لليوم الخامس على التوالي، تواصل "هيئة تحرير الشام" الإرهابية (الاسم الحالي لجبهة النصرة المنشقة عن تنظيم القاعدة)، هجومها على فصائل ما يعرف بالجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، بالتحالف مع "فرقة الحمزة" و"فرقة السلطان سليمان شاه"، بهدف تغيير خارطة النفوذ في منطقة شمالي حلب، عبر السيطرة على مدينة عفرين الاستراتيجية وعدد من القرى المحيطة بها، والتي تقع ضمن منطقة العمليات التركية المعروفة باسم "غصن الزيتون"، ما دفع البعض الى تشبيهه بـ "صراع العروش".
هذا وقد استطاع هذا التحالف من دخول الى المدينة، عبر أرتال عسكرية مدججة بالأسلحة المتوسطة والرشاشات، من دون حصول مواجهة مع أي طرف، وتمكن من تطويقها عبر كل الجهات وفرض سيطرته على المدينة بشكل كامل. بينما انسحبت "الجبهة الشامية"، التي تضم فصائل "الفيلق الثالث" و"جيش الإسلام" باتجاه مدينة أعزاز شمال مدينة عفرين، بعد خسارتهم مناطق جنديرس والمعبلطي والترندة وقرزيحل وكفرشيل ومناطق أخرى، وسط جو يسوده الترقب والحذر، ما دفع ببعض المجموعات الإرهابية الى إعلان حيادهم وعدم المشاركة القتالية لصالح أي طرف.
الصمت التركي ودلالاته
لكن اللافت خلال هذه العملية، هو صمت الدولة التركية من الاقتتال الجاري ما بين الجماعات التابعة لها، حتى أن بعض المراقبين يتوقعون بأن هذا الصمت يشير إلى قبول من أنقرة بما يحصل، خاصةً وأن ذلك قد يشكل رسالة من الدولة التركية تحمل بين طياتها تهديداً يضع ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية – قسد وحلفاءها أمام خيار واحد من اثنين: إما عملية عسكرية تركية، وإما عملية عسكرية من هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني، الذي بات معروفاً بأنه أكثر أداة وظيفية تخدم الدول عامة، وليس تركيا وحدها.
فيما رأى البعض أن دخول الهيئة إلى هذه المناطق وانخراطها في المواجهات الدائرة هناك، يشكّل إنهاءً لمشروع الفيلق الثالث وجيش الإسلام، في طموح من الجولاني إلى ابتلاع هيئته للفصائل الأخرى والسيطرة على القرار لوحده في مناطق العمليات التركية (درع الفرات، وغصن الزيتون، ونبع السلام). في تكرار لتجربة سابقة مشابهة حصلت خلال السنوات الماضية، عندما حاربوا المجموعات والفصائل التابعة لما يسمى بـ"الجيش الحر" في إدلب وأرياف حماة وحلب.
وتتوقع بعض قيادات ما يعرف بـ"الجيش الوطني السوري" التابع لتركيا، أن يفرض الجولاني حكومة الإنقاذ التابعة له، لكي تتولى الجانب الإداري والخدمي والأمني في هذه المناطق. وهذا ما تبينه بوضوح مطالبه بالأمس الخميس، خلال المساعي التي حصلت لوقف القتال، حينما اشترط الجولاني البنود التالية:
_استعادة فرقة الحمزة "الحمزات" مقارها بالكامل في مدينة الباب، والتي سيطر عليها الفيلق الثالث، وتسليم أشخاص مطلوبين من جيش الإسلام إلى الهيئة، وحلّ جيش الإسلام أو انتقاله لمنطقة نبع السلام في ريفي الرقة والحسكة.
_حصول الهيئة على صلاحية أمنية واقتصادية كاملة في عفرين مع بقاء الفصائل.
_ إلغاء معبر الترندة بين عفرين وحلب وإلغاء الترسيم فيه، وحصول الهيئة على نسبة من ترسيم معبر الحمام مع تركيا.
_الحفاظ على مصالح الهيئة الاقتصادية والأمنية شمال حلب، وعدم التعرض لها.
الكاتب: غرفة التحرير