يراقب كيان الاحتلال صعود جيل فلسطيني جديد، هو من أشعل عام 2015 "انتفاضة السكاكين" وخلالها كثّف الشباب من عمليات الطعن والدهس التي استهدفت الجنود والمستوطنين، الجيل الذي لم تثنيه سياسات الاحتلال الممنهجة عن التمسّك بقضيّته. ينهض هذا الجيل اليوم بالمقاومة المتواصلة والمتصاعدة والتي تطوّر من أدائها في القدس والضفة الغربية.
في المقابل، يبحث الاحتلال عن طرق وأساليب ناعمة لفك ارتباط الأجيال بالهوية الفلسطينية، فيركّز على استهداف المنهاج الفلسطيني في إطار أسرلته عبر التحريف وتزوير التاريخ وشطب كلّ ما يربط الأطفال بالقضايا الفلسطينية.
يضغط الاحتلال على المدارس الخاصة في القدس المحتلّة لدفعها نحو القبول بتدريس منهاج محرّف عُدّل عليه بدلاً عن المنهاج الفلسطيني الأصلي. وينصّ المنهج الجديد على:
_ حذف أي محتوى ذي طابع وطني سياسي متعلّق بالقضية الفلسطينية ويعتبر تحريضاً
_ يستبدل المحتوى المحذوف بآخر يخدم الاجندة الإسرائيلية والترويج لـ "إسرائيل" و"الدولة اليهودية".
على سبيل المثال:
_حذف وحدة تدريسية كاملة حول جغرافية فلسطين.
_ إلغاء العلم الفلسطيني وحذف الرموز الوطنية.
_ استخدام عبارة "جبل الهيكل" بديلاً عن المسجد الأقصى.
_ التأكيد والاحتفال بما يسمى "عيد الاستقلال" اليهودي بديلا لفعاليات إحياء النكبة الفلسطينية.
_ حذف الفقرات التي تتحدّث عن اتفاق "سايكس – بيكو"، و"وعد بلفور" واتفاقية "سان ريمو".
_ اعتبار "إسرائيل" إحدى "دول" بلاد الشام الى جانب سوريا ولبنان والأردن، ووضع "العلم الإسرائيلي".
_ حذف القصائد عن الأسرى ومدن الداخل المحتل والنصوص التي تتعلّق بممارسات الاحتلال وانتهاكاته.
_ نشر عبارات ونصوص عن "التسامح الديني بين اليهود والمسلمين".
_ إلغاء المواضيع التي تتعلّق باللاجئين وحق العودة والتمسك بالأرض.
_ حذف الآيات القرآنية.
وغيرها الكثير من الخطوات.
يضغط الاحتلال على المدارس لتتسلّم الكتب فقط عبر مؤسساته لا من خلال وزارة التربية والتعليم الفلسطينية بهدف التحكّم بمضمون الكتب والمنهاج. وقبل 6 أشهر هدد الاحتلال عدداً من المدارس بسحب الترخيص الدائم إذا رفضت الكتب المعدّلة اسرائيلياً وحرّضت في مناهجها ضد الاحتلال.
يواجه المقدسيون ضغوطات الاحتلال، وقد أضربت بتاريخ 19/9/2022 المدارس البالغ عددها حوالي الـ 150 في القدس المحتلّة، ولم يذهب نحو 100 ألف طالب لم يذهبوا إلى مدارسهم التزامًا بالإضراب الذي يعتبر خطوة أولى.
كذلك نظّم أهالي الطلاب وقفات احتجاجية. وقال رئيس اتحاد أولياء أمور طلاب مدارس القدس زياد شمالي، إن "الموقف الرسمي والشعبي في القدس هو رفض تدريس الطلبة المقدسيين المنهاج الإسرائيلي أو المنهاج المحرف"، وأضاف "رسالة الوقفات الاحتجاجية والإضراب واضحة، إصرار مقدسي على تدريس المنهاج الفلسطيني وهذا حق مكفول بالقوانين الدولية".
يلتحق بالمدارس الخاصة ما بين 45 و48 % من الطلاب القدس وبلغ عددها حسب احصائيات لعام 2020 76 مدرسة، فضلاً عن أنواع مدارس أخرى في القدس: المدارس التابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية، والتابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، والمدارس التابعة لبلدية الاحتلال في القدس.
تاريخ استهداف المنهاج الفلسطيني
بدأ الصراع على المنهاج التعليمي في القدس منذ احتلالها بعد حرب 1967 وحينها حاول الاحتلال فرض منهاجه على المدارس التي انتقلت من الإشراف الأردني إلى إشرافه. قوبلت هذه الخطوة بالرفض الفلسطيني واستمر النضال التعليمي لسنوات الى أن تراجع الاحتلال في العام الدراسي 1974-1975
دخل هذا الصراع جولة جديدة بدايات الألفية الحالية تحت عنوان "الرقابة على المنهاج الفلسطيني". ومنذ العام 2011 تضغط بلدية الاحتلال على مدراء مدارس القدس للقبول بالمنهج الإسرائيلي المحرّف واتبّع الكادر التعليمي آنذاك برنامج الاضراب الذي نجح.
الكاتب: غرفة التحرير