تنخرط وسائل الاعلام الإسرائيلية في الجدل الدائر داخل كيان الاحتلال حول العواقب المترتبة على توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، والجدوى والتوقيع من عدمه. وبينما يرى القسم الأكبر منها ان التوقيع هو تنازل لحزب الله ويمس "بسيادة إسرائيل"، يعتبر البعض الأخر، ان التوقيع أفضل من الذهاب نحو التصعيد. وتقول صحيفة هآرتس في هذا الصدد انه "إذا لم يتم التوقيع على الاتفاق، فإن الجيش الإسرائيلي يعتقد أنه محظور تأجيل البدء في استخراج الغاز من حقل كاريش هذا بذريعة أن الأمر سيعتبر تنازلاً إزاء تهديدات حزب الله، وسيضر بقدرة الردع أمام هذه المنظمة. في هذه الحالة، ربما يختار حزب الله الرد بعمليات عسكرية مثلما في المرات التي أطلق فيها طائرات بدون طيار"...
النص المترجم:
توجيهات وزير الدفاع، بني غانتس، للجيش الإسرائيلي بالاستعداد لسيناريوهات تصعيد في الشمال "في حالة هجوم ودفاع"، لا تعكس أي تنبؤ استخباري بحرب مع حزب الله على خلفية الأزمة في المفاوضات على الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان. يقدر الجيش بأن هناك احتمالية "متوسطة حتى عالية" للتوقيع على الاتفاق حتى نهاية الشهر. في هامش جلسة الكبينت الخميس في التاريخ المشحون من ناحية تاريخية، 6 تشرين الأول، سمع تقدير بشأن احتمالية منخفضة لنشوب حرب.
لا يرى جهاز الأمن أي أخطار أمنية في الاتفاق نفسه، وهم يعتقدون أن ترسيم الحدود البحرية الجديدة، 5 كم باتجاه الغرب حسب الخط 1 (خط الطوافات)، وبعد ذلك النزول جنوباً وغرباً في خط 23، لا يعرض المصالح الأمنية لإسرائيل للخطر. يقوم سلاح البحرية بدوريات حسب الحاجة في خط عرض 1، وفي حالة وجود حاجة أمنية ملحة يتم إرسال قطع بحرية أيضاً إلى الشمال من هناك. الاتفاق لا يضر بحرّية النشاط البحري للجيش الإسرائيلي في المنطقة. ممثلو الجيش الذين شاركوا في النقاشات يوم الخميس، قالوا بأن الاتفاق -حسب رأي الجيش- "جيد جداً من ناحية أمنية".
قيل في جلسة الكبينت إنه ليس في الاتفاق الجديد أي تجاوز كبير للاقتراحات التي ناقشتها إسرائيل في فترة الحكومة السابقة. وحسب الاتفاق، فإن الشركة الفرنسية "توتال" صاحبة الامتياز في الحقل اللبناني "قانا" ستعوض إسرائيل بـ 17 %من مداخيل الغاز من الحقل. لم تبدأ بعد مرحلة الحفر في قانا، ومن غير الواضح كم من الغاز سيكون موجوداً فيه في العملية التي يتوقع أن تستمر لبضع سنوات. على أي حال، فقدان المداخيل المتوقعة لإسرائيل لا تعتبر عالية، وجهاز الأمن يقدّرها بالفائدة المتوقعة حسب رأيه وباحتمالية عالية، التي تتمثل باستقرار الوضع الأمني أمام لبنان. الضرر الاقتصادي لإسرائيل نتيجة حرب مستقبلية مع حزب الله حتى لو استمرت بضعة أيام، قد يكون كبيراً بدرجة لا تقدر، ولا نريد التحدث عن الخسائر المتوقعة في الأرواح.
الإدارة الأمريكية تستخدم مؤخراً ضغطاً شديداً على حكومة لبنان للتوقيع على الاتفاق. يوم الخميس، نقلت بيروت للولايات المتحدة عدة تحفظات على الاتفاق المقترح. ولكن لدى واشنطن انطباع بأن الفجوات بين الطرفين غير كبيرة ويمكن جسرها. تشارك فرنسا أيضاً في جهود الوساطة في محاولة للتوصل إلى توقيع سريع. مع ذلك، نشأت مشكلة أيضاً في الجانب الإسرائيلي على خلفية الخلاف السياسي، والتحفظات داخل الحكومة واحتمالية أن تتدخل المحكمة العليا عقب الالتماسات التي قدمت، وسيكون مطلوباً القيام بإجراءات أخرى مثل التصويت على المصادقة على الاتفاق في الكنيست.
ينتهي الجدول الزمني للتوقيع على الاتفاق في القريب في نهاية الشهر على خلفية انتهاء فترة ولاية الرئيس اللبناني ميشيل عون والانتخابات في إسرائيل في 1 تشرين الثاني. وإذا لم يتم التوقيع على الاتفاق، فإن الجيش الإسرائيلي يعتقد أنه محظور تأجيل البدء في استخراج الغاز من حقل كاريش (الذي يبقيه الاتفاق كله في الجانب الإسرائيلي)، هذا بذريعة أن الأمر سيعتبر تنازلاً إزاء تهديدات حزب الله، وسيضر بقدرة الردع أمام هذه المنظمة. في هذه الحالة، ربما يختار حزب الله الرد بعمليات عسكرية مثلما في المرات التي أطلق فيها طائرات بدون طيار، أربع طائرات، في بداية تموز. الجيش الإسرائيلي أسقط جميع الطائرات المسيرة.
تشعر إسرائيل بأن حسن نصر الله لم يقرر بعد كيف سيتصرف في حالة بدأت الحفريات في كاريش قبل التوقيع على الاتفاق. يقدر الجيش بأن لا شهية لنصر الله في الحرب الآن، وأنه يدرك الوضع الاقتصادي والسياسي الصعب في لبنان. مع ذلك، يدرك الجيش حقيقة أن جزءاً كبيراً من الحروب والعمليات في العقدين الأخيرين -حرب لبنان الثانية والعمليات الإسرائيلية في قطاع غزة- لم يندلع حسب خطة مسبقة، بل عقب تصعيد ما تم فقدان السيطرة عليه. على هذه الخلفية، تم في الأشهر الأخيرة تعزيز الدفاع على الحدود الشمالية وحول مواقع الغاز في البحر المتوسط واستكملت الخطط العملياتية لهجوم إسرائيلي مضاد في لبنان رداً على عملية محتملة لـ"حزب الله".
المصدر: هآرتس
الكاتب: عاموس هرئيل