كشفت "القناة 12" العبرية أنه "سيتم تأجيل استخراج الغاز من منصة "كاريش" حتى تشرين الأول/ أكتوبر القادم، علما بأنه كان من المقرر البدء بذلك مع بداية أيلول/ سبتمبر المقبل"، يُسجّل هذا التراجع لكيان الاحتلال تحت وقع تهديدات المقاومة في لبنان، وهو "نصر معنوي" وفق ما كان قد أوضح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حين لفت أن الولايات المتحدة والكيان قد "يقولون دعونا نجمّد استخراج النفط والغاز من كاريش وخلص لا مشكلة، هنا يكون لبنان قام بنصر معنوي أنه نعم نحن منعنا استخراج النفط والغاز من كاريش".
على أن يعود رئيس الموفد الأمريكي المفاوض عاموس هوكشتاين الى بيروت في الأيام القليلة المقبلة لاستكمال المفاوضات، وقد تابعت القناة العبرية حديثها عن مضمون الطرح الذي سيحمله هوكشتاين الى المسؤولين اللبنانيين اذ "ستتم إعادة تعيين الحدود البحرية، وإقامة منصتي غاز: واحدة في لبنان وأخرى في إسرائيل. ومع ذلك فإن قسما من منصة الغاز اللبنانية سيتواجد في المنطقة البحرية التي تسيطر عليها إسرائيل، وبناء على ذلك سيتم تعويض إسرائيل ماليا، إقامة المنصتين ستكون على مسافة 5 كيلومترات من بعضهما البعض، بحيث يتحقق "توازن الرعب" الذي سيمنع أطرافا مختلفة من مهاجمة المنصة الإسرائيلية."
وفيما زعمت القناة أن "إسرائيل ولبنان يقتربان على ما يبدو من إبرام اتفاق حول الحدود البحرية بينهما بوساطة الولايات المتحدة" فإن هذا الطرح سيكون بطبيعة الحال مرفوضاً من المقاومة لما يحمل من تطبيع اقتصادي و"تعويض" لكيانٍ هو بالأساس يحتل فلسطين وثرواتها ولا حق له بأرضها وسواحلها ومياهها. وبالتالي فإن تهديدات حزب الله والسيد نصر الله التي يصبح بموجبها كل منشآت وحقول الغاز في السواحل الفلسطينية تحت مرمى الصواريخ، والتي تقلب الطاولة في المنطقة وتقطع طريق الغاز نحو القارة الأوروبية لا تزال قائمة وسارية المفعول.
وكانت الزيارة الماضية لهوكشتاين أواخر الشهر الماضي ومطلع الشهر الجاري قد أكّدت على رفض الحقول المشتركة أو الصناديق المالية المشتركة. وكذلك كانت المقاومة قد أبلغت هوكشتاين رفضها للطرح الشفهي الذي سبق وصوله والذي كان يتضمّن منح لبنان خط 23 متعرّج يقضم مساحة من البلوك رقم 8 لصالح الاحتلال.
يبدو أن هذا الطرح الجديد الذي لا يختلف في طيّاته عن سابقه (خاصة لناحية فرض التطبيع الاقتصادي) لا يعدّ سوى مراوغة إسرائيلية في المفاوضات ومحاولة كسب الوقت. وهو ما يؤدي الى توقع إرسال المقاومة الرسائل العسكرية التحذيرية على غرار رسالة الطائرات المسيرة الثلاث التي حلّقت فوق منصة "كاريش". فالمقاومة جديّة في تحديد المدّة الزمنية التي لا تتجاوز شهر أيلول / سبتمبر المقبل، لأنها "الفرصة" التي يحتاج فيها كيان الاحتلال الى تصدير الغاز نحو القارة الأوروبية وتحتاج فيها أيضاً واشنطن الى "الاستقرار" في الشرق الأوسط لضمان استقرار أسعار الغاز والنفط عالمياً.
لذلك يخشى كيان الاحتلال ومن خلفه الولايات المتحدة من تدحرج الأمور نحو التصعيد العسكري، وقد أشار موقع "نيوز وان" العبري الى أن "إسرائيل تطالب الحكومة اللبنانية بضمانات بأن يجمّد حزب الله تهديداته بمهاجمة جميع منصات الغاز في البحر الأبيض المتوسط، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قبل منتصف أيلول"، مضيفاً أن " هناك مصادر في لبنان تقول إن الشركات الدولية تخشى كثيراً تهديدات حزب الله بضرب كل منصات الغاز لإسرائيل في مياه البحر المتوسط، وهي تمارس ضغوطاً على إسرائيل لمنع أي توتر أو تصعيد".
وعن الرؤية الأمريكية لترسيم الحدود والمفاوضات، قال الموقع إن "واشنطن تريد التوصل إلى اتفاق بعد الانتخابات الرئاسية اللبنانية. الأميركيون يعملون على صيغة تسمح لإسرائيل ولبنان ببدء إنتاج الغاز الطبيعي في الوقت نفسه بعد التوصل إلى اتفاق بشأن حقوق الغاز وترسيم الحدود البحرية بينهما". لكنّ السؤال الأساسي يبقى حول تعليق المقاومة (الإعلامي أو السياسي أو العسكري) لو أصرّت الولايات المتحدة على ربط المفاوضات بالاستحقاق الرئاسي وترك باب الوقت مشرعاً ما يفقد لبنان "فرصته الذهبية" لسلك سكّة استخراج ثروته النفطية والغازية.
الكاتب: مروة ناصر