شهدت الأشهر الأولى من العام الحالي سلسلة من العمليات الفدائية النوعية التي استهدفت عمق الجبهة الداخلية للاحتلال ومخترقةً كلّ الإجراءات الأمنية. ومع تصاعد المقاومة في الضفة ولا سيما في جنين ونابلس لا يزال الفلسطينيون يحاولون تنفيذ المزيد من هذه العمليات في مدن تعتبر مهمة واستراتيجية بالنسبة لكيان الاحتلال. وخلال الأسبوع الماضي، قال الاعلام العبري ن شرطة الاحتلال اعتقلت شاباً فلسطينياً من نابلس وصل الى يافا المحتلة وبحوزته سلاح وعبوات ناسفة.
في هذا السياق، يرى الصحفي، عزيزي الكارب، في مقاله في صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية أن الجدار الفاصل الذي بنته "إسرائيل" بين الضفة والدّاخل أثبت فشله ولم يمنع "الاختراقات" منذ العام 2002، ويضيف أن "المفهوم الأمني لإسرائيل" مضحك!
المقال المترجم:
اعتقل الخميس الماضي محمد ميناوي، 19 عاما، من سكان نابلس، بعد وصوله إلى ساحة الساعة في يافا وهو يحمل رشاشا من طراز كارلو وعبوتين ناسفتين مملوءتين بالمسامير. بعد القبض عليه، اعترف ميناوي بأنه جاء إلى تل أبيب لشن هجوم جماعي (عملية). وكيف وصل إلى ساحة الساعة؟ ليست معقدة. لقد استقل سيارة أجرة من طولكرم، ومرّت بسهولة عبر إحدى الثغرات الموجودة في الجدار الفاصل وأنزله في تل أبيب. لا تحتاج إلى خيال متطور للغاية لوصف مدى الرعب الذي يمكن أن يكون عليه الهجوم، والذي تم منعه بفضل يقظة شرطيين من YSM المتمركزين في الميدان بشكل دائم.
في ذلك اليوم، بالصدفة تمامًا، شاهدت "سافوي" - الفيلم الذي يتتبع مصير نجمه ليفي، بطل الهجوم نفسه الذي وقع في فندق "سافوي" حيث يتواجد على مسافة قريبة من ساحة الساعة في يافا. النقطة المهمة هي أن هجوم سافوي (عملية نوعية في "تل ابيب" قادها الشهيد خليل الوزير)، الذي قُتل فيه ثمانية مدنيين (مستوطنين) وثلاثة جنود، وقع في مارس 1975، أي قبل 47 عامًا حيث وصل الإرهابيون (المقاومون) على متن زورق مطاطي انفصل عن سفينته الأم قبالة سواحل لبنان، وسبحوا في البحر لساعات عديدة قبل أن يهبطوا على شاطئ تل أبيب.
بصفتي شخصًا يعيش في تلك المنطقة، أشعر أن لدي الحق في أن أسأل: ما الذي تغير بالضبط في تصور إسرائيل للأمن في نصف القرن الماضي منذ الهجوم على فندق سافوي – إذ بات الوصول إلى تل أبيب أسهل وأكثر أمانًا؟ ما هي بالضبط فوائد رؤساء الوزراء، ووزراء الدفاع، ورؤساء الأركان، ورؤساء الشاباك والموساد، والجنرالات القياديين، والضباط الميدانيين، والعقائد المكتسبة التي تم تغييرها عدة مرات منذ ذلك الحين، إذا كان المحصلة النهائية هي أنه اتضح أن حدود الدولة لا تزال مخترقة ويمكن للإرهابي (للمقاوم) أن يصل في عام 2022، إلى أي نقطة في إسرائيل.
ولمنع هذا الوضع على وجه التحديد، بدأت إسرائيل في عام 2002 ببناء الجدار الفاصل الذي يغطي حاليًا حوالي 720 كيلومترًا. ومنذ ذلك الحين، تم استثمار ما يقرب من 10 مليارات شيكل في السياج، ووفقًا لتقارير مراقبي الدولة، فإن إسرائيل تنفق حوالي 140 مليون دولار سنويا لصيانتها المستمرة. واسأل: ما هي درجة العبقرية الأمنية المطلوبة من الشخص لفهم ثقب أسود واحد في هذا السياج - ناهيك عن عدد الثقوب التي تسمح بالمرور الحر والدائم إلى إسرائيل - تجعله بلا قيمة؟ وليس فقط في آذار (مارس) من هذا العام، قرر مراقبو الدولة، بعد جولة ميدانية، أن السياج "غير ذي صلة" وعُرّف تعامل الدولة معه بأنه "فشل جوهري وأساسي" - ولم يتم فعل شيء.
الهجوم الذي تم منعه، وبغض النظر عن المديح المبرر لضباط الشرطة الذين قبضوا على الإرهابي (المقاوم)، لم أسمع بأي نية للتحقيق في الحادث ومحاولة معرفة من المسؤول الفعلي عن هذا الوضع المشوش. وأسوأ شيء والأكثر إحباطًا هو معرفة ذلك حتى في هذه اللحظة، قد يجلس إرهابي (مقاوم) في سيارة أجرة مرت عبر إحدى الثغرات الموجودة في السياج ويشق طريقه إلى إسرائيل، وكل ما سيمنع الهجوم يعتمد على يقظة ضابط الشرطة.
لذا في المرة القادمة التي يتحدث فيها أحدهم معي عن "المفهوم الأمني لإسرائيل"، أو عن "حربنا الحازمة ضد الإرهاب" - سامحني إذا لم أتمكن من إخماد الضحك. وإذا لم يكن الأمر محزنًا، فسأضحك حقًا.
المصدر: اسرائيل اليوم
الكاتب: عزيزي الكارب