يقود الرئيس الأميركي جو بايدن معركته الانتخابية بشراسة. يجتهد في القضاء على زعماء التنظيمات الإرهابية في الآونة الأخيرة، رغم علم إدارته بأماكن تواجدهم منذ زمن. تحمّل عناء مصافحة ولي العهد السعودي والنظرات الإسرائيلية الحاقدة لأجل النفط أولاً وتعبيد الطريق للعودة للاتفاق النووي ثانياً. وآخر حملاته الدعائية: اقتحام مقر الرئيس السابق دونالد ترامب، للبحث عن وثائق "سرية"، لم يتضح إلى الآن ما إذا كانت قد عثرت عليها الشرطة الفيدرالية ام لا، وهو الأمر الذي سيستغلّه ترامب بدوره، وبشكل مثير، اذا حسم موقفه من الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة.
أثارت عملية اقتحام لمقر إقامة ترامب الشهير في ولاية فلوريدا، في "مار ألاغو"، -والتي تعني من البحر إلى البحيرة، (لأنه مطل على المحيط الأطلسي إلى الشرق، والممر المائي الداخلي في فلوريدا إلى الغرب)، انقساماً حاداً على مستوى القيادات الرفيعة المستوى في كلا الحزبين الديموقراطي والجمهوري.
وبحسب صحيفة الغارديان البريطانية، فإنه إلى جانب البحث عن المستندات التي يعتقد أنها قد أتلفت بعد خروجه من البيت الأبيض، فالرجل يواجه دعاوى قضائية عدة. ويمكن تلخيصها بالتالي:
اخفاء سجلات
أخطرت إدارة المحفوظات والسجلات الوطنية الأمريكية (نارا) في شباط/ فبراير، الكونغرس بأنها استردت حوالي 15 صندوقًا من وثائق البيت الأبيض من منزل ترامب في فلوريدا، بعضها يحتوي على مواد سرية. وأكد ترامب في وقت سابق أنه وافق على إعادة بعض السجلات إلى الأرشيف، واصفاً إياها بأنها "عملية عادية وروتينية".
الهجوم على مبنى الكابيتول
تعمل اللجنة المعنية بالتحقيق في هجوم 6 كانون الثاني/ يناير من قبل أنصار ترامب على مبنى الكابيتول على بناء قضية أنه خالف القانون في محاولة لإلغاء هزيمته في انتخابات 2020.
قالت نائبة الرئيس ليز تشيني إن اللجنة قد تقوم بإحالات متعددة إلى وزارة العدل لطلب اتهامات جنائية ضد ترامب، الذي يتهم اللجنة بإجراء تحقيق زائف. ففي ملف للمحكمة في آذار/ مارس، قدمت اللجنة بالتفصيل جهود ترامب لإقناع مايك بنس إما برفض قوائم الناخبين لجو بايدن، الذي فاز في الانتخابات، أو تأخير فرز الكونغرس لتلك الأصوات.
احتيال الكتروني
قال الديمقراطيون في جلسة استماع في يونيو /حزيران، إن ترامب جمع حوالي 250 مليون دولار من مؤيديه لتقديم مزاعم مزورة في المحكمة بأنه فاز في الانتخابات، لكنه وجه الكثير من الأموال إلى مكان آخر.
وقال خبراء قانونيون إن هذا يزيد من احتمال اتهامه بالاحتيال الإلكتروني، وهو ما يحظر الحصول على الأموال على أساس "ادعاءات كاذبة أو احتيالية".
وغيرها من قضايا التلاعب بالانتخابات خاصة في ولاية جوروجيا، حيث سرب تسجيل صوتي يطلب فيه ترامب من وزير خارجية جورجيا، براد رافينسبيرجر، "العثور" على الأصوات اللازمة لقلب خسارته في الانتخابات". وهو ما يمكن ان يجادل به ترامب بأنه كان منخرط بحرية التعبير ولا ينوي التأثير على سير العملية. إضافة للتحقيق الجنائي في نيويورك والمتعلق بالشركة العقارية لعائلة ترامب والتهرب الضريبي.
وما يجعل الأمر أكثر إثارة، بقيام الديموقراطيين بحشد كل هذه التهم والتجاوزات التي قام بها ترامب خلال فترة ولايته ما قبلها، أمران:
-الأول: هو ان "لا شيء قضائياً سيمنع ترامب من الترشح للرئاسة بعد سنتين"، بحسب خبراء قانونيين الذين أوضحوا بأن "لا نصّاً واضحاً بالدستور يمنع أي مواطن أميركي، حتى ولو كان مُداناً أمام محكمة أميركية، من خوض السباق إلى البيت الأبيض". في حين لفت مسؤول أميركي، كان في فريق ترامب الاستشاري خلال فترة ولايته، ان "وزارة العدل قد تنجح بإدانته بملف واحدٍ فقط، ألا وهو التهرّب الضريبي، والذي يمكن أن يدينه جرمياً من دون ان يُحرمه من حقوقه المدنية"، على حد تعبيره.
-الثاني: ان وزير العدل، ميريك غارلاند، الذي يتابع ملف التحقيق مع ترامب، وأشرف على مذكرة تفتيش مقر اقامته، كان قد حال الجمهوريون دون تعيينه عضواً في المحكمة العليا عام 2016، تحضيراً لفوز ترامب في ولايته الأولى.
وقبل تعيينه وزيراً للعدل بفترة وجيزة، تعهد غارلاند خلال جلسة استماع أمام لجنة العدل أن تكون "مكافحة التطرّف الداخلي أولويته الأولى إذا ما تمّ تثبيته على رأس الوزارة". معتبراً "أنّ التطرّف اليميني في الولايات المتحدة حالياً أسوأ مما كان عليه عندما قاد التحقيق في تفجير مبنى فدرالي في أوكلاهوما سيتي في 1995 في هجوم أسفر عن مقتل 168 شخصاً، واليوم هناك خطاً مباشراً بين اعتداء أوكلاهوما والهجوم الذي شنّه في 6 كانون الثاني/يناير حشد من أنصار ترامب على مبنى الكابيتول". وهو ما يجعل هذه الحملة، على رأي متابعين، ثأراً شخصياً لغارلاند.
الكاتب: مريم السبلاني