يؤدي كل هذا؟ في نهاية الأمر، نجاح واحد لقوات الأمن الإسرائيلية في إحباط عملية أو فشل، يمكنهما أن يقررا الاتجاه العام للأحداث في الفترة القريبة القادمة في الضفة. هكذا أيضاً عنف اليهود ضد الفلسطينيين. كل خطوة كهذه كفيلة بإحداث فرق بين تصعيد واسع والهدوء، وهذا نسبي أيضاً.
المصدر: يديعوت احرنوت
الكاتب: آفي يسسخروف