"لا تتركوا البارودة"، كانت الوصية الأخيرة للشهيد إبراهيم النابلسي قبل ساعات قليلة من استشهاده بعد اشتباكات دامت أكثر من 3 ساعات بينه وبين قوات الاحتلال الخاصة التي حاصرت منزلاً تواجد فيه في نابلس. ومن يوم التاسع من شهر أب / أغسطس (تاريخ شهادة النابلسي) ونابلس بكتيبتها في اشتباك وتصدٍ لاقتحامات الاحتلال.
وفجر اليوم اقتحمت وحدات اليمام من جيش الاحتلال بلدة "روجيب" في نابلس وحاصرت منزلاً يتواجد فيه مجاهدين هما نبيل الصوالحي ونهاد عويص من مخيم بلاطة. ولساعات – كما كلّ شباب الجيل الجديد في الضفة – اشتبكا مع قوات الاحتلال التي اضطرت الى إطلاق صواريخ مضاد الدروع تجاه المنزل واستقدام جرافة مهددّة بجرفه بالإضافة الى نشر جنود القناصة فوق المنازل المجاورة للمنزل المحاصر. وعلى الرغم من ذلك تابع الشابين الاشتباك، فلجأ الاحتلال الى أساليب الضغط والدروع البشرية اذ أجبر والد الصوالحي بعد أن اعتدت عليه القوات بالضرب رغم كبر سنّه ومشاكله الصحية الى الطلب من ابنه بتسليم نفسه. وقد اعتقل الاحتلال الصوالحي وعويض.
وفي ساعات متأخرة من ليل أمس كشفت كتيبة نابلس عن محاولة اقتحام قوات خاصة من الاحتلال المدينة لكنها انسحبت فور كشفها، ما يؤكد على جهوزيّة المجاهدين الدائمة. كذلك تصدّت الكتيبة لاقتحام عدد من المستوطنين لـ "قبر يوسف" وأوقعت الإصابات في صفوفهم وأحرقت سيارتهم.
وقد أصدرت سرايا القدس بياناً شدّدت فيه على "ثباتنا واستمرار مقاومتنا لهذا المحتل ولن ندعه يرتاح على أرضنا". واعتبر الناطق باسم الجهاد الإسلامي عن الضفة الغربية طارق عز الدين أن ما حدث اليوم يأتي في إطار "الإرهاب الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني متواصل...والمتصاعد يوماً بعد يوم".
أمّا حركة حماس فقد شدّدت على أن هذا التصدي يحمل "رسالة واضحة يجب أن يدركها العدو جيّدًا، وهي أنّ مقاومة شعبنا ماضية ومتصاعدة حتّى انتزاع الحقوق كاملة وتحقيق التحرير الشامل" مثمّنةً على جهود "أبطال نابلس رغم قلّة الإمكانات".
شهد شهر آب / أغسطس الحالي العديد من عمليات الاشتباك والتصدي في نابس ففي يوم 28 تمكن المجاهدون من استهداف قوات الاحتلال بصليات كثيفة من الرصاص في محيط شارع الاتحاد. وفي يوم 26 "أمطرت مجموعات كتيبة نابلس التابعة لسرايا القدس القوات الخاصة بوابل من الرصاص بشكل مباشر، حيث استمرت الاشتباكات حتى انسحاب القوات الصهيونية من المكان" (وفق بيان الكتيبة). أما في 18 فقد اشتبك المجاهدون مع قوات الاحتلال ومجموعات من المستوطنين في عدّة محاور محققين الإصابات المباشرة كما استهدفوا أليات جيش الاحتلال، وكذلك حدث قبل يوم في 17 من الشهر تصدى المجاهدون لاقتحام المستوطنين لـ "قبر يوسف" بالنيران الكثيفة.
انطلقت كتيبة نابلس في 24 من شهر أيار / مايو 2022 بعد تنفيذها لكمين أوقع المستوطنين في "قبر يوسف" وخلال أسبوع واحد أثبتت الكتيبة قدرتها على استنزاف الاحتلال بفعل عملياتها المستمرة. واليوم باتت تشكّل مع الكتائب الأخرى طوقاً يحاصر الاحتلال خاصة في مدن شمال الضفة الغربية (جنين، طولكرم، طوباس).
هذه هي المعادلة الجديدة التي أرادت حركة الجهاد الإسلامي والفصائل الفلسطينية تكريسها في الضفة وخاصة بعد معركة "وحدة الساحات" وهي تقويض نشاطات جيش الاحتلال في تلك المناطق، وفي هذا السياق قال المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي تعليقاً على الأحداث الأخيرة إن "العمليات البطولية أصبحت تشكل رادعاً ورعباً داخل المؤسسات الأمنية الصهيونية".
واعترفت "القناة 12" العبرية أن "الاعتقالات بالضفة الغربية باتت مشكلة بالنسبة للجيش، وأصبحت معقدة وتشمل إطلاق نار وصواريخ بعدما كانت تنتهي بدقائق". فيما قال مراسل قناة "كان" العبرية، نوريت يوحنان، إن "ما يحدث في الضفة ونابلس أحداث لم نشهدها منذ عشرين عاماً، وهذه علامة أخرى على أن الوضع يزداد سوءً".
الكاتب: مروة ناصر