كشفت العدوان على قطاع غزّة في 5 أب / أغسطس 2022 عن الأطماع الشخصية لمسؤولي الكيان المؤقت، وعلى رأسهم رئيس الحكومة الحالي يايئر لابيد ووزير الحرب بيني غانتس، الذين يبحث كلّ واحد منهم عن "إثبات نفسه" كي يستحق منصب رئيس الحكومة ويفوز بالأغلبية في "الكنيست" مع اقتراب موعد الانتخابات الخامسة في تشرين الأول / أكتوبر المقبل.
كشف أيضاً البروفيسور الاسرائيلي أميحاي كوهين من المعهد الإسرائيلي للديمقراطية وعضو هيئة تدريس بكلية الحقوق في مقاله في صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية أن قرار العدوان لم يُتخذ بالتشاور مع كافة الأطراف والمستويات ما يكشف عن مشاكل بنيوية في "القانون الإسرائيلي" وفي الكيان.
المقال المترجم:
أُعلن في الأيام الأخيرة عن نقاش حول الحاجة إلى موافقة مجلس الوزراء السياسي ـ الأمني على بدء عملية “الفجر". وزعم الوزير نيتسان هورويتز أنه كان من الضروري الموافقة على الخطوة، ومن ناحية أخرى، رد رئيس الوزراء يائير لابيد بأن عملية من هذا النوع لا تحتاج إلى موافقة محددة من مجلس الوزراء.
من الواضح أن المستوى العسكري تابع للمستوى السياسي، الذي يلزم موافقته لبدء العمليات العسكرية - الكبيرة أو المحدودة. ومن الواضح أيضا أن أعلى مستوى سياسي في الأمور الأمنية بشكل عام، والتعليمات للجيش بشكل خاص، هي الحكومة. لكن الإجابة على السؤال حول متى بالضبط تحتاج الحكومة بأكملها إلى اتخاذ قرارات، ومتى تكون قرارات وزير الدفاع أو الكابينت كافية، غامضة للغاية.
هذا ما كشفت عنه حرب غزة الأخيرة، لأن قرار الحرب، بغض النظر عن عمقه الجغرافي وسقفه الزمني يتطلب اتخاذ قرارات المستوى السياسي في منتدى مهني وواسع، كي يسمح بمناقشة موضوعية وذات مغزى، إضافة للرقابة والسيطرة الحقيقية على النشاط العسكري.
في حرب لبنان الأولى، على سبيل المثال، اتخذت الحكومة القرارات الرئيسية، لكن البعض ادعى أن الوزراء لم يفهموا بالكامل عواقب قراراتهم. في حرب لبنان الثانية، كان أحد الانتقادات الرئيسية لأداء رئيس الوزراء إيهود أولمرت في بداية القتال يتعلق بطريقة اتخاذ القرارات التي لا تشمل التشاور مع أعضاء آخرين في الحكومة، ممن لديهم معرفة أمنية واسعة.
رئيس الحكومة ووزير الدفاع بيني غانتس ربما خشيا إن عقدا الكابينت المصغر لإقرار العملية على غزة أن يتم تسريب ما قيل بالضبط في الاجتماعات السرية، لكن هذا السلوك كشف عن عيب بنيوي في طبيعة النظام القانوني والدستوري في اسرائيل، خاصة فيما يتعلق بصنع القرار الخاص بالشروع في العمليات العسكرية، وتبين لاحقا أنه نظام ناقص بشدة.
تشير المعطيات التي بدأت تتكشف حول قرار العملية في غزة أن الهرم السياسي والدستوري في إسرائيل انقلب رأساً على عقب، فالمستويان الأمني والعسكري باتا يحددان أجندة مجلس الوزراء وليس العكس، مما نجم عنه ضعف بنيوي في تركيبة مجلس الوزراء، الذي ترك أغلبية مراحل صنع القرار في يد رئيس الوزراء ووزير الدفاع وقائد الجيش، دون إجراء بحث معمق ونقد فعّال، من الطبيعي أن تشهده المناقشات المهمة في مجلس الوزراء، لكن ذلك لم يحصل فعلا.
مع العلم أنه في ضوء الزيادة المستمرة في عدد أعضاء الحكومة، فقد يكون من المناسب تحديد الحد الأقصى لعدد أعضاء الكابينت المقلّص من أجل الحفاظ على مناقشة سرية وموضوعية، صحيح أن العملية في غزّة جاءت قصيرة. لكن ما حصل من اتخاذ قرار مباغت له، دون إبلاغ باقي الوزراء، يتطلب في المستقبل أن تكون الحكومة ورئيسها أكثر شمولا في قراراتها الخاصة بمسائل الأمن القومي، خشية التعرض لسيناريوهات سيئة، ومن أجل التعامل معها هناك حاجة ماسة لتعديل قانوني.
المصدر: يديعوت أحرنوت
الكاتب: أميحاي كوهين